بين الخطأ والاعتداء

mainThumb

26-07-2009 12:00 AM

خالد العلاونه
كثيرا ما تطالعنا الصحف اليوميه او المواقع الالكترونيه الاخباريه بأنباء عن تعرض طبيب هنا او كادر صحي هناك للاعتداء من قبل بعض المواطنين او المراجعين للمراكز الصحية والمستشفيات وعندها تقوم الدنيا ولا تقعد ونطالب بايقاع اقسى العقوبه بحق المعتدين دون الحديث عن السببب الذي دفعهم الى ارتكاب مثل هذا العمل الغير مبرر ونتجاهل الحديث عن تصرف هذا الطبيب او ذاك الممرض الذي ربما يكون استفزازيا في بعض الاحيان او قد يكون جارحا في احيان اخرى وانا هنا لا اسوق المبررات للاعتداء على الاطباء والكوادر الطبيه بقدر ما اريد ان ابين انه من غير الممكن ان ياتي مواطن ويسيء للطبيب دون سبب ومن الباب للطاقه كما يقول المثل وقد اردت الحديث عن هذا الموضوع من خلال تجربتي الشخصيه ، ففي احدى الليالي اصيبت والدتي بالم حاد في الرأس لم تستطع خلاله النوم فاضطررت الى حملها الى المستشفى رغم اصرارها على الانتظار للصباح ، وعند وصولنا الى المستشفى انتظرنا طويلا حتى تم العثور على الطبيب المناوب ولدى حضوره وقبل ان يسأل عن حالة المريضه وقبل الكشف عليها بادرني فورا بقوله ( يا أخي انتم ما بتمرضوا الا بعد نهاية الدوام ، يعني شو صار لو ان الحجه مرضت الصبح او خلال الدوام ) استشطت غضبا وهالني ما سمعت من انسان من المفروض انه مثقف ومتعلم قبل ان يكون حاملا لرسالة انسانيه وهو يعلم ان المرض لا يبعث بانذار لصاحبه ليخبره عن موعد قدومه والحقيقة اقول انني في تلك اللحظات وددت لو انني انهال على هذا الطبيب ضربا حتى يتعلم كيف يعامل الناس الا انني ضبطت اعصابي وطلبت منه ان يعالج والدتي دون ان يتفوه بكلمه لان هذا مستشفى حكومي وضع لخدمة ابناء الوطن وليس ملكا له ولم يشيده والده له وعندها تدخل طبيب اخر وابدى استعداده للنظر في حالة والدتي ومعالجتها الا انني بقيت مصرا بان يعالجها ذلك الطبيب الذي اراد لنا ان نمرض في ساعات الدوام حتى يتفرغ هو اثناء مناوبته اما لمشاهدة التلفزيون او لعب الشده او اجراء مكالمات هاتفيه مطوله .
عالجت والدتي وقفلت راجعا بها الى البيت ومنذ ذلك اليوم وكلما قرأت عن اعتداء على طبيب تقفز الى ذاكرتي تلك الحادثه فاجد نفسي لا الوم المواطن او المراجع الذي يجد في اعتدائه هذا متنفسا له عن استفزاز او تعامل لا انساني من بعض الاشخاص العاملين في مجال الرعاية الطبيه والذين تجد البعض منهم يتعامل مع الناس بطريقة متعجرفه .
على الطرف الاخر فكثيرا ما نسمع عن اخطاء طبيه ربما تكون قاتله في بعض الحالات كما حصل مع الحاج الحفناوي الذي ترك في غرفة مهجورة في احدى المستشفيا لمدة ثلاثة ايام الى ان تم العثور عليه متوفيا او حادثة الشابه دينا عبد العال التي آلمني ان اسمع اسمها بين اسماء الخريجين اثناء حفل تخريج جامعتها والتي ذهبت ضحية اهمال وتقصير من قبل الكوادر الطبيه في مستشفى من المفروض انه من احدث مستشفيات الوطن وغيرها الكثير من الحالات التي لا نجد لها ذلك الصدى الذي يلا قيه اي اعتداء ونسارع دوما الى خلق الاعذار لمرتكبي هذه الاخطاء بحجة انها تحدث في كل دول العالم وفي اكثرها تقدما وان اردنا ان نتحرك نقوم وعلى استحياء بتشكيل لجنة تحقيق وننتظر تلك اللجنه لتضع توصياتها ورأيها وما ان تخبوا نار الخبر حتى لم نعد نسمع عنه شيئا .
كأنه من المسموح للطبيب او الممرض او اي عامل في الكادر الطبي بان يخطىء حتى لو افضى خطأه الى التسبب بالموت محتجين دوما بان الاعمار بيد الله وان من قدر الله ان تنتهي حياة هذا المواطن او ذاك وان الله اختار له النهاية بهذه الطريقه ، اما المواطن فمن غير المسموح له ان يحتج على تلك المعامله القاسيه او السيئه او الجارحه في بعض الاحيان حتى لو كان احتجاجه بالاعتداء ويطلب منه دائما التحلي بالصبر اما م مشهد قد يرى فيه اهانته او اهانة والده او والدته ويطلب منه ان يتقدم بشكوى بحق من يسيء له وهم يعلمون ان كثيرا من الشكاوى تذهب ادراج الرياح او تظل حبيسة بادراج المكاتب .
لست مع الاعتداء على الطبيب لكني ارى انه قبل ان نطالب بوقف الاعتداءات المتكرره في مستشفياتنا ومراكزنا وقبل ان نهدد ونتوعد بايقاع اقسى العقوبه على المعتدين فلا بد من اجراء دراسة للوقوف على الاسباب التي تضطر المواطن او المراجع او المريض لارتكاب مثل هذا التصرف الخاطىء ولا بد ايضا ان نوجد برامج تثقيفيه للعاملين في مجال الرعاية الصحيه لتدريبهم على كيفية التعامل مع الاخرين وامتصاص غضبهم وسخطهم وذلك من منطلق انهم يحملون رسالة انسانيه قبل كل شيء


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد