الطالب الجامعي بين الترغيب والترهيب

mainThumb

27-02-2009 12:00 AM

العملية التعليمية عمادها الطالب والمعلم والمادة العلمية، ولن تنجح هذه العملية إلا إذا كانت العلاقة بين الطالب والمعلم قائمة على الثقة والمودة، والإحترام المتبادل، بحيث يعيش الطالب في جامعته آمناً مطمئناً محباً لأستاذه الذي يحرص على نقل المعارف والعلوم إليه بأسلوب حضاري علمي مفيد، وبطرق فاعلة ايجابية، فيها من الترغيب والتشويق، بحيث ينسى الطالب همومه وأحزانه، وما يمر به من أحداث قاسية، في ظل حنان أستاذه، الذي يفخر بطلابه عندما يراهم يناقشون ويحاورون بموضوعية وشفافية وصدق، لأنه غرس في قلوبهم وعقولهم هذا المنهج العلمي الحر القائم على قاعدة:(فكر لتؤمن) وليس (أطفئ نورعقلك ثم آمن).

إن وظيفة الأستاذ الجامعي الناجح تجاه طلابه أن يقبل عليهم بالإبتسامة، ويحدثهم بالكلمة الطيبة، التي قال الله عنها : " ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها " ، ويوجههم الى الخير ومعالي الأمور، ويسعى لغرس العلم النافع والأدب الجم والأخلاق الفاضلة في سويداء قلوبهم وعقولهم ونفوسهم، ثم يحلل لهم المادة العلمية ويسهل عليهم طريقة التعامل معها ضمن خطة مدروسة وبأسلوب فيه من الترغيب والجاذبية الفكرية والنفسية بحيث يستجيب له طلابه، لأنه احتواهم بمحبته لهم، وقربه منهم، وتفاعله مع أطيافهم المتنوعة، وإذا لمس الطالب من أستاذه هذا الحرص والتفاني والإنسانية في التعامل فإنه يكبر أستاذه احتراماً وتقديراّ ،عندها يفجر طاقاته وامكاناته من أجل تلقي وفهم المعارف الجديدة من أستاذه الإنسان الصالح لطلابه وأمته ودينه، ولأن التربية بالقدوة من أنجح الوسائل التربوية.

ومن المآسي القاتلة أن تجد أستاذاً يتعامل مع طلابه بالترهيب والقطع والبتر، بغض النظر عن مستواهم في البكالوريوس أو الدراسات العليا، ونسأل الله أن يكون أمثال هؤلاء قلة، لأنهم يشكلون انتكاسة حقيقية للعملية التعليمية، فمن أول لقاء مع طلابه فإنه يبدأ بتسفيه أفكارهم، وتهديدهم إن غابوا حتى ولو بعذر مقبول بالحرمان من المساق، وقاصمة الظهر أنه يبدأ بتحطيم نفسياتهم وقدراتهم وامكانية أن يكونوا مقبولين في دراستهم، والحجة أنهم أغبياء لا يفهمون، وليس عندهم استعداد للتقدم ولو لخطوة واحدة، وبعض الأساتذة يتعالى على طلابه، وكأنه من عالم غير عالمهم، يحاول أن يشرح المادة بجفاف، دون إستثارة هممهم، أو محاورتهم بالتي هي أحسن، والنتيجة أن تغلق نفوسهم وعقولهم عن التلقي والفهم، فتموت بذرة الإبداع، ويصيبهم اليأس، لأنهم يعيشون في رعب ورهبة من الأمر القادم الذي ينتظرهم، عندها يكون الفشل للطرفين.

وإذا أحببنا أن ننجح في جامعاتنا فلا بد أن نكون مع طلابنا كالجسد الواحد، نربيهم على العزة والأعتزاز ، نغرس في أعماقهم تقمص شخصيات أساتذتهم العلماء، وأن نكون قدوة حسنة لهم في الأقوال والأفعال، وأن نصوغ من شخصياتهم بناة هداة لدينهم وأمتهم ووطنهم، نعلمهم الإنتماء الحقيقي لكل الصالحات التي تحيي القلب والروح والجسد، نعلمهم كيف نحافظ على صرح الجامعة، لتبقى قلعة إباء وشموخ في حاضرها ومستقبلها علماً وأدباً وأخلاقاً.

dralqudah@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد