قراءة جديدة للوعد المشؤوم

mainThumb

02-11-2007 12:00 AM

في مثل هذا اليوم (2/11/1917) صدر الوعد البريطاني المشؤوم، للحركة الصهيونية، بإنشاء دولتها في فلسطين، في الرسالة التي أعلنها بلفور، وزير الخارجية باسم حكومته، والتي جرى استغلالها في ما بعد، مسوغ قانوني لإقامة (اسرائيل) في عام ,1948 بعد رحيل قوات الانتداب البريطاني في الموعد ذاته، عن فلسطين! لم يقتصر التحالف الامبريالي: الصهيوني ـ البريطاني، على الوعد، بل تجاوزه الى التنسيق الكامل بين الجانبين ماديا وتسليحا، ومساعدة فائقة في تهجير اليهود من كل بقاع العالم الى ما أصبحت تسمى بـ (أرض الميعاد)!
لعل معظم الفلسطينيين والعرب يعرفون عن بلفور، جانبا واحدا فقط، وهو الوعد. لكن ما أظهرته الوثائق البريطانية بعد مضي الفترة الزمنية القانونية من أجل الإفراج عن السرية جدا منها، كشف جانبا آخر من طبيعة وآراء وزير الخارجية القبيح: وهو، النظرة العنصرية الى العرب، من خلال القول (ان القوى الأربع العظمى تلتزم الصهيونية. والصهيونية، صوابا كانت أم خطأ، خيرا كانت أم شرا، متجذرة في تقاليد عريقة، وفي حاجات حالية، وفي آمال مستقبلية. وهذه كلها، أهم، وأعمق بكثير من رغبات وأهواء الـ 700 ألف عربي، الذين يسكنون الآن هناك)!

بلفور في تصريحه ونظرته... كان يعكس وجهة وآراء حكومته الاستعمارية البغيضة، ان في اقتسام المصالح مع الحركة الصهيونية، أو في النظرة الاستعلائية الدونية من قِبل الجانبين الى العرب، فقد كشفت الوثائق البريطانية (والأخرى الغربية) عن نص تقرير كامبل بنرمان (رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، وهو من حزب الأحرار)، والذي جرت صياغته في عام ,1907 وفي ما بعد تحول الى اتفاقية، جرى توقيعها في عام ,1908 بين كل من بريطانيا وفرنسا، بالاضافة الى: بلجيكا، هولندا، البرتغال واسبانيا، وجاء في النص ما يلي:
إننا نوصي بضرورة العمل على فصل الجزء الافريقي من المنطقة العربية عن جزئها الآسيوي، ونقترح لذلك إقامة حاجز بشري، قوي وغريب، على الجسر البري الذي يوصل آسيا بأفريقيا ويربطهما معا بالبحر المتوسط، بحيث يشكل في هذه المنطقة وعلى مقربة من قناة السويس، قوة حليفة للاستعمار وعدوة لسكان المنطقة)!

هذا التقرير/الاتفاقية... كان الأساس والخلفية الحقيقية لاتفاقية سايكس ـ بيكو (الموقعة في 9 أيار 1916) لتقسيم الوطن العربي الى دول عديدة، وإبقاء مناطق جغرافية متنازع عليها بين هذه الدول، وقضايا اخرى... في سبيل منع وحدتها! الثورة الروسية في عام 1917 كشفت هذه الاتفاقية بكل بنودها وأعلنتها على الملأ... الأمر الذي:
أولا: فضح حقيقة التوجهات الاستعمارية البريطانية في المنطقة، والتي حرصت آنذاك على تغليف أهدافها برسالتها (الحضارية) ان في الانتداب على فلسطين، أو في استعمار بعض الدول العربية!

ثانيا: أضعف موقف القيادات العربية (آنذاك)، التي تصورت الوقوف مع بريطانيا في الحرب العالمية الأولى، بأنه سيكون ثمن استقلال بلادها من/عن الدولة العثمانية (الاستعمار التركي).

بريطانيا، ان في إعدامها لكل المناضلين العرب (في فلسطين وغيرها آنذاك) في ظل التسهيلات التسليحية (والأخرى) التي منحتها للحركة الصهيونية، أو في دخولها طرفا رئيسيا في العدوان الثلاثي على مصر في عام ,1956 أو في مساهمتها الأساسية في احتلال العراق (حديثا)، وصولا الى تآمرها مع اسرائيل، التي كانت قد وقعت اتفاقا مع السلطة الفلسطينية، بضمانة بريطانيا وأميركا للاتفاق، وبالحراسة من البلدين على سعدات ورفاقه في سجن أريحا، وقيام الحراس من البلدين، بالانسحاب من السجن قبل دقائق معدودة من هجوم القوات الاسرائيلية على السجن واختطاف المعتقلين. بريطانيا تلك تظل هي بريطانيا الآن، ولكن بقفازات حريرية رغم مرور تسعين عاما على وعد بلفور!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد