نصيحة إلى كل رئيس وزراء جديد

mainThumb

09-12-2009 12:00 AM

موسى إبراهيم أبو رياش

لستُ من هواة تقديم النصائح ولا محترفيها، وفكرة هذه المقالة كانت تراودني منذ أمد بعيد، وحان الأوان لظهورها. وليس المقصود بها رئيس وزراء بعينه، وإنما كل من يتسلم أمانة المسؤولية مهما علت أو دنت.

من منغصات كل وزارة جديدة أنّ?Z أصحاب المعالي الجدد يقضون أيامهم الأولى في استقبال المهنئين والمباركين على حساب العمل والإنجاز، ثم يقضون أياماً مكتبية طويلة للتعرف على وزاراتهم وأقسامها وعملها. ويا حبذا أن تمنع التهاني والتبريكات أثناء أوقات الدوام الرسمي سواء بالاستقبال أو الاتصالات الهاتفية والخلوية، وكذلك منعها في الصحف لما فيها من تبذير وإسراف ونفاق.

والوسيلة الأفضل للعمل الأمثل في الوزارة أن يقضي كل وزير أيامه الأولى في زيارات ميدانية للمديريات والمشاريع التابعة لوزارته في المحافظات والألوية على امتداد الوطن، والاستماع للمشاكل والملاحظات على أرض الواقع، وإن كان هناك من مجال للتخفي فهو أفضل اقتداء بقائد البلاد الملك عبد الله الثاني ابن الحسين ومن قبله الملك الباني الحسين بن طلال رحمه الله. أما الاستماع لتقارير وضعت لإرضاء المسؤول وهي تجافي الحقيقة والواقع فهو مجرد إضاعة للوقت وهدر للجهود وإغماض للعين عن واقع مختلف كل الاختلاف.

ومن الأمور التي يفترض أن تؤخذ بالحسبان منع تغيير أثاث مكتب الوزير إلا لأسباب مبررة كتلف الأثاث، أما أن يقلب كل وزير مكتبه رأساً على عقب فهذا أمر مرفوض لا يقبله مخلص لوطنه، ومن المؤمل أن يرتبط تغيير المكاتب بمدة زمنية محددة لا يجب تجاوزها مهما كانت الظروف. والأمر نفسه ينطبق على موظفي مكتب الوزير، فليس من اللائق أن يغير الوزير طاقمه كما يغير أثاث مكتبه، فهؤلاء موظفين معينين رسمياً، ولا يجوز أن ينقلوا إلا لمصلحة العمل، لا وفق مزاج الوزير وعلاقاته وتوصيات حرمه المصون.

إنّ?Z ضبط النفقات وتقليصها في حدها الأدنى، والمحافظة على المال العام وإنفاقه في مواطنه بقدر معلوم، مطلب ملح وضروري للتخفيف من عجز الموازنة وتقليص المديونية، ومن ذلك التقليل ما أمكن من السفرات السياحية الخارجية تحت غطاء الدورات والتبادل الثقافي، فمردودها غالبا?Zً لا يتجاوز الصفر، وفي عصر الإنترنت وثورة الاتصالات لا معنى لسفرات خارجية يمكن أن يستعاض عنها بوسائل اتصالات حديثة أكثر فائدة وأكبر جدوى وأوفر للوطن.

وفي الباب نفسه يدخل استقبال الوفود الخارجية بلا فائدة، وإقامة الاجتماعات والحفلات ومآدب الغداء والعشاء في الفنادق على حساب الخزينة التي تعاني عجزاً مزمناً، وبدلاً من ذلك لم لا تستغل قاعات الوزارات وما يتبع لها وهي تفي بالغرض مع قليل من الإعداد والترتيب.

إن الأردن ليس عبدون أو الصويفية أو دير غبار فقط بل هناك وادي الحدادة والوحدات وجبل التاج وجناعة وحي الكسارات وحي الشلالة و .... وكل مواطن في هذا البلد له حق يتمنى أن يحصل عليه دون نظر إلى منطقته أو قبيلته أو أصوله أو دينه أو علاقاته، فأبناء الوطن سواسية لهم أن يعيشوا بأمن وأمان وطمأنينة وسلامة وكرامة، وأن يكفل لهم العيش الكريم دون منّة أو تفضل. ومن مهمات كل رئيس وزراء أن يتجول في ربوع الوطن يتقصى أوضاع الناس ويطلع على معاناتهم ومشاكلهم بزيارات فجائية غير مبرمجة وأن يشاهد الواقع دون تزييف أو مكيجة، وليكن قلبه دليله، فالقلب المخلص يقود صاحبه حيث منفعة الناس وحاجتهم.

ومن المؤمل أن تراجع كل وزارة مشاريعها القائمة بهدف التقييم والبناء لا الهدم والإقصاء، والعمل المؤسسي يتطلب أن تتكامل الجهود وتتواصل من أجل التنفيذ وإتمام البناء وإعلاء راية الوطن خفاقة في الأعالي.

إن الشفافية والانفتاح على المواطن وتوفير المعلومة الصحيحة الدقيقة لمن يطلبها من ركائز النجاح ومن دعائم كسب الثقة، وتعطي المسؤول قوة، وتمنحه قبولاً عند المواطنين، وتجعل كل هؤلاء عوناً وسنداً له، مخلصين في النصيحة، داعمين له في كل موقف.

إن التعامل بروحية أن الوزير جاء لخدمة المواطنين وتلبية حاجاتهم المنوطة بالوزارة، وحل مشاكلهم وجعلها أولوية على ما عداها يجعل من الوزارة بوزيرها بؤرة للعمل والإنجاز والنشاط المقترن بالحب والولاء لهذا الوطن، أما اعتبار الوزارة محطة للراحة والتكسب والاستعلاء على خلق الله والتحكم برقابهم فهو أمر مرفوض لا يقبله أي إنسان ولا أظن وزيراً مخلصاً يقبله.

وإلى كل رئيس وزراء جديد ... المواطنون هم إما أب أو أخ أو ابن أو أم أو بنت أو أخت، فكن لهم كما يأملون منك، وهم إن أعطيتهم سمعك وبصرك أعطوك قلوبهم، وإن منحتهم قلبك وهبوك أرواحهم دون تردد، فالله الله فيهم ... لا تخيِّب لهم أملاً، ولا تفشِّل لهم رجاءً.

الوزارات تذهب وتجيء، والوزراء في بلدنا لا عداد لهم، ولكن قلة منهم بقيت في قلوب الناس، تحظى بمحبتهم واحترامهم وتقديرهم، والوزير العاقل هو من يضع رصيده في قلوب الناس ليكسب احترامهم وثقتهم ومحبتهم ودعواتهم، والغافل فقط هو من يحرص على تضخيم رصيده البنكي الذي لن ينفعه لا دنيا ولا آخره !!

mosa2x@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد