رخصة قياده .. مع مرتبة الشرف .. !!!

ومضات

رخصة قياده .. مع مرتبة الشرف .. !!!

24-11-2009 12:00 AM

منال خضر

لأني أحب أن أتعلم كل شيء .. فقد خطر ببالي تعلُّم القيادة ومن صغري وأنا أسأل أبي عن كيفيتها وكان يعلِّمني القيادة نظريآ طبعآ . وأخبرني الكثير عن كيفية التعامل مع أي طارىء وعن المركبة وأجزائها وعن ميكانيكيتها وأساس سيرها وكيفية المحافظة عليها ومراعاتها والكثير الكثير من النصائح والإرشادات .. وفي يوم من الأيام عرضتُ عليه أن اتعلم القيادة وآخذ الرخصة .. ففاجئني برفضه الفكرة بتاتآ وازاح وجهه عني وطلب من والدتي إخباري بعدم تكرار ما طلبتُ مرةً أخرى بقوله لها بغضبٍ شديد : " قولي لبنتك ما تفاتحني بالموضوع مرة ثانيه " وانتظرت عدة أشهر حتى إستأنفتُ الرجاء والتوسلات وعاودتُ طرح الفكرة مرةً أخرى علّ?Zني اعلم لماذا هذا التشدد والرفض لهذا الامر( العادي جدآ ) وبعد جهدٍ جهيد ليس بإقناعه بل لمعرفة السبب فقط .. دعاني إلى غرفة الضيوف (غرفة الإجتماعات المغلقة ) وأخبرني عن حادث مأساوي رآه أمام عينيه وكانت الضحية أمٌّ وأطفالها الأربعة في مشهد فظيع ومرِّوع .. وكانت الأم هي التي تقود السياره ومن يومها حفر فكرة في رأسه مفادها ان المرأة لا يجب أن تقود أي شيء وخصوصآ المركبات .. فقلت له: هذا قضاء وقدر .. والحادث بدُّه يصير .. فاستطرد حديثه قائلآ : إنتي لو صار معك إشي مستعده تدخلي السجن ..؟؟
فتفاجئت بسؤاله وقلت له أدخل السجن .؟؟!! ليش ؟؟ قال : طبعآ لو دعستي واحد وصارلو إشي راح تدخلي السجن . فقلت له : السجن السجن؟ فقال لي : آه السجن السجن .. فقلت له : ما تخاف إنشالله ماراح أدعس حدا إنت بتعرفني منيح بس اتعلم شغله بتقنها .. المهم بعد التوسلات الخائبه تارةً والمبشِّره بالخير تارةً أخرى وافق أبي على فكرة التدرب على القياده عمليآ .. فأنتسبت لمركز تدريب محترم وكنت آخذ الحصص يوميآ وبرفقتي والدتي أطال الله بعمرها دون كلل وملل وقد تجوّلت في شوارع كان يختارها المدرب للتدرب على جميع احتمالات القيادة وما يمكن ان اواجهه من عقباتها حتى أيقنت وأثبتُ براعتي بالقيادة واســـتحسان وأنبهار مدربي بي .. وبعـــــــد ان تقدمتُ للإختبار النظري بنجاح باهر جاءت ســــــاعة الفحص العملي ..الإمتحان وطبعآ في هذه اللحظة يكرم المرء أو يهان ولا أخفي عليكم شعرت بحالة مغص وبرد ورجفه ولعثمه وشحوب وزادت دقات قلبي عندما سمعت المنادي ينادي منال خضر.. منااااال فسلمتُ على أمي و صديقاتي اللواتي تعرفت عليهن في ساعات الإنتظار وطلبت منهن الدُّعاء لي وتوجهت وركبت السيارة بجانب الضابط .. وفي تلك اللحظه إرتبكتُ كثيرآ وبدأتُ أرتجف وبدأت الدموع على وشك الإنهيار من عيني وبدأتُ بالمأمأه عندما سألني الضابط ( شو إسمك يا منال ..؟؟!!) إنسابت دموعي قبل ان تنساب?Z الكلمات .. أحسستُ بالبرد الشديد .. كنت اعلم بأني لا أقوى على الإستمرار .. أصابني تشنجٌ في ساقي لم أستطع تثبيتهما على الدواسات وبدأت أرجلي تتراقص بردآ خوفآ رعبآ لا أدري .. شعرت بأني وللمرة الأولى أجلس خلف المقود لم ادري كيف أبدأ وبما أستهل الإمتحان .. سمعتُ صوتآ خفيآ من الضابط يقول لي : حزام أمان . زبطي المري فنظرتُ إليه ببلاهه وقلت له ها..؟ فسمعتُ نفس الصوت من نفس المصدر يقول : غماز شمال ومن ثم صوت يهدِّىء من روعي " ليش خايفه إحنا مثل إخوانك " فأغمضتُ عينيّ?Z محاولةً مني طرد تلك الدموع البائسة التي لم أعد أحتاجها الآن , فأنا في أمان ..!

كنتُ انتظر من حضرة الضابط أن يملي عليّ?Z الخطوة التالية فكانت المفاجئة الكبرى أقصد الطامة الكبرى عندما قال لي : اتركي الدواسات وركزي بالستيرنغ ..!!
يا ويلي ما هذا السرور فأزحتُ قدمي بصعوبةٍ فائقةٍ بعد ان ثقلت وتركزت بها كمِّياتٍ كبيرةٍ من الخوف والرهبة .. أزحتها ووضعتها جانبآ وكأنها لا تعنيني بشيء ولن تفيدني فهناك أرجلٌ خفية تقوم بالواجب عني ..!!

وبكل سهوله ( طلعت الطلعه ) هذه الطلعه التي غثّ?Zت عليّ?Z منامي وكنت أحلم بها يوميآ وأرى نفسي أدحل للخلف وأسقط وأصطدم بكومة الحديد وكومة السيارات المحطمة وتتلاشى أشلائي بين تلك الخرده .. والآن ها انا اتجاوزها بكل براعه وسط نظرات المعجبين والمعجبات واسمع أصداءآ لكلمة ( وااااو) وها أنذا أسمع تمتمات أمي بالشكر والدعاء ..

أكملتُ السير.. أقصد أكملتُ المهزله وأنا في حيرة من أمري ولا ادري ما يحصل حولي لم أرى أحدآ أمامي كنت أسمع نفس الصوت من نفس المصدر يلفتُ نظري أوعي الزلمه .. ديري بالك الكشك ..
حُطِّي غماز .. وانا أردد غماز إيش غماز إيش..؟؟

سرتُ في ذلك الطريق وكأني أرى معالمه لأوّ?Zلِ مرةٍ في حياتي .. مع أنّ?Z مدرِّبي جاء بي أكثر من أربع مرات ليجري لي إمتحانآ تجريبيآ في نفس المنطقه وقد حصلتُ على إطرائه وقد أثنى علي عدة مرات لعدم ارتكابي أي خطأ ..!! ولكني إرتكبتُ أخطاءآ كثيرةً لا تعد ولا تحصى في تلك الرحله ( في يوم الإمتحان الحقيقي ) وعرفت ذلك من أحاديث الضابط ومساعده الذي كان يجلس بالخلف لأني سمعت حضرة الضابط يقول للآخر: آه ..شو رأيك بهيك غلطه ..نمشِّيها ..؟ ويرد عليه الآخر مشِّشِّييها ..!

ووصلنا للبوابة في طريق الرجوع لنقطة الإنطلاق وكدْتُ أُحْدِث كارثةً آنذاك لتراكم عدد كبير من المراجعين عند البوابة فقلت في نفسي (خلااااااص إذا مشولي هضلاك الاخطاء مش راح يمشولي هاي ..) وقبل ان نصل بثواني سمعت حضرة الضابط يتمتم (شو بيقربلك فلان ..؟؟! ) ....
أها ..!! فلان هذا ابن عمي لزم ... (مع العلم ان فلان هذا عمري ما شفتو بس بسمع عنّو انو من العيله.! ) ثم تابع?Z الضابط قائلا :.. أدخلي بثقه وارفعي راسك .. فنفذُّتُ أوامره بسرعه .. ووقفت السياره وللأسف .. ط?Z?Zفت السياره .. وكأن الله كان يريد ان يكشفني .. ورجعتُ وكلّ همي أن أرتمي بين أحضان أمِّي وأخبرها بفشلي الذريع .. ولكني تفاجئتُ عندما سمعت أصواتآ من هنا وهناك تبارك لي وتحسدني على إجتياز الإمتحان بنجاااح ...!!!!

نعم لقد نجحت .. !!

أنا أعترف وبكل صراحه انني امام المدرب كنت اقود السيارة بكل براعه ولكن أمام ضابط الفحص حصلتْ اخطاءٌ كثيرة .. وكنت أعلم انني سوف ارتكب العديد من الاخطاء بسبب الإرتباك .. ولكني كنت أريد التقدم للامتحان لمعرفة ما هي الأخطاء التي ارتكبتها حتى يمكنني تفاديها المرة القادمة في الامتحان الثاني ..
ولكنهم نجّ?Zحوني ..! لا أدري .. علامة استفهام كبيره ارتسمت بداخل مخيلتي ..
تذكرتُ كلام والدي ان فكرة ان أقود سيارة في طريق عام هي شيء كثير .. انها شيء كثير بسبب انه يوجد اناس يسيرون معي في نفس الشارع وهناك ايضآ المشاة الذين اسبقهم بسبب عامل السرعه الموجود معي ومع مركبتي .. وأن آخذ بعين الإعتبار أن هناك أناسُ لا يفقهون شيئآ بفن القيادة وذوقها وأخلاقها .. لأني على يقين تام بأن ما حصل معي في يوم الإمتحان قد سبق وقد تكرركثيرآ .. وقد تعاطف?Z ضباطٌ آخرون مع فتيات أخريات و .. و .. و ..
كان قد تردد على مسامعي انه حصل وان أخذ بعضهم رخصة القيادة وهو في بيته دون عناء وشقاء .. ولكني لم أصدِّق ما سمعت إلا عندما رأيتُ ما رأيت ..!
نعم عرفت الآن لماذا كان يصرّ?Z والدي على رفضه حصولي على الرخصة وكأنه كان يحاول ان يقول لي بأنه عندما يقود احدهم مركبه هو شيء كبير ..
وأنتم جميعا تعرفون أهمية هذا وما هي عواقب هذا الموضوع في حالة عدم معرفة سائق او سائقة المركبه كيفية تلافي الاحداث الفجائية ..
الحامي هو رب العالمين .. نعم .. ولكن لكل شيء سبب ..
أريد للجميع ان يترك لمخيلته الخيال الواسع وان يسرح بتفكيره للبعيد وللبعيد جدا . حتى يصل إلى آخر المطاف .. بدون ان يصل الى طريق مسدود ..
هل نسبة حوادث السير المرتفعه في البلاد سببها هذا ..؟
أم ان المواطن عندنا اصبح عديم المسؤوليه .. ؟
أم ان قانون السير والامتحان والتدريب يفتقر للتحديث او للتطوير ..
أم انه يجب ايكال موضوع التدريب والفحص لاحدى الشركات المتخصصه بهذا المجال والتي سوف تضع قوانين صارمه بذلك ..
هناك خلل ما .. في مكان ما ..
ولكن في النهاية لا يصح الا الصحيح ..