بين دولة الدراويش ولانغكاسوكا

mainThumb

25-09-2010 06:54 AM

 بين دولة الدراويش ( اسم الصومال في بداية القرن العشرين ) وبين لانغكاسوكا ( ماليزيا ) هناك  حاليا مسافة حضارية كبيرة وموقعين  عالميين  متباينين  من جميع النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية  ، وسبب اختيارالمقارنة بين الصومال وماليزيا هي تبادلية التغيرات وسرعتها  والتي حدثت لكل منها ، حيث قفزت ماليزيا من لا شيء الى كل شيء وانحطت الصومال من كل شيء الى لا شيء تماما .


وهنا نجد لازاما على المفكرين وأصحاب القرار التفكر في أسباب التبادلية في الحضارة وذلك بدراسة  تجربة كلا من الصومال وماليزيا كنماذج فشل ونجاح أمم ، وبالتالي ايجاد نقطة وقوفنا واتجاه حركتنا .


وبأختصار بسيط نسوق المثالين كنقاط ارتكاز لدراسة موقعنا نحن بالمعنى الاقليمي والمعنى الأشمل ، في نفس الوقت الذي يتمترس نخبنا المحسوبة علينا كطليعة مفكرة بالاردن  للنظر في قضايا اقرب للقضايا الولادية من حيث الشخوص والامكنة  والافكار وضمن سياسة الردح والقص واللصق واحيانا البصق .

 
دولة الدراويش
 

دولة تحكمت قديما بتجارة الذهب في  الشرق الافريقي لقرون طويلة وسيطرت على امبرطوريات وممالك ودول ، واستطاعت ان تصد الهجوم البريطاني أبان الحرب العالمية الاولى اربع مرات وتنجح في البقاء كدولة وحيدة عصية على الاستعمار البريطاني او الفرنسي لمدة ربع قرن تماما وبقيت هي الدولة الوحيدة المستقلة فعليا في افريقيا طوال فترة ليست بقصيرة في عمر الحرب العالمية الاولى و عاصمتها سميت سابقا مدينة الاسلام .... هذا الحال السابقة  لدولة الدراويش كما كانت تسمى قديما والتي تسمى الان الصومال .


في الصومال اليوم هناك شوارع تحكمها ثلاث حكومات متعاقبة في اليوم ، وهناك  عائلات بكاملها لا تزن المائة كيلو غرام مجتمعة وهو وزن هياكلهم  العظمية ،  وفي الصومال اليوم  قد يقتل الانسان لتجريده من قميصه الذي يلبسه فقط حيث يعتبر ثروة احيانا ورفاهية قد يتم حرمانه منها بسهولة متزامنا مع خلع حياته ايضا بنفس الوقت .


كيف أصبح الصومال مخترقا ومحترقا ويفيض بقطاع الطرق وقراصنة البحر ويصدر المتسولين لكل بقاع العالم تهريبا عبر انابيب او قوارب او كراتين ...؟

 
نحن بحاجة لاستقراء النتائج  والافكار من تجربة دولة الدراويش وكيف اصبحت دولة الملاطيش  وبحاجة ايضا لمعرفة اسباب انحطاط حضارة كاملة وأنهيار مجد بناه السلف وسحقه الخلف .

 
الاصل في الموضوع ان الصومال  كانت دولة تملك المقومات الرئيسية لبقائها ولان النتيجة الان  مفزعة ، وبحكم ان كثيرا من الدول العربية  تملك الظروف والبيئة السياسية المشابهة لبيئة الصومال سابقا فعلى المفكرين  والمثقفين دراسة الحالة الصومالية والتعمق  في اسباب الانهيار منذ الحرب الباردة والمناوشات مع اثيوببا  والانقلاب في عام 1978  والحروب الاهلية منذ ذلك  التاريخ وحتى يقضي الله أمرا كان مفعولا  .

 

لانغكاسوكا (  ماليزيا )

 
دولة ميلادها كان عام 1963 ، وهذا التاريخ يعتبر بعمر الدول صفر ، قبل سبعة وأربعون عاما لم تكن دولة ، بل كانت عبارة عن 14 دولة وتجمع شعبي وجزر متناثرة ومكونة  من أعراق متعددة  اتفقت على انشاء دولة  كان من احد اسماؤها المقترحة لانغكاسوكا ثم استقر الامر على ( ماليزيا ) .



رغم انسحاب دولا منها لاحقا  الا انها استطاعت أن تحافظ على كيانها كدولة رائدة اقتصاديا وسياسيا مع تنازعات داخلية حتى عام  1969 ، حيث يعتبر هذا التاريخ هوميلادها الحقيقي كما نعرفها الان وبعد استقرار الدولة على مكوناتها بعد الانسحابات المتتالية من دول كانت ضمن دولة  ماليزيا .

 

   استطاعت ماليزيا بعد عام 1969 المحافظة على توازن عرقي سياسي دقيق مع منظومة حكم استطاعت احكام التوازن والسيطرة العلمية والعملية على السياسات الاقتصادية والاجتماعية مع المشاركة العادلة لجيمع الاعراق التي شكلت هذه الدولة والتي تسمى اليوم بماليزيا .

 

في ظل حكومة محمد مهاتير استطاعت ماليزيا ان تقول كلمتها على الصعيد العالمي الاقتصادي واستطاعت ان تفرض نفسها على العالم الاسلامي كعنصر فاعل له دوره الريادي ، واصبحت تجربة ماليزيا تدرس في الجامعات العالمية نموذجا على النشوء الراقي للدول .

 

وما بين تجربة الصومال السلبية وتجربة ماليزيا الايجابية وجب علينا كحد أدنى النظر الى اقدامنا لمعرفة اين نقف وبأي اتجاه نسير ( هذا في حالة معرفة أقدامنا من رؤوسنا ) ؟ .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد