ديمقراطية مع وقف التنفيذ !

mainThumb

27-09-2010 07:08 AM

لا شك إن ما يمر به الوطن اليوم من حالة غياب لدور الدولة الأردنية وهيبتها، قد أصابت الوطن والمواطن معاً بنوع من الحيرة والشك، وغياب وتلاشي هيبة الدولة ليس لمصلحة أحد، إلا أعداء الوطن الحقيقيين، وليس هناك غير الصهاينة من له فائدة من ذلك، ما يحدث في وطننا العزيز ليس تراجعاَ عن المسار الديمقراطي كما يتصور أصحاب النوايا الحسنة، لكن ما يحدث بكل أسف تولي الأمر لغير أهله، وبالتالي ابتلى الوطن بحكومات لا يربطها مع الوطن إلا مصالحها الضيقة.

 

ورأينا حكومات الموظفين الكتبة هي السائدة وهي التي تبيع أهم مؤسسات الوطن لشركات وجهها عربي كما يبدو وباطنها لا يعلمها إلا علام الغيوب، كما هو الحال مع إحدى الشركات التي بعض الوزراء الأردنيين كانوا موظفين لديها، واليوم نرى أهم الأراضي والمؤسسات التي بعضها يعتبر صميم الأمن الوطني قد بيعت لتلك الشركة بأسعار زهيدة جداً.

 

هذه الحكومات التي ابتلي بها الوطن خاصة بعد معاهدة وادي عربة، هي من قزمت هيبة الدولة وجعلت الوطن وكأنه سلعة للبيع، الأمر الذي أفقدها وزنها وقيمتها إذا كان له قيمة ووزن أصلاً، ولو نظرنا لتجربتنا منذ عام 1989 أي منذ هبّة نيسان  على حكومة الرفاعي الأب ، وما تلاها من هامش ديمقراطي أفرزته بلا شك الهبة الشعبية وليس مُنة من أحد، تلك الهبّة التي كان للأخوة في معان الصامدة الفضل الأول في إشعالها، فهي هبّة أشبة ما تكون بالثورة التي انطلقت من القاعدة وتحديداً من معان الأبية التي كان لها الدور المميز على مدار التاريخ في مسيرة هذا الوطن منذ تأسيسه، وكانت تلك الهبة جرس إنذار للحكومات الفاسدة المتعاقبة، وكرت احمر ولكن للأسف الحكومات المتعاقبة خاصة بعد معاهدة وادي عربة، قرأت ولا تزال تلك الرسالة بالعكس، ونراها اليوم قد زادت شراسة وتخبط بمحاولات قمع وإرهاب الرأي الآخر ، وليس أقرب لذلك الاعتداء السافر الذي تعرض له المناضل ليث شبيلات في وضح النهار، وحرمان المناضلة توجان فيصل من حقها الدستوري بالترشح للانتخابات تحت حجج مفلسة، والحكومة قبل غيرها أول من يعلم بطلانها، وصولاً ما تعرضت له صحفنا الملتزمة مثل المجد والسبيل والوحدة والمواقع الإلكترونية، وبالمقابل كان هناك رسائل عديدة وجهت لتلك الحكومات التي لا تقرأ .

 

بدءا من ظاهرة الاعتصامات من مؤسسة الموانئ، مروراً بعمال المياومة في وزارة الزراعة وصولاً لاعتصام المعلمين وكلها تشير أن هناك ناراً تحت الرماد و بدلاً من تشخيص دقيق لتلك الظروف وما أفرزت من حركات احتجاج، لجأت الحكومة للأسف للحلول الجزئية الناقصة وعالجت موضوع مؤسسة الموانئ بإبعاد كاتب هذه السطور عن عمله وأسرته، وعمال المياومة لجأت لفصل الأخ المناضل محمد السنيد، والمعلمين لجأت بإحالة نخبتهم للاستيداع، وإن تراجعت عن ذلك وتشكر، ولكن لا تزال الحكومة ترفض تأسيس نقابة للمعلمين أسوة بباقي المهن الأخرى.

 

هذه الأزمات في الحقيقة ما هي إلا بداية لتطورات وأحداث قد تشمل كل فئات الشعب المقهور الذي أصبح مهدداً في قوت أطفاله، ولو نظرنا لارتفاع الأسعار بشكلها الحالي لكان ذلك مقدمة واضحة لصورة المستقبل القاتم لهذا الوطن، وبالتأكيد لا احد يتمنى ذلك، ولكن ماذا يعني ارتفاع أسعار الخضار والفواكه وهي مواد أساسية وليس كماليات بشكل جنوني خارج طاقة المواطن الغلبان؟ أليس هذا الغلاء بسبب التصدير للخارج الذي يتم على حساب السوق المحلية، والأهم من ذلك كله، ماذا يعني قفز المديونية الخارجية للوطن من 6 مليارات إلى 13 مليار؟ أين ذهبت تلك الأموال التي لا يعلم الشعب عنها شيئاً ؟ وأين هي عائدات أموال المؤسسات الوطنية والأراضي التي بيعت كما يقال من أجل الدين العام الخارجي؟ وهاهو يتضاعف أضعاف ما كان قبل البيع.

 

ولا تزال الحكومات المتعاقبة بلا استثناء تسوق الأكاذيب وتمارس دور الطبيب الفاشل الذي بدلاً من تشخيص الحالة يعطي المهدئات حتى يتفاقم المرض، ويحدث ما لا يحمد عقباه، وتمارس الحكومة بالاتجاه الآخر القمع والإرهاب بأعلى درجاته على كل حراك شعبي كما حدث في مؤسسة الموانئ مثلاً، وكما ضاقت الحكومات المتعاقبة منذ وادي عربة بالحريات العامة وما حدث من هذه الحكومة ومحاولة تغولها على وسائل الإعلام، وخاصة الإلكترونية أكبر دليل على ذلك، حتى سمي رئيسها الرفاعي الثالث بعدو الصحافة، ويبقى السؤال إلى أين نحن سائرون ؟ والوطن من أزمة لأخرى، والحكومات ماضية في سياستها المناقضة لكل إصلاح سياسي واقتصادي حقيقي.

 

والمطلوب من عقلاء الدولة في كل مواقعهم وضع تشخيصاً دقيقاً لحالة الوطن، وذلك من خلال الدعوة لمؤتمر وطني عام يشارك به كل أطياف المجتمع الأردني كما حدث في الأزمة التي عقبت هبة نيسان المجيدة، حيث دعا بعد ذلك الملك الراحل حسين بن طلال لمؤتمر وطني ترأسه السيد أحمد عبيدات، ذلك المؤتمر الذي لا نعلم أين أصبح اليوم في عهد هذه الحكومات، وحتى رئيسه أحمد عبيدات أين هو الآن؟ لقد تم إقصاءه عن كل المواقع التي أصبحت للأسف حكراً لوزراء الديجيتل وحكومات الموظفين الكتبة، الذين يديرون الوطن بعقلية الشركة وليس الشراكة، ومن خلال هذا المؤتمر الذي ندعو لاحيائه يمكننا وضع تصور مستقبلي لوطننا العزيز، أما غير ذلك فسنبقى كالذي يحرث في الهواء، ويزرع في البحر، والأزمات من حولنا تتفاقم حتى تصل للانفجار لا قدر الله، والذي لا يريده أحد إلا أعداء الوطن والأمة، ولا عزاء للصامتين بعد اليوم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد