صحيفة السوسنة الأردنية

جبل الإنسان على حب الأمن، فهو بفطرته يبحث عن الحياة الآمنة، وإذا ما شعر بما يهدد أمنه تشكل لدية دافعية للعنف والدفاع.
لا اجدل من نعمة الامن نعمة، فوجودها اساس الراحة وبغيابها يحل القلق والكدر والضنك. من هنا وصف الله تعالى الإنسان بحبه الشديد للخير. قال تعالى: (وإنه لحب الخير لشديد).

وفي ظل الأمن تحلو الحياة ويصير النوم ثباتاً والطعام هنيئاً والشراب مريئاً وهو مطلب الشعوب كافة والأمن هبة من الله تعالى لعباده ونعمة منه سبحانه لعبادة الذين يستحقونها.

قال تعال: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) طه 124
فلا طريق للسعادة والأمن فى الدنيا سوى الطريق الذى رسمه الله تعالى  لنا، صراط الله المستقيم، هذا فى الدنيا فضلا عن الآخرة.

ليظهر لنا الله تعالى عظم هذه النعمة التي لا يشعر بقيمتها إلا من فقدها،يلفت انتباه قريش إلى نعمة الأمن التي انعم بها عليهم، قال تعالى: (فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ).

يشير النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إلى النعم التي إن حازها الإنسان فكأنما ملك الدنيا ومن أجلها نعمة الامن.
قال صلى الله عليه وآله وسلم: (ن أصبح آمناً في سربه معافاً في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيذت له الدنيا بما فيها ).
إن نعمة الأمن والاستقرار لمن أعظم النعم التي يظفر بها الإنسان فيكون آمناً على دينه أولاً ثم على نفسه وعلى ماله وولده وعرضه بل وعلى كل ما يحيط به ولا يكون ذلك إلا بالإيمان والابتعاد عن العصيان، لأن الأمن مشتق من الإيمان والأمانة، وهما مترابطتان. قال تعال: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون).


والأمن اصطلاحا هو الحالة التي تتوافر حين لا يقع في البلاد إخلال بالقانون سواء كان هذا الإخلال جريمة يعاقب عليها القانون أو نشاطاً خطيراً يدعو إلى اتخاذ تدابير الوقاية والأمن لمنع مثل هذا النشاط والأمن كذلك هو السلامة والاطمئنان للنفس وانتفاء الخوف على حياة الإنسان أو على ما تقوم به حياة الإنسان من مصالح وأهداف وأسباب ووسائل مما يشمل أمن الفرد وأمن المجتمع والأمن بارك الله في الجميع هو الأساس في ازدهار الحضارة وتقدم الأمم ورقي المجتمعات وإذا ضاع الأمن اختلت الحياة وتوقف موكب التقدم وأصبح هم كل فرد هو الحفاظ على أمنه وأمن من معه دون النظر إلى أي شيء مهما كان ولقد اهتم الإسلام بالأمن غاية الاهتمام واعتبره هدفاً لذاته فلقد دعا القرآن الكريم بشكل صريح وفي آيات كثيرة إلى المحافظة على الأمن بكافة جوانبه الأمن للدين الأمن للنفس الأمن للمال الأمن للعرض والنسل وهذه هي الضروريات الخمس التي جاء الشرع لحفظها وجاءت لحفظها جميع الشرائع والأديان.


والإسلام يعتبر الأمن من أعظم نعم الله على الإنسان لهذا اهتم بالمحافظة عليه غاية الاهتمام فنهى عن كل ما يخل بالأمن مهما كان أمرا صغيرا فقد نهى صلى الله عليه وسلم المسلم أن يروع أخاه المسلم فقال بأبي هو أمي لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً وقال لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعباً ولا جاداً ومن مظاهر اهتمام الإسلام بالأمن مراعاته لأحوال الناس في حالة فقدان الأمن أو في حالة اختلاله وخوف الإنسان والناس مما قد يحدث لهم ومن ذلك إسقاط أو تخفيف بعض التكاليف الشرعية عنه.
مقومات الأمن:

حتى ننعم بالأمن والآمان في الأوطان لابد من مقومات وضوابط، ومن أهمها:

1. تحكيم شرع الله بين الناس لأنه الضامن الوحيد للعدل والمساواة بين الناس.
2. إصلاح العقيدة بإخلاص العبادة لله تبارك وتعالى. قال تعالى: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من خوفهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً).
3. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا هو سبب خيرية هذه الأمة، به تنتشر الفضيلة وبه تنقمع الرذيلة.
4. شكر النعم بالقلب والجوارح والأركان: النعم لا تدوم إلا بحقها. قال تعالى: (وإذ تأذن ربكم وإن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد). وغياب الشكر والكفر بالنعم عقابه الحرمان من النعم. قال تعالى: (وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله وألبسهم الله لباس الجوع بما كانوا يصنعون) .
5. الاستقرار السياسي للبلاد فهو من أهم  عناصر استتباب الأمن.
6. الاستقرار الاقتصادي للبلاد فتأمين الحياة الطيبة للجميع بتوفير حاجاتهم وسد مطالبهم يوفر الأمن للبلاد والعباد.
7.  وجود جهاز أمن قوي تقوم يطبق الأنظمة والقوانين ويحاسب من يخالفها ولا بد أن يكون هذا الجهاز الأمني قوي أمين ونزيه حكيم.
8. التزام الإعلام بالمنهج الإسلامي فالإعلام سلاح ذو حدين.


    بعد هذا الحديث عن نعمة الأمن، يمكن تفسير ما تشهده الاردن من مظاهر عنف اجتماعي واسع النظاق، وفي مناطق مختلفة من الاردن، لمبررات قد تكون حققية او غير حقيقية، فعلى سبيل المثال شهدت عدد من المناطق اعمال عنف لان مرشحها رسب في الانتخابات النيابية بسبب التزوير حسب زعمهم، على الرغم من ان التزوير امر مكذوب لا وجود له على ارض الواقع.


إن المواطن الاردني غابت عن ساحته عدد من مقومات الأمن، وهذا الغياب لمقومات الامن كفيل بشعوره بحالة من الاحباط والقلق والتهديد، وكل هذه كفيلة بظهور سلوك عدواني اجتماعي، والاخطر من ذلك كله نظرة الحكومة لهذه الظاهرة العدوانية التي يشهدها المجتمع الاردني، وطرق علاجها. فالحكومة ينبغي ان تدرس هذه الظاهرة وتجد اسبابها الحقيقية وتخلق الحلول المناسبة لها.


ظهرت البورصة في المجتمع الاردني ومع علم الحكومة بها وبنشاطاتها سلبت اموال المواطنين، والمجتمع ينتظر قبس امل لارجاع الاموال وكانت النتيجة يأس واحباط المواطن.

الحكومة الاردنية لم تتمكن من حماية اموال المواطنين، وهي تقف عاجزة عن حل مشاكل الفقر والبطالة وغلاء الاسعار، وهذا يشير الى غياب الامن الاقتصادي، وهذا دافع للعنف الاجتماعي.

يشعر المواطن ان الحكومة لم تتعامل مع اسعار المحروقات بالآلية التي وعدت بها.