لا تقتلوني يا أولادي!!

mainThumb

03-11-2011 07:07 AM

منذ بداية الثورة الليبية والقذافي يؤذي أسماعنا بهرجه ومرجه التي تتدرج في تقييمها من: مُضحكة- وشر البلية ما يضحك- إلى كريهة تعبق برائحة الدم المتقاذف منها، وممزوجة بصرخات العار الصادرة عن بناته من حرائر ليبيا....إلى آخر كلماته التي وصلت إلينا (لا تقتلوني يا أولادي! حرام عليكم! أنتم لا تعرفون الحرام؟!) فيومها فقط عرف القذافي أن هؤلاء الثوار هم أولاده وليسوا جرذان! وعرف فعل الحرام! فالسياسة التي انتهجها مع شعبه هيأت الظروف لأن تبقى ليبيا مزرعة شخصية له ولأسرته، هو حزبها الوحيد، ورجلها  الأوحد الذي لا قبله ولا بعده،  ومن يسمهم اليوم أبناءه كانوا لعهد قريب عبيدا له، وكل من يخرج على حكم العبودية هذا كان مصيره السجن والتعذيب والاغتصاب والموت، فقد كان يحمي نظامه، ومزرعته حتى لو كلفه ذلك التضحية بآخر ابن وابنة له – كما قال هو- فكرسي الأب الطاغية يساوي الكثير!

لقد كان القذافي يتهم أبناءه من قبل بانتمائهم للقاعدة، مخوّفا الغرب منهم، ومحرضا عليهم، ووصفَهم بالمهددين لأمن أوروبا؛ لأنهم كانوا يهاجرون إليها للخلاص منه ومن ظلمه، وكان على مدى 42 سنة الخانق للشباب المقهورين، والساعين للهرب من لظى ناره؛ لتنسّم الحرية، وطلب لقمة العيش.

وهو من استدعى دول الناتو لاستعمار ليبيا من جديد، فأساطيل الغرب حطت الرحال على أرض أحفاد عمر المختار، وبرغبة من أبنائها، هربا من الأب القائد، فكانوا  كمن يهرب من جحيم إلى جحيم، ولا أظن عاقلا يقنع بأن هذه الجيوش جاءت لحماية ثوار ليبيا، أو المدنيين برغبة خالصة لوجه الله والإنسانية، وإلا أين كانت هذه الجيوش عندما كانت القنابل تحرق الفلسطينيين في جنين وغزة ...؟!

 وهو مَن هدد أمريكا وأوروربا وإسرائيل بأن تقويض نظامه سيؤثر عليهم، وقد صدق في ذلك؛ لأن هؤلاء لن يجدوا أكثر منه خيانة لشعبه وأمته، وأكثر منه بيعا لمصلحتهم، ولكن ومع حجم الخدمات التي يقدمها لهؤلاء على حساب أولاده، فقد لفظوه بعدما حاربوه، ورصدوا مكانه، وأبلغوا الثوار عنه، وهم يعلمون أنه سيقتل شرّ قتلة، وهذا أفضل لهم، فدفن القذافي مع أسراره لاسيما سر مئات المليارات الموجودة في بنوكهم أفضل لهم وأحسن.

والآن بعد أن تهاوى عرش القذافي على مهاوي جهنم، سيبدأ الليبيون مرحلة تحرير بلادهم من المستعمرين الجدد في مدة لا نعرف كم ستطول؟ وما الثمن الذي سيدفعونه في سبيل ذلك؟!

لقد صوّر القذافي  من قبل أبناءه غير قادرين على حماية أنفسهم، أو تحقيق إنجاز ما، أو حتى العيش بكرامة، بل هم جرذان، وكنت أظن أن الشعوب العربية تصنف في عداد الأغنام والأبقار التي تُسمّن حراثة وقهرا وذلا وجوعا وخوفا، ثم تقاد للذبح ليتغذى عليها الحاكم ومن هم حوله،   ولكن القذافي تنازل أخيرا ليعترف بهؤلاء الجرذان أبناءً له بعدما لقنوه درسا في البطولة والرجولة عزّ نظيرهما لاسيما في مصراتة والزنتان!

 هذا جزء مما فعله الطاغية بأبنائه، فهل يتعظ الحكام الآخرون، ويتوقفون عن تعذيب أبنائهم وقتلهم وتشريدهم؟! وهل يعرفون أن حب شعوبهم لهم، واحترامهم إياهم يساوي أكثر بكثير من المال والأطيان؟! وأنهم بدونهم لا يمكنهم فعل شيء، ولا يساوون شيئا! وأن الأبناء المحبين هم وحدهم الذين يضحون بحياتهم في سبيل حكامهم الطيبيين، لعل هؤلاء الحكام في النهاية يجدون قبرا يدفنون فيه! ولعلهم عرفوا أنّ الآخرين لا يمنحون الحاكم العربي الرعاية والحماية إلا بقدر مصالحهم، فإن انتهت، أو وقع في ضائقة، فإنهم سرعان ما يجهزون عليه؟! بل هم أول مَن يفعل ذلك، وهم يتلذذون بطعم الديمقراطية، والعدالة!

Amal nusair@hotmail.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد