من المعلوم والمؤكد ان جلالة الملك يدير شؤون البلاد والعباد بواسطة ممثليه كما هو الحال في كافة الممالك التي خلقها الله على وجه البسيطة ، ومهما كان حريصا ودقيقا في الاختيار ، ولكونه يتعامل مع هؤلاء الممثلين حسب ظاهر الحال ، وبتنسيب ممن سبقهم في هذا المجال اذ لا مجال واقعيا لاستحداث وسيلة اخرى سيما انه وبشخصه الكريم لا يستطيع بأي حال من الاحوال ان يتواصل مع الجميع ، ويصل بالتالي الى من يسعى الى ادارة عجلة الحياة بشرف وكرامة ، واصلاح شؤون البلاد والعباد فانه يضع ثقته في هؤلاء ، وبذات الوقت يقتطع جزء كبير من وقته للاطلاع على احوال الرعية هنا وهناك ، ويوجه ممثليه لاصلاح الخلل وسد الثغرات وتلبية الاحتياجات نتيجة لذلك ، والتي يفترض ان يقوموا بها سندا للامانة التي اودعت لديهم الا ان الغالبية العظمى من حضراتهم تنتظر تلك التوجيهات ، وتفضل الجلوس في مكاتبها الفارهة ، وتتنقل الى منازلها بسيارات فارهة ضمن خريطة من الطرق تبتعد بهم عن مواطن الازمات والاحتكاك بالمواطن ومعرفة طموحه وهمومه ، وبالتالي يبقون في عالم الخيال والتوقعات الشخصية غير المبنية على اساس يحملها قياسا على ذواتهم .
ان السياسة والاقتصاد يقتضيان عمل دءووب من جلالته ليحقيق واردات تكفينا ووطننا العزيز مترافق مع شح في المقدرات والامكانات ، وعليه لا بد له من ان يأخذ بآراء مستشاريه ، والمفترض فيهم النزاهة والامانة سيما وان المستشار مؤتمن .
لقد اطلق جلالته عجلة الاصلاح سياسيا واقتصاديا واجتماعيا بتشكيل لجنة للحوار تمثل كافة اطياف المجتمع ليظهر الاصلاح في ضوء ما تمخضت عنه من رؤية مستقبلية ، وطلب الى ممثليه ان يضعوا هذه التوصيات موضع التطبيق تماشيا مع رأي الشارع للوصول بالوطن الى بر الامان ، واوعز الى الجميع تحقيق المطالب ، ومكافحة الفساد والاصلاح الشامل فماذا كانت النتجة ؟ ...
لقد اصبحت المكتسبات الشخصية للمتنفذين ضمن دائرة الخطر مما دفعهم الى تعطيل المسيرة نحو الاصلاح واقعا ترافقا مع الاتجاه الى التضليل والايحاء بأنهم بالاتجاه نحوه اعلاميا ، فاختبأ من اقصاه الدستور لحمله جنسية اجنبية في موقعه الوظيفي تاركا لغيره البحث والتيقن من هذا الامر بحيث أضحى عبئا اضافيا في طريق الاصلاح ، وانقلب الذئب حملا فالمصفق والمحيي للفساد في المراحل السابقة ، والمتكسب الواصل لموقعه بفساد التزوير ضمن جهود مفسدين سابقين كما ثبت باقرارهم وتصريحهم انقلب الى المصلح الاعظم متمطيا نبض الشارع والذي لم يفرزه اصلا بل وصل الى ذلك الموقع رغم انوف الجميع ، واضحى الجهة الوحيدة لاقرار الفساد من عدمه ، ووجوب الاصلاح من عدمه رادا بذلك بعض الجمائل التي تحملها افراده لصاحب الاوله كما يقال بالعامية . لقد تغيرت الدنيا ونحن نراوح مكاننا نتشدق امام كاميرات الاعلام بناءا على اصرارنا ، ونتبطح للمادحين ، ونصرح بما يوجب القانون عدم الاباحة به تحت طائلة المسؤولية القانونية ، ونمتلك صلاحيات غيرنا التي اقررناها لهم وفقا لاحكام الدستور بالتحقيق والتبجح بذلك ونحن عالمين ببطلان اجراءاتنا ، وان ذلك سيؤثر سلبا على مقدرات وممتلكات الوطن المسلوبة ، ونتكسب على ظهر الشعب ، ونشتت العمل الجماعي بأسئلة واستجوابات ، والتهديد بطرح الثقة لرفقاء الاصلاح بتشكيل اللوبيات لذلك آملا بظهورنا كمصلحين ، في حين ان ولادتنا أصلا كانت نتيجة لسفاح الفساد الذي استشرى سابقا ، ونسعى لمكافحته والقضاء عليه حاليا . فما المعنى والمغزى من ثقة وضعت بحكومات لم تكن مقبولة اجتماعيا وقياديا ، ولم تصمد لايام او لشهور لنعود وننتقدها من جديد تمشيا مع نبض الشارع ، ولنكون كالمثل القائل ( معاهم معاهم ... وعليهم عليهم )، وما المعنى والمغزي من اجراء تحقيقات باطلة يتقرر ابطالها وتجاوزها حال احالة الامر للنيابة العامة الا تجهيزا مسبقا لصكوك غفران وبراءات مستقبلية متحوطين لئلا نقول ( اكلت يوم اكل الثور الابيض ) .
يا من استشرتم وزينتم لما نصحتم بتسجيل الاراضي شخصيا ادعاءا منكم بسهولة منحها لجهات حكومية واهلية اخرى املا في كسر الروتين القاتل وتحسين بيئة الاستثمار والظروف المعيشية للمواطن ، اما كان لكم ان تتجاوزوا الروتين ، وان تتحملوا أماناتكم بجد بأن يتم التحويل بآلية جادة تبتعد عن الروتين القاتل ، وتحيد برمزنا عن الشك لا سمح الله . ايتها الحكومة الرشيدة الم تصدر لكي التوجيهات بمساواة المتقاعدين القدماء بالجدد ... لماذا تصرين على التلاعب بدخلهم ، والالتفاف على التطبيق بحجج واهية تحت مسمى الهيكلة ، ام القصد رفع رواتب العاملين املا بالاستفادة من الزيادة سيما وان احالة افرادك على التقاعد اصبح قاب قوسين او ادنى ، ولما العودة الى سياسة تكميم الافواه من جديد ، الم يكن نبض الشارع منبعا للاصلاح ، ولما الفرز بالاصلاح ومكافحة الفساد ، وما القصد من التركيز على مواقع وشخوص بعينهم ، هل انحصر الفساد بهم وبمواقعهم ، ام جعلتم منهم أكباش فداء ، وقرابين تقربا من الشارع ، وما مصير من اغتيل اجتماعيا ونفسيا ومعنويا اذا ما ثبتت براءته في المستقبل ، ولما المراوحة في ذات الموقع ( باللغة العسكرية ) مكانك سر .
لقد تفائلنا خيرا بقيادات جلبها الاصلاح لمواقع المسؤولية لما كنا نعرفه عنها في مراحل سابقة من مصداقية ، ووضع للامور في نصابها الصحيح ، وسعي للاصلاح ومكافحة للفساد ، وهنا ابدي عتبي كل العتب على ابو مروان لقبوله بتعدي الآخرين على صلاحيات العاملين بامرته ، وتخطيهم لحدودهم بافشال مبدأ العدالة كما اسلفت ليبدوا الخلل بالنتيجة وكأنه في جهازه ، ولعدم اعارته الانتباه لمن اقصي من جهازه نتيجة لشروعه بمحاربة الفساد عندما كان مستشريا ، والافواه مكممة ، وذلك باعادة الامور الى نصابها الصحيح ، واعادةاعتبار من اخرجوا من مواقعهم فسادا وافسادا باعادتهم الى عملهم . لقد اعجبني عودة فارس اقصي عن موقعه في امانة عمان سابقا لعدم انضواءه تحت راية الفساد ليتسلم زمام الامور ، واعجبني أكثر سعيه لاعادة المستضعفين الذين اقصاهم الفساد الى مواقعهم ، فاجعلوا من عبد الجليم الكيلاني قدوة يا رؤساء ... . نحن في مرحلة لسنا بحاجة فيها الى من يسعى الى ( اراضي تتمدد ، وثروات تتبدد ، وعقولا تتحدد ، وشخوصا تتعالى وتتكبر وتتجبد ، وافواها تتشدق ، وكروشا تكبر وتترهل وتتمدد ولا تتحدد ) ، فمثل هؤلاء يحول بينهم وبين العمل العام انعدام لياقاتهم ، والبدنية منها . ارجوا ان لا نكون ممن يسعون الى تأخير وتأجيل الازمات لا حلها ، فالوقت يمر ويداهم الجميع فاليقم كل بواجبه ، وليتحمل مسؤوليته بعيدا عن المهاترات والمزايدات ، وليكن العمل الجماعي العام امانة لا مكسبا وتكسبا ، والا فلا غرابة ان تجدونا برفقة وقيادة مليكنا المفدى ، وموعدنا ساحة المسجد الحسيني نعتصم ونتظاهر ، ونطالب باسقاط الحكومة ، وما اعتراه الفساد من باقي السلطات ، وما الحسيني ببعيد ، والله من وراء القصد .