في أحد ضواحي الزرقاء الفقيرة وتحديدا في الغويرية شب حريق في منزل إحدى الأسر المعدمة ماديا وصحياً، وأتت النار على كل المحتويات ، وبفضل من الله لم يصب أحد بأذى فقد هب أهل الخير واخرجوا الأطفال إلى خارج المنزل ، ونظرا لشح الأثاث فقد سجل في التقرير أن الحريق التهم كافة محتويات المنزل .التي لا يمكن أن تصنف كأثاث أو كخردة قديمة ولكن لسان حال تلك ا...لأسرة ما يزال شاكرا حامدا على سلامة أرواحهم ...
اشتعل الحريق بينما كانوا جميعا متحلقين حول صوبة الفوجيكا والتي لا تحرق الكاز بشكل جيد ولكنها تشوي البطاطا العادية وتضفي جوا من الفرح والسعادة على الأطفال ووالدهم المعدم ووالدتهم المريضة (عقلياً) العاجزة عن النطق وحركة اليد اليسرى بشكل صحيح... تابع الأطفال عملية الشواء والاستواء وكأنهم يتابعون فلما كرتونيا أو مسلسل للأطفال ، يتقاذفون قطع البطاطا الساخنة وهم يضحكون....
اندلع الحريق الساعة الثامنة مساءً بعد أن أرخى الليل ستره وسكونه على ذاك الجزء من الكون وبدأت الأرض تقذف بردها على أهلها .... ، وبعد مغادرة رجال الدفاع المدني والمياه ما تزال تسيل خارجة من المنزل ، أحضر أحد الجيران (بطانية) ولف بها الأطفال المرتعدين خوفا وبرداً ، وأشعلوا ناراً للتدفئة من بقايا الحطب وألتف الأطفال حولها مع والدهم ووالدتهم .
فوجئت الأسرة المُتكومة على بعضها لبعض على الرصيف المقابل بثلاثة من الشبان وفتاة يحملون (قشاطات) دخلوا إلى بقايا بيتهم... ، وبدأت عملية الشطف والتنظيف ، ثم ما هي إلا لحظات وإذ بسيارة نوع (بيك أب) تنزل دلوين من الحجم الكبير مع (رول) وفراشي دهان ...
ومع ساعات الفجر الأولى زاد عدد المتطوعين من شباب الحي وبناته ونسائه ، بينما أجتهد الجيران كل حسب سعته ....وتنادى أهل الخير مصبحين طوال النهار ، وما أن جاءت الساعة الثامنة مساءً حتى عادت الحياة من جديد ، تم تجهيز البيت بكل ما يحتاج ، فُرشت أرضيته وطلي سقفه وزاد دفئ وحنان حيطانه وأخذت الثلاجة مكانها والتلفاز اتكأ على الطاولة والمدفئة انتظم احتراقها واستبدلت البطاطا العادية بالحلوة والكستناء وسمع صوت أزيزز (كولر الماء) وتراكمت البطانيات فوق بعضها لبعض ، وامتلأت الخزانة بألوان الملابس الشتوية واصطفت الأحذية بقياساتها واختلاف جنسها بالقرب من الباب ..
كانت دموع الفرح تختلط مع مطر السماء على وجه تلك الأم التي عجز اللسان عن الشكر والثناء لأهل الخير ، فما كان منها بعد أن دخلت البيت وهي تردد البسملة بصعوبة بالغة إلا وأخرجت بقايا سجادة أحترق نصفها ، مدتها نحو القبلة كما اعتادت أن تفعل وهي ترفع أكف الدعاء إلى الله شاكره حامدة ولسان حالها يقول الحمد الله الذي أبدلني بمصيبتي خيراً منها ....
أبناء الزرقاء يا من اخترتم لشارعكم أسم شارع الأردن تعبيراً عن تنوعكم لقد رسمتم أروع صور التكاتف الاجتماعي للأردن كوطن وتساميتم فوق فقركم وبردكم وضيق حارتكم وحفر شوارعكم ، لقد تسابقتم إلى الخير كما تسابق غيركم إلى الشر وكنتم الأسرع والأكثر، هم يسرقون منكم الفرحة وانتم تعيدون لغيركم البسمة ....
إلى أبناء وطني عامة وأهل ذلك الحي والشارع خاصة ، أنتم في توادكم وتراحمكم وتعاطفكم أنتم كما أرادكم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، فلا تهنوا ولا تحزنوا انتم الأعلون بعون الله.....