الادب فضلوه عن العلم .. ومحمد مرسي

mainThumb

27-06-2012 01:39 PM

 الادب فضلوه عن العلم مثل عربي يهتم بمفهوم التأدب في البنية الاجتماعية للانسان ، والمقصود به تادب الانسان حين الحديث وحين الكتابة وحين التصرف وحين التفكير وحين استعمال الجوارح ، وليس المقصود منه التخصصات العلمية والادبية بالقطع ، فان كان الانسان صحافيا كان او كاتبا او عالم ذرة او طبيب او سائق او حارس او اية مهنة يمتهنها في حياته العملية مطلوب منه ان يؤدب نفسه عند الممارسات ، اظن ان هذا موضوع متفق عليه.

تذكرت هذا المثل " الادب قدموه على العلم" وانا اشاهد تعليقا على نتائج انتخابات الرئيس المصري خصوصا بعد ان القى الرئيس المنتخب خطابه الاول ، وبالقدر الذي اسعدني واثار في نفسي حميتي العربية الاصيلة وانتمائي لهذه الامة تاريخا وواقعا وثقافة وحضارة وانا استمع للخطاب ، ادهشني بل اساء الى مشاعري تعليق استاذة في علم السياسة في احدى الجامعات الامريكية في مصر حين علقت على الخطاب بشكل هزلي لتتهم الرجل بالرجعية والتخلف والعودة للقرون الوسطى ، مع ان الحضارة وتاثيرها كان يسبق  كثيرا القرون الوسطى التي يبدو انها اخر ما يستطيع البعض العودة اليه في علمه وفهمه .
 
 قال الرجل من ضمن ما قال " اطيعوني ما اطعت الله فيكم " فتذكرت حينها كل كتب التاريخ والسيرة العطرة لاوائل الحكام الذين ارسو قواعد النظام والقانون والادارة في دولنا وفي حياتنا منذ عشرات القرون ، والذين علمونا ان نفهم مثل هذه العبارات على انها اسس النظام السياسي في الدولة ومشعل من مشاعل الحكم وفهم الواجبات والمسؤوليات على كل من الحاكم والمحكوم، لكن الدكتورة الفاضلة – اقول الفاضلة تأدبا – اشارت الى هذه الجملة بالذات بالاستنكار واتهمت الرجل بالضعف والهزال وضحالة الموقف.
 
ما اسوأ ان يكون المعلم جاهلا ، والمؤدب تنقصه اساسيات الادب ، والمحلل لا يملك لا الموضوع ولا الادوات التي تلزم للتحليل ، وما اغرب ان يعمل هءلاء في تلك المنابر الحساسة ليصنعوا لهم اتباعا واشياع يسيرون على نهجهم ويستخدمون ادواتهم في البحث والتلقين ومحاولة ايصال افكارهم للمجتمع لاغراض ليست قطعا لصالح ولا لخدمة المجتمع .
وما ان هدأ الامر قليلا بسبب الرد الفاضل من استاذ فاضل كان في نفس دائرة الحوار حتى عاد عرض الجهل والسطحية في طرح مديرة البرنامج والمحاورة التي يفترض ان ترقى الى مستوى المتحاورين ولو في طرح الاسئلة فقالت معلقة على نفس المقطع من الخطاب ان الرئيس المنتخب استخدم كلمة الطاعة في الموضوع اذن هو يركن الى مفاهيم الاستبداد اذ لم يعد العصر عصر مثل هذا النوع من الافكار – هذا على حد قولها – وما هي الا دقائق معدودة حتى قالت المذيعة للمتحاورين وابتسامة عريضة على وجهها بان المخرج ابلغها بان وقت البرنامج قد انتهى، فاطاعته وانهت حلقة النقاش ، فيا سبحان الله ان المذيعة  تمارس الطاعة باوضح صورها في اصغر مواطنها وامام مخرج الحلقة وقي بالتاكيد تمارس الطاعة امام صاحب القناة ومديرها وتستكثر هي وضيفتها ان يتحدث الرجل عن الطاعة فيما يتصل بالله سبحانه.
 
وهكذا وبينما يحاول البعض وخصوصا اصحاب التاثير المباشر في حياتنا وحياة ابنائنا كاساتذة الجامعات ومذيعي التلفاز ان يتلبس ثوب التقدمية والثقافة العليا نجده يكشف لنا دون ان يقصد عن ضحالة في الفهم وخروج عن المالوف في ادب الحديث وفي الحوار ، ولانه لا يعلم فانه يجهل ان التمرد على مفهوم الطاعة الذي تطرق اليه الرئيس المصري الجديد في خطابه هو تمرد على اصل الفكر واصل الانتماء واصل النظام ، وانه وان لم يكن فاهما وواعيا لتراث امته وعقيدتها فانه ولا شك اقل فهما واقل وعيا للدساتير والقوانين المرعية في وطنه والتي لا يجرؤ احدا من كاتبيها وواضعيها ان يلمس او يهمز ولو بشكل غير مباشر من مبدأ الطاعة لله ، وانا اشك ان اي منهم اطلع على بنود القوانين والدساتير كاساس ثقافي يواجه بها جمهور المشاهدين له ، وهنا مكمن الخطورة.
 
لا ادري كيف يعيش اي منا على غير تراثه ، اننا نأكل ما تعلمناه على ايدي الاوائل من فنون الطبخ ، ونشرب بنفس الاسلوب الذي مارسوه ، ونتعلم الحساب والجغرافيا والتاريخ واللغة  على نفس الاسس ولنفس المواضيع التي وضعوها لنا  وما علمونا اياه ، وحينما نريد تقريب فكرة نستخدم مثلا قالوه ، اليس من الادب ان نظهر امتناننا وشكرنا لهم ؟ هل هي شطارة  ان نسيء الى تاريخ الامة وحضارتها بل ومعتقداتها ؟ او انه انحدار لدرك مخفي يستعذبه البعض لاسباب هو وحده يعلمها؟
 
غريب ان هؤلاء نفسهم يمارسون ازدواجية لا تدل على وضوع رؤيا ولا على جودة معرفة وفهم فهم تعلموا مثلا ان اتفاقية سايكس بيكو كانت موقفا استعماريا بغيضا جرى تمريرها علينا في غفلة من الزمن وفي حالة من الوهن ، واسس اساتذتنا وقادتنا وموجهينا في عقولنا ان نكرهها بل ونحاربها ، ولكن بعض الذين كتب علينا ان يكونوا في الواجهه امامنا كل يوم بل كل ساعة يمارسون خدمة وتثبيت ودعم بل وتجذير تلك الاتفاقية البغيضة بل ويحاولون تكسير اسس حياتنا ومجتمعاتنا التي تسعى لالغائها يوما ما من خلال التعرض لمفاهيمنا التقليدية التي تكون قاعدة الانطلاق في حياتنا لكل مناحيها الصحيحة ومنها مفهوم الطاعة ، وبدلاً من دفعنا لكي ننفض عنا بقايا الضعف والوهن الذي اغرى سايكس وبيكو ان يلعبوا فينا وفي مقدرات شعوبنا ، فان بعض اولئك الذين في الواجهه يمارسون التعرض لكل بدايات الحركات الصحيحة والنافعة التي ستؤدي قطعا لاعادة الرفعة السؤدد لنا ولبلادنا ، ولا  مانع لديهم ان يتوقف  الازهار في الربيع وينمو الشوك بدل القمح في حقول الامه ، والدليل هو السخرية والاستهزاء لتبني السيد محمد  مرسي لمبدأ اطيعوني ما اطعت الله فيكم . 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد