إما الانهيارُ وإما الانهيار!

mainThumb

28-10-2012 02:55 PM

 طالعنا رئيس الوزراء في أول لقاء متلفز له مخاطبا الأردنيين: أيها الشعب العظيم إني أخيريكم: إما رفع الأسعار على حساب جيوبكم الخاوية، وما تبقى من طعام أطفالكم، ودفء شيوخكم، لسداد ما سرقه الفاسدون، ونهبه الناهبون من أموالكم، وتعويض سياسات اقتصادية فاشلة، انتهجتها الحكومات المتعاقبة، فيكون الانهيار لسلمكم الاجتماعي، وأمن وطنكم وأمانه، ويتكاثر العنف المجتمعي، وبلطجية البسطات، والاعتصامات والاضطرابات، ويتعاظم احتقان الشارع،... وإما الانهيار لديناركم العزيز على قلوبكم، وهو إن حدث، فلن يحرق سوى قلوبكم ومعاشاتكم، وأما أموال الفاسدين المحفوظة باليورو والدولار في بنوك الغرب، فستتضاعف قيمتها!

 
جميل أن يستشار الشعب في أمور حياته ومستقبله، لكن المفارقة  أن ذلك لم يحدث إلا  في سياسات الترقيع والدفع والرفع !
 
بعد مرور أكثر من سنتين على الحراك الشعبي الأردني المنادي بالإصلاح ومحاربة الفساد، وصلنا إلى حماية الفاسدين من  خلال الحديث عن اغتيال الشخصية، والتضييق على الإعلام  والحريات الصحفية، وسجن الحراكيين، وتهديد الشعب إن لم يدفع فاتورة الفاسدين من جيبه  بأمرين أحلاهما مرّ.
 
لم يقترح رئيس الوزراء المعارض لسياسات الحكومات السابقة، مراجعة الرواتب المتضخمة في المؤسسات المستقلة وغيرها! ولم يتحدث عن الهدر في الميزانية! ولم يتحدث عن تقليص النفقات في المؤسسات الحكومية من سيارات فارهة ومكاتب وأثاث ومستشارين لا يستشارون إلا في مقدار رواتبهم وامتيازاتهم، ولا عن المشاريع الوهمية...!
 
ولم يُشر الرئيس لماذا يشترط البنك الدولي رفع الدعم عن السلع الرئيسية في حين يغظ النظر عن الفساد، وتفاوت الرواتب، وتورمها عند فئة قليلة على حساب الفئة الكبيرة ؟!
 
ولم يقدّم النسور حسن النية، والقدوة الحسنة  بخفض النفقات الحكومية، والرواتب والامتيازات...
 
ولم يتحدث عن مراجعة جادة وشاملة للسياسات الاقتصادية التي أوصلتنا إلى حافة الانهيار، ولا عن تبني سياسة اقتصادية إصلاحية في مجالات الحياة المختلفة بدلا من اللعب على عواطف المواطنين، وحبهم لوطنهم ودينارهم.
 
ولم ينتهج  كذلك سياسة المكاشفة والوضوح في مشاكلنا الأخرى، وركز على حجم المديونية، وعجز الموازنة!
 
ولم يتحدث الرئيس عن استرجاع المال المنهوب، ولا عن الشركات والأراضي التي بيعت بثمن بخس، أو تلك التي قدمت هدايا من خزينة الدولة! ولا عن مئات من ملفات الفساد التي تُدفع تكاليف فتحها ومتابعتها من أموال المواطنين لموظفي مكافحة الفساد وغيرهم دون أن نُعيد منها شئيا!
 
جل ما قاله رئيس الوزراء عن الأموال المسروقة أن القضاء هو الكفيل باستعادتها؛ لكن متى وأين وكيف؟ فلم يشر إليه، وهل ستكون مدة استرجاعها مساوية لسرعة القبض على شباب الحراك –مثلا- ومحاكمتهم أم أن ذلك سيأخذ البقية المتبقية من أعمار الأردنيين التي قضوها في رؤية السارقين والناهبين لأموالهم !
 
نعم، الشعب الأردني شعب صبور، وتحمل الكثير، أما إذا كان ما أصابه بفعل الفاسدين، فلا أظنه يغفر أو يسامح، ولعل ما وصل إليه الشارع من احتقان وغضب  من قبل الربيع العربي إلى الآن يؤكد ذلك.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد