طلب حقيبة وزارية - محمد جنيد الوقفي

mainThumb

26-02-2013 11:46 AM

 سيدي الرئيس : أنا مسافرٌ بعد أيام ،سأحمل حقيبتي وقلمي ، وبعضَ رماد كتباتي، وأتمنى لو أستطيع التعرُّف على شخصكم الكريم قبل سفري ، حتى تمنحني حقيبة وزارية .

       سيدي الرئيس : اليوم تراجعت لديّ كلّ المقاييس بمحض إرادتي ، فلا حاجة لي بالوطن ، أنقذني سيدي الرئيس في مركبك المثقوب وبحرك المسدود ، فأنا أحوج من غيري إلى حقيبة وزارية ، فجيوبي فارغة ، وثيابي من الألبسة الأوروبية البالية ، وبيتي مستأجر قديم ....... أريد أنْ أقذف بالفقر إلى المجهول ، وأستنبت من وزارتكم الثراء والغنى بما تبقى في الوطن من خيرات ، لعلي أظفر بحفنةٍ من رمال الصحراء، أو بعنقودٍ من أحلام الضعفاء.
 
 سيدي الرئيس: أعدكَ أنْ أمحو بحور الشعر العربي القديم ، وأمجّد خطب الرويبضة والسياسيين ، وأن لا  أسرق إلا ما خفّ وزنه؛ وأكتفي بقطعة لحمٍ مشويّة ، أو شركة فوسفاتٍ منسيّة.
 
 سيدي الرئيس: لا تخف ، فمقولة ( الشارع يغلي) أُكذوبة ، فالشعب في الشارع نيامٌ على أرصفة الجبن ، وأشرعة الإصلاح مطويّة ، ومسيرات الجُمَع مخفيّة، وأصواتُ الحراكيين بدأت تشهق، وإنْ كانت في كلّ جمعة تنعق ففي باقي الأيام لا تنطق. وأصوات الجياع أعلى وأقوى ، وحراك مَن حول القمامة الذين يأكلون النفايات أكثر وأدوم  .
 
   سيدي الرئيس: أعدك بأنْ لا أكون كأبي الذي جعل الوطن نواة الكون ، وأهداه قطعة من عمره ، وجعل ثرواته مقدّسة محميّة ، فأنا قادرٌ على القطيعة، وكلامي معسول يجعلك تنهب وتسرق بالتسامح والقبول، ويجعل كلّ الأقلام المأجورة ، وأبواق الإعلاميين المبتورة في جيبك الصغيرة، .... حتى رجال الدين ، وأصحاب الفتاوى المداهنين .
 
سيدي الرئيس: إنْ لم تستجب لشهوتي ورعونتي ومداهنتي في استجلاب حقيبة وزاريّة، فسأخلع ثوب الجبن ، وأحطم حصون الفساد ، وأخطُّ بقلمٍ نظيفٍ  جديد ، يمحو انتفاخكم وتخثركم ، ويطفئ فقاعاتكم. ولو كلفني ذلك الخبز الذي أعيش به، أو الماء الذي أرتوي به، فلا أرى لجوعي وعطشي معنى إن طَهُرَ ضميري، ولن أُفْسِد  - بعد اليوم- فَمِي  بلحْمكم المتعفن ، ولن أدع الحلم الزائف  يسحقني ويجرفني إلى ألقابكم المستعارة ، وأجسادكم الخاوية ، وسأكتفي بحقيبتي المهترئة القديمة .
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد