10 سنوات على بغداد

mainThumb

09-03-2013 11:37 AM

 مضى عقد على الحماقة الأميركية الكبرى. من أجل أن يقتلع الشوكة من يده، أطلق جورج بوش النار على صدغه. الفارق بينه وبين بوش الأب أن الثاني جمع فرقة عالمية من 33 دولة، بينها سوريا ومصر، من أجل تحرير الكويت من صدام حسين، والأول اكتفى بأنس توني بلير، ورفض الإصغاء إلى جاك شيراك الذي حذره من انفتاح أبواب الجحيم.

 
مختصر الحاصل بعد عشر سنوات، أن صدام حسين قد ذهب وحل مكانه صاحب «دولة القانون»، وكان العراق مفترقا فصار مفككا، وكان عربيا فصار إيرانيا، وكان الفساد فيه مضبوطا فصار حجمه المعلن بآلاف الملايين. ذلك كان يوما عبقريا قاد فيه أحمد الجلبي أميركا إلى بغداد وذهب هو يرتاح في طهران. وتلك كانت حقبة عبقرية أدارها ديك تشيني ودونالد رامسفيلد، وكان مفوضها السامي الأول بول بريمر الذي وصل إلى العراق بربطة عنق وحذاء رياضي للاعبي كرة السلة.. سيئ القيافة وسيئ التدبير وعديم الرؤية. أول ما فعله أنه حل جميع أشكال الدولة القائمة منذ نصف قرن، بادئا بالجيش. لم يكتف بوش بالهزيمة التي ألحقها بالجيش؛ بل ألحقها بالإذلال، وبكل عبقرية، أنشأ جيشا مقاتلا ضده.
 
نهب الواصلون إلى بغداد المتاحف والآثار ليجردوا العراق من تاريخه، كما يفعل المهربون المجرمون في آثار سوريا اليوم. تعاملوا مع العراق وكأنه ليس سوى صدام حسين وأخويه وطبان وبرزان، وعاشت الأسماء، ورحم الله من انتقاها.
 
عاش الرئيس العراقي أمينا لاسمه، يصادم كل شيء.. رفاقه، وأهله، وجيرانه، والعالم الأقرب، والعالم الأبعد.. خطر له أن في إمكانه أن يهزم إيران ثم أن يهزم أميركا، وعندما وجد الخزنة خالية، أراد أن يضم الكويت، ومن ثم الإمارات، بحيث يصبح أكبر دولة نفطية في العالم.. نظر إلى مجمل التاريخ على أنه نزهة على ضفاف دجلة برفقة عدي وقصي. ولتأكيد ذلك، كان يظهر على الشرفة حاملا رشاشا ومن خلفه النجلان، ثم يطلق النار في الهواء دون أن يرتجف ساعده.
 
ماو تسي تونغ سبح في النهر لكي يظهر قوته الجسدية، وفلاديمير بوتين حلق في طائرة شراعية، ورئيس العراق الراحل كان يطلق النار ومن خلفه نجلاه.. لا الوزراء ولا المجلس العسكري الموقر ولا الأمانة القطرية أو القومية للحزب، وإنما عدي وقصي.
 
الحل في العراق لم يكن بالبندقية، لأن هناك دائما بندقية أقوى، ولم يكن بإعدام الرفاق وإعداد عدي وقصي، ولا كان بإعدام الصهرين الساذجين؛ في خروجهما وفي عودتهما.. ولا كان في السلاح الكيماوي.. كان في ترك العراقيين يبنون العراق بدل أن يبنوا في بلدان الآخرين.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد