المصالحة التركية – الإسرائيلية .. وراء الأكمة ما وراءها؟!

mainThumb

26-03-2013 10:16 PM

المصالحة التركية  – الإسرائيلية التي حصلت قبل أيام، هي الهدف المنجز الوحيد ،الذي حققه الرئيس الأمريكي باراك اوباما ،في جولته الأخيرة في إقليم الشرق الأوسط،ولعمري أنها السبب الرئيس الذي دفع بالرئيس الأمريكي إلى زيارة المنطقة،بمعنى أن ملف الصراع الفلسطيني –الإسرائيلي، لم يعد من أولويات الرئيس أوباما ،مع أن بإمكانه أن يفعل شيئا ويضغط على إسرائيل ،كونه لم يعد بحاجة لأصوات اليهود في ولايته الثانية.

هذه المصالحة وللوهلة الأولى ، ستتحول إلى بصمة تنبئنا أن قضية الحسم في سوريا قد إقتربت،وأن بشار الأسد سيصبح جزءا من الماضي ،ولكن هذا ليس مهما ،بقدر ما سيتبع ذلك من تداعيات،أولها شطب المثلث الإيراني السوري وحزب الله،بمعنى أن الخطوة التالية ،ستكون هجوما ربما يكون مزدوجا على إيران ولبنان معا.

سيكون هدف الهجوم على لبنان ،محاولة جادة للقضاء على حزب الله وإراحة إسرائيل منه، وإشعال النيران في لبنان ،ولعل إجبار ميقاتي على الإستقالة من رئاسة الوزراء  في لبنان، لها علاقة بما سيجري،إذ أن المطلوب هو  إشعال النيران في لبنان أيضا ،كمتلازمة لما يحدث في المنطقة ،لأن الكأس سيمر على جميع الناس.

الموضوع الإيراني متشعب بعض الشيء،ولكن الجميع يشتغلون على تفكيك طلاسمه،وسوف لن تهاجم إسرائيل أولا أو حتى أمريكا،بل سيهيئون الأجواء للمعارضة الإيرانية لتعبث في الداخل حد الإنهاك،ومن ثم يكون الهجوم الخارجي للإجهاز.

نعود إلى الفعل الذي كان مستحيلا وأغبطنا بعض الشيء،وهو أن إسرائيل كان ترفض وبشدة ،تقديم الإعتذار لتركيا ،ويتبعه طبعا تعويض القتلى الأتراك الذين قضوا فوق سفينة مرمرة ،في أسطول الحرية الذي كان في طريقه إلى غزة ،حاملا مساعدات إنسانية  في المياه الدولية،إضافة إلى رفضها رفع الحصار عن قطاع غزة.

الغريب في الأمر أن إسرائيل إنحنت أمام الرئيس اوباما ،وغيرت ديدنها ،وإعتذر رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لنظيره التركي رجا الطيب أردوغان ،رغم أن الإدارة الأمريكية حاولت تنفيذ المصالحة مرارا وتكرارا، لكن الصد الإسرائيلي كان سدا منيعا.

إستمرت صفحة الإعتذار الإسرائيلي لتركيا أو للشعب التركي، كما يحب الدبلوماسيون أن يقال،نصف ساعة كان للرئيس الأمريكي –الساحر- فيها نصيب ،حيث تحدث بدوره مع أردوغان ،وطيب خاطره.

أبسط ما يقال أن هذه المصالحة ،تجسد إهانة معتقة لتركيا الدولة والشعب،وكذلك للعرب الذين وقفوا في صف تركيا ،عندما إتخذت موقفا شجاعا من إسرائيل ،وقلصت حجم العلاقات معها،ولعل الإقبال الشعبي  العربي على تركيا ،إنما كان مكأفاة لها على هذا الموقف ،لكن وعلى ما يبدو فقد تبين للجميع أنهم كانوا مخطئين،فالتحالف القائم بين تركيا وإسرائيل ،أقوى من أن يخلخله مقتل تسعة مدنيين أتراك في عرض البحر وفي المياه الدولية ،ورغم أنهم كانوا في مهمة إنسانية جد نبيلة.

لا يمكن لإسرائيل أن تنحني بهذه السهولة ،وقد كنت في إسطنبول قبل أيام وتحدثت مع مسؤولين وبرلمانيين  أتراك، بخصوص ملف العلاقات التركية –الإسرائيلية،ولمست الموقف التركي المعلن وهو الإعتذار والتعويضات ورفع الحصار،وأن الأتراك يعلمون علم اليقين أن كل ذلك من سابع المستحيلات.

السؤال الذي يطرح نفسه بكل القوة المعهودة :لماذا إنحنت إسرائيل هذه المرة؟ما يدور في خلدي بعيدا عن المعلومات التي ترشح من جهات ما لإعلاميين مقربين ،هي أن الرئيس أوباما قايض نتنياهو بالموافقة على ضرب إيران ،مقابل قبول إسرائيل بالمصالحة مع تركيا، وتلبية مطالبها المذلة ظاهريا لإسرائيل على المستوى المنظور ،لكنها مذلة لتركيا في نهاية المطاف.

صحيح أن هذا الإعتذار قد أعطى وجها آخر لإسرائيل،لكنه بالمقابل كان ثمنه باهظا لتركيا التي ستخسر كل التعاطف الشعبي العربي معها ،بعد إنسحاب أردوغان من دافوس وقوله كلاما شديد اللهجة عن إسرائيل بحضور رئيسها بيريز،وبالتالي فإن إيران ستكسب هذا الزخم مجددا ،لأن الفرق الذي يحسب هنا هو إسرائيل،ومعروف ان إيران قد قطعت كل علاقاتها مع إسرائيل بعد خلع الشاه المقبور.

هناك ثمن آخر يجب على تركيا أن تدفعه، وهو أنها ستجبر على أخذ الأمن الإسرائيلي بعين الإعتبار، خلال مفاوضاتها مع دول الربيع العربي،كما أنها ستعود مرة أخرى إلى الدرع الواقي لإسرائيل في المنطقة،بعد عودتها للمذود الإسرائيلي.

بعد تنفيذ هذا المخطط وهو الوصول إلى إيران ،سيأتي وزير خارجية أمريكا جون كيري إلى المنطقة وينظم جولة مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين ،ولكن ليس لترسيم حدود الدولتين، أو إعادة القدس، بل لإجبار الفلسطينيين على التوقيع على وثيقة الإستسلام ،والموافقة على الخروج الطوعي من فلسطين، وعندها ستعلن إسرائيل يهودية.وأمجاد يا عرب أمجاد.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد