وصفي التل أم دواره!

mainThumb

18-04-2013 12:02 PM

صادمٌ ذلك الاقتراح الذي صدر عن أحد أعضاء مجلس الأعيان الأردني بهدم دوار وصفي التل في إربد؛ مما يؤكد بُعد من يتربعون في مجالس الأردنيين عن نبض الشارع، وهموم المواطن، وآماله وطموحاته، ورجالات الوطن، وشهدائه الذين قدموا أرواحهم فداء له!

دوار وصفي ركن راسخ في قلب مدينة إربد والإربديين، فهو يحمل اسم الشهيد الخالد، وابن الأردن البار وصفي التل الذي كان من الممكن أن ينأى بنفسه عن الخطر، ويبقى جالسا في مكتبه أو ديوانه يدير أعماله الخاصة، وشركاته المنتشرة في أرجاء الأرض، أو يبقى يسرق وينهب الملايين،  ولكنه آثر مواقف الرجولة، وقدم مصلحة الوطن، فقضى في سبيله، إضافة إلى أن هذا الدوار من معالم المدينة إذ أنشئ قبل عقود طويلة من القرن الماضي، فارتبط بالذاكرة الإربدية الجمعية، فهو يحمل اسم رمز وطني لدى الأردنيين جميعا، وسيبقى رمزا وطنيا، ورمزا للحرية، ورمزا للشهيد الذي ضحى بدمه من أجل تراب هذا الوطن.

لقد قامت الحكومة بوضع سياج على الدوار الرابع في عمان، فبحث المحتجون عن دوار آخر وأماكن أخرى، ولو هُدم دوار وصفي، فإنهم سيجدون أماكن أخرى كثيرة يقفون فيها، وقد يحصل الاحتكاك مع من يسمون بالمولاة، وهكذا دواليك، فهل سنهدم كل دواوير المملكة ؟!

لست مع فكرة إغلاق الدواوير ولا غيرها من قلوب المدن النابضة بالحياة، التي تعكس همة الأردنيين الساعيين في سبيل رزقهم رغم ضيق ذات اليد، وضعف الخدمات وتهالكها...  ولست مع تقسيم الأردنيين إلى موالاة ومعارضة، فما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا، ولا يجوز لفئة دون أخرى احتكار الحقيقة أو المعرفة أو حب الوطن...  ولكني ربما أكون واحدة من الــــ 59 بالمئة التي خرج بها استطلاع للرأي أجراه المعهد الجمهوري الدولي، وهي في ظني نسبة متواضعة مع حقيقة الحال، وإن كانت الأكثر تشاؤما منذ ثماني سنوات حسب المعهد نفسه - التي تخشى أن الأردن للأسف يسير في الإتجاه الخاطىء، ففي حين يطالب الأردنيون منذ أكثر من سنتين بالإصلاح نجد الأمور في تراجع، وحال المواطن: فقر، وقهر، وبطالة متزايدة، وشكوى من رفع للأسعار، ونقص بالدواء والخدمات، ومزاحمة إخواننا اللاجئين السوريين له في رزقه الضيق، لاسيما في منطقة إربد خاصة، والشمال عامة، حتى بات عدد من الأردنيين يستعجلون اللجوء أو يتمنونه ليجدوا من يقدم لهم المساعدات من الأفراد أو الحكومات!

قد يكون مًن طالب بهدم الدوار أو اتخاذ موقف مشابه للهدم من باب حسن النية –مثلا- ليعبر عن رفضه للمظاهرات الأسبوعية التي يرى فيها هدرا للوقت، وتعطيلا لمصالح الناس! أو لعلها زلة لسان،  لكن كنا نتمنى أن  يزلّ لسانهم ولو لمرة واحدة ضد رفع الأسعار، ورفضا لشحنات القمح الفاسد، أو احتجاجا على التوزير بالجملة، ورفض التهرب الضريبي والجمركي لعدد كبير من المتنفذين، وشرعية وجود المؤسسات المستقلة التي تنهب الميزانية، وتُضاعف المديونية، والرواتب الفلكية  لفئة محدودة مقابل الرواتب الهزيلة لغالبية الشعب، ورفض ترفيه المدراء لكلابهم المدللة بسيارات الحكومة التي يدفع المواطن ثمنها، وتكاليف بنزينها من عرقه...!!!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد