الأردن في عيد إستقلاله الـ67 .. أزمات تتعمق ولا حلول

mainThumb

29-05-2013 02:23 PM

يحتفل الأردن هذه الأيام بالعيد  السابع والستين لإستقلاله عن بريطانيا عام 1946، ورغم مرو هذه العقود السبعة ،إلا أنه ما يزال يسبح في بحر من الأزمات والمشاكل، ولا يلوح في الأفق حلولا مناسبة لها لكثرتها وتعقيداتها.

الأزمة الأولى الدائمة والمستديمة هي الفقر، بحجة ان الأردن لا موارد فيه تكفي لشعبه الذي يزداد أزمة بعد أزمة، والتبرير ان دول الخليج لم تعد تفتح ابوابها للعمالة الأردنية، وترتبط هذه الأزمة بشبكة من القضايا اهمها عدم إقرار الحكومات الأردنية المتعاقبة بإستخراج النفط الكامن في باطن الأرض الأردنية ،لإخراج الأردنيين من واقعهم المرير .

الغريب في الأمر أن هذه الحكومات تصر على نفي وجود نفط في الأردن ،مع أن  كبريات شركات النفط العالمية وفي مقدمتها غلوبال ون الأمريكية، التي مارست التنقيب عن النفط في الأردن ،اكدت وفي تقرير قدمته لمؤتمر دولي عن النفط وجود نفط في الأردن وبكميات تجارية، ناهيك عن تأكيدات من مقبل مستثمرين كوريين جنوبين في مجال النفط،وكذلك شهادات المواطنين في الشمال والجنوب والوسط بوجود نفط في الأردن.

يلحق ذلك موضوع الفساد المتأصل في الأردن وذلك لضمان الولاء ،وتجلى ذلك في النداءات المتعددة لفتح هذا الملف،ويقال أن محاكمة 40 فاسدا فقط وتحصيل حقوق الدولة منهم كفيلة بسداد ديون الأردن البالغة 22 مليار دولار،إضافة إلى معالجة الخلل الكبير في ملف الخصخصة وإستعادة الشركات الرابحة الكبيرة المباعة لشركاء إستراتيجيين يرجح انهم يهود.

علاوة على  ذلك هناك البطالة التي تضاعفت مؤخرا في صفوف الشعب الأردني بعد السماح للاجئين السوريين بالإندماج في المجتمع الأردني، وإنخراطهم في السوق عمالة رخيصة مطيعة ،إذ لا تجد محلا أو محطة بنزين أو بسطة خضار،إلا وتجد هناك سوريا يبيع وقد حل محل أردني أصبح بدوره عاطلا عن العمل.

يعاني الشعب الأردني كذلك وطيلة السنوات المنصرمة من أمرين فاصلين في حياته وهما تشكيل الحكومات ومجالس النواب،إذ لا توجد أسس حكيمة تعتمد إختيار الوزراء،كما أن هناك إستياء عارما من قانون الإنتخاب الذي يفرز مجالس نواب غير مرضي عنها من قبل الشعب،ولا ننسى عدد  الحكومات التي ناهز المئة ،ومعدل عمر الحكومة 4 اشهر،وبالتالي وصل عدد الوزراء  إلى 635 وزيرا يرهقون الميزانية برواتبهم التقاعدية، كما أرهقوها بمصاريفهم ورواتبهم الخيالية التي إستحقت بدون إنتاج موازي للأداء.

من الأزمات القاتلة بالنسبة للشعب الأرني إقدام الحكومة على رفع الأسعار من خلال رفع الدعم الحكومي عن المشتقات النفطية ،والإستعاضة عنها بدعم مالي مباشر لكنه ذهب في معظمه إلى الأثرياء، أما الفقراء فقد تم الإعتذار لهم بأنهم لا يستحقون هذا الدعم.

الشعب الأردني هذه الأيام وبعد أن إستفاق من صدمة رفع اسعر المحروقات يضع يديه على قلبه إنتظارا لرفع أسعار الكهرباء وعلى مرحلتين الأولى 14% والثانية17% ،وهناك حديث أيضا عن رفع أسعار الخبز....كل ذلك بتوصية من البنك وصندوق النقد الدوليين اللذين ما وطئت أقدام ممثليهما أرضا إلا وأشعلت الحرائق.

التحذير الأخير الذي اطلقه العاهل الأردني الملك عبد  الله الثاني أدخل الرعب في قلوب الأردنيين على مصير بلدهم ،حيث قال أن الدولة سوف لن تستطيع دفع الرواتب في شهر آب المقبل،علما أن هناك من قال ان هذا التحذير هو صرخة في وجه دول الخليج لتقدم دعما ماليا للأردن،ولا يغيبن عن البال التسهيلات الأمريكية التي أقرها الكونغرس الأمريكي للأردن مؤخرا على غرار ما حصل عليه قبيل غزو امريكا للعراق ،لإجبار الأردن وإغرائه لتقديم دعم لوجستي وتسهيلات مهمة تسهم في إحتلال العراق.

ملف الأزمات التي تلاحق الأردن منذ تأسيسه، لا حصر لها منها مقتل الرقيب إبراهيم الجراح الذي كان يرافق وفدا سياحيا أردنيا  إلى وادي ماعين، ووجد مقتولا بحجة انه كان يسبح في الماء وإختفى،علما ان سذاجة هذه الرواية لا تقنع طفلا ما يزال في سن الرضاعة ،إذ كيف يمكن لمرافق إسرائيليين منبوذين من قبل الشعب الأردني أن يتركهم هكذا وشأنهم ويغوص في الماء سابحا؟

يقول الرواي والعهدة عليه أن المعلومات المتوفرة حول مقتل هذا الرقيب هو ان الإسرائيليين كانوا ينقبون عن الذهب في المنطقة وأنهم عثروا على ضالتهم، لكنهم قرروا قتل الرقيب حتى لا يبوح بسرهم.

ولأن قضيته إرتقت إلى مستوى الأزمة ،فإنها ما تزال بدون حل كونها تتعلق بإسرائيل ،ولا يزال أهله وذووه يطالبون الحكومة بالتحرك لإنهاء الأزمة ،وقيل أن هناك نية لدفع دية...

الأزمة الاخرى التي يعاني منها الأردن هي إستمرار إحتجاز الجندي الأردني احمد الدقامسة الذي إنتقم لكرامته ودينه، قبل نحو 16 عاما ،وقام بإطلاق النار على فتيات إسرائيليات وقحات  تهكمن عليه ،وسخرن منه ،عندما مررن عليه وهو يصلي في منطقة وادي عربة ....

بالأمس تفجرت في الأردن ازمة إتخذت الطابع الإقليمي بين أركان السفارة العراقية في الأردن  وأردنيين ينتمون لحزب البعث العرب الإشتراكي جاؤا إلى المركز الثقافي الملكي للإعتراض على محاضرة للسفير العراقي في عمان حول المقابر الجماعية المكتشفة في العراق.وما تزال تداعياتها تنفجر مثل القنابل العنقودية في كافة انحاء الأردن حيث الإنتقام من عراقيين يقيمون في الأردن ،وقد تم سحل موظف في السفارة العراقية في منطقة تلاع العلي وحرق سيارة لأكاديمي عراقي في جامعة مؤتة وهكذا ،ومن المقرر أن يقوم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بزيارة الأردن اليوم الجمعة لتدارك الموقف وتطويقه.

ولا يغيبن عن البال  أن علاقة الدولة مع جماعة الإخوان المسلمين في الأردن التي إنفصم عراها بعد التوقيع على معاهدة وادي عربة عام 1994 تشكل ايضا أزمة كبيرة للأردن .

أما أزمة الأزمات التي تعصف بمستقبل الأردن فهي الأحداث الجارية في سوريا وموقف الأردن منها ،وحتى نكون منصفين  فإن لقمان وفصيله لن ينجحوا في الخروج من هكذا أزمة سالمين وبدون إثخان الجراح.

فما هو واضح أن الأردن بين نارين ،فإن وقف مع النظام ونجحت المعارضة كان هو المرشح للتغيير ،وإن عادى النظام ولم تنجح المعارضة اصبح هدفا مشروعا للنظام السوري خاصة أن هناك شريحة كبيرة من الأردنيين الذين يؤيدون النظام السوري،ولا يمكن إنكار وجود خلايا نائمة ،دخلت في ثنايا صوفو اللاجئين السوريين.

العنف المجتمعي وعنف الجامعات ازمة لا تقل خطورة عن الأزمات السابقة  ولكن كل ما تقدم يمكن تفاديه عن طريق المواطنة الحقة وتساوي الفرص .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد