أردنيون يستعجلون اللجوء في ظل الكلاب المرفّهة!

mainThumb

02-06-2013 08:05 PM

تتناقل وسائل الإعلام بين حين وآخر أخبارا لأردنيين يلجؤون إلى مخيمات السوريين للسكن فيها، كان آخرها خبر المتقاعد العسكري الذي انتهى هو وأولاده الأربعة إلى خيمة لاجئين في يوم الاستقلال لتآكل راتبه بسبب ارتفاع الأسعار، وعدم قدرته على العمل في ظل مزاحمة السوريين لاسيما في منطقة الشمال،  مما دفع أيضا الشباب للعزوف عن الزواج بصورة ملحوظة ومقلقة.

تأتي هذه الأخبار المؤلمة في ظل أخبار مناقضة ومفارقة لها تماما، فمن ضبط مدير عام معروف -حسب نص الخبر- يأخذ كلبه المدلل في جولة ترفيهية في سيارته الحكومية الفخمة ذات النمرة الحمراء للترويح عنه،  وإنفاق مبلغ كبير من أموال أمانة عمان  التي تشكو ارتفاع المديونية لإنتاج أغنية ...الخ

يُعدّ تحميل الكلب مثالا صارخا على الاستهتار بالمال العام في ظل احتقان الشارع بصورة كبيرة نتيجة رفع الأسعار، والتهديد اليومي الممجوج برفع أسعار الكهرباء، والكشف عن الفساد المستشري في مواضع كثيرة من أرجاء الوطن حسب تصريحات هيئة مكافحة الفساد ذاتها.

لقد بلغت تكلفة استخدام السيارت الحكومية ما يقارب ال80 مليون دينار سنويا، وكشفت تقارير رسمية أن عدد المخالفات في استخدامها بلغ4،32 بالعشرة ألف دينار في السنوات ال4 الأخيرة!

أما إنتاج الأغاني، فحتى لو كانت في سبيل تمجيد الوطن واستقلاله وعليائه، فلسنا بحاجة لها في ظل هذه الظروف العصيبة من عمر الوطن والمواطن على حد سواء.

لقد غنينا كثيرا في السنوات الماضية حتى أصبح لكل حارة ولا أقول مدينة أغنية! وقصرنا مناسباتنا العزيزة على الدبكات الوطنية، ولم نصح ُمن سكرة الغناء والدبكة إلا وقد ضاعت أجزاء كبيرة من وطننا ومنجزاتنا.... وبتنا نتساءل هل كنا نغني -فعلا- للوطن أم عليه؟! إننا بحاجة إلى مَن يغنى للوطن لا لمن يغني ويرقص على ضياعه!

مثل هذا الفساد هو أحد أسباب الاعتصامات التي أصبحت ظاهرة منتشرة في كل أرجاء الأردن، تتحمل الحكومة مسؤوليتها، وهو، إضافة إلى الرواتب والحوافز الضخمة، والتهرب الضريبي لفئة قليلة على حساب الفئة الكبيرة  من أسباب الحنق الاجتماعي، وارتفاع المديونية، وتحميل المواطن مزيدا من الفقر، ففي حين نجد الشكوى المرة من جانب الإخوة السوريين من ظروف اللجوء، أصبح عدد من الأردنيين يتمنون لو أنهم يملكون ما يملكه السوريون في مخيماتهم!

لقد بات من المؤكد أن الفاسدين لا يحتكمون لروح المسؤولية الوطنية او الإنسانية...  ولا يرون عصيان معان واشتعالها، واذا كانت الحكومة غير جادة في مكافحة الفساد او غير قادرة على ذلك، فلا أقل من محاولة التحصين ضده والتخفيف منه، ففي مجال استعمال السيارات الحكومية –مثلا- يمكنها إلغاء هذه السيارات وإعطاء مَن تتطلب طبيعة عمله سيارة بدل مواصلات، فتوفر على الخزينة أثمانها، وبنزينها، وصيانتها، ومخالفاتها، وفسادها...  ويمكن لأملانة عمان أن تؤجل إنتاج الأغاني إلى  حين تحسّن الظروف، وتستثمر أموالها في مشاريع منتجة تفيد الشباب، وتوفر لهم فرص عمل.

لقد أصبحت أرجاء الوطن ترتجف من صيحات الجياع والفقراء والمهمشين لاسيما في المحافظات، في حين نسمع كل يوم أنماطا وألوانا وفنونا  جديدة من الفساد في العاصمة تحديدا!

هذا يعني أن كل ما كان من محاربة الفساد، والتظاهر ضده ذهب أدراج الرياح، وكان مجرد كلام لا يسمن المواطن، ولا يغنيه من جوع، بل على العكس لم ينله  منه سوى رفع الأسعار لتعويض ما سُلب ونُهب، وتحمل الأردني لارتفاع فاتورة دواء ارتفاع ضغط الدم!

لا أظن أن الوطن بحاجة إلى مزيد من الكلاب المرفهة، ولا إلى مزيد من الأغاني، بل إلى رجال دولة يكونون بشجاعة رئيسة دولة ميلاوي التي باعت  طائرة الرئاسة الوحيدة لتوفير سيولة للميزانية! وإلى مَن هم  بقناعة رئيس أكبر وأقوى دولة في العالم  (أوباما) الذي يأخذ قرضا هو وزوجته لشراء بيت، ويسدده من ماله الخاص، لعلهم  بذلك يكونون قدوة في سلوكهم وتضحياتهم للمحتجين والمعتصمين من المواطنين!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد