السيناريو الأسوأ .. نهاية المطاف

mainThumb

04-06-2013 11:20 PM

البعض يراقب سير الأحداث ويقرأ مجرياتها ، وربما يعيد قراءة الآخرين لها ، وأنا لا أرغب بهذه الطريقة التي يراها الجميع ، وأعمد الى قراءة ما بعد الحدث ، بناء على تحليل هذا الحدث.

الخطوة الأولى الواجب اتباعها لإخراج قراءة نقدية سليمة ،يتم خلالها اشغال العقل النقدي بأقصى طاقته ، بحيث تحرق تموجاته واشعاعاته كافة المحيط ، لتكون القراءة صافية نقدية من كل دفع ، وأتمنى أن يتلبسها المنطق، وتكون خالصة للهدف المرجو وهو تباين الحقيقة ، ولكني لا أدعي الكمال ، ولا أدعي امتلاك الحقيقة ، لكنني مرتاح لأنني عندما أخطيء أنال أجرا واحدا وإن أصبت فلي أجران ، ولست معنيا بمن غضب أو سر من تحليلي..

القضية التي نحن بصددها الآن هي سوريا ، وما يجري فيها ، ولست معنيا بإطلاق التوصيفات ضد هذا الطرف أو ذاك، فأتباع الطرفين أشبعوا الموضوع وصفا وتوصيفا ، بغض النظر عن صوابيتهم أو عدم ذلك.

قلنا في مقال سابق أن سوريا تشهد حربا كونية  ،وتتعرض لمؤامرة دولية،وهذا ما ميز سوريا عن غيرها من  البلدان العربية مثل ليبيا والعراق،وحتى مصر التي حسم الأمر فيها دون تدويل ، مع أهمية هذ الدول ، فالقذافي على سبيل المثال كان مطلوبا ازالته وبأي طريقة ولذلك تحرك الناتو سريعا ، أما مصر فلم نر اهتماما دوليا بما جرى فيها ، في حين أن العراق حسم أمره في ظل غياب التوازن الدولي،إذ غابت شمس الاتحاد السوفييتي  آنذاك ، وكان السطوع القوي لأمريكا...

سوريا بلد محوري ، ولا يوجد عاقل ينكر ذلك ،وهذا ما دعا حراكها أن يحكم عليه بالفشل  وربما مؤقتا ، لأن قرار بناء الشرق الأوسط الوسيع قد اتخذ ، فالأمور هنا لم تعد  تعنى بوضع الشعب السوري، وإن كان مظلوما أم لا ، فهذا السؤال  بات خارج النص..

السؤال المطروح هو : ما هو وضع المصالح في سوريا ، سواء المصالح المضادة للنظام ، أو القوى التي تقف معه ؟ وهي مع الأسف المستهدفة قبل النظام السوري، وأعني بذلك ايران وحرب الله ، ولو أن النظام السوري تعامل بإنتهازية  أو براغماتية وقبل حرق سفنه مع ايران وحزب الله ، لننال مكافآت عديدة ، منها الدعم الخليجي، والهيمنة على لبنان ، وحتى الأردن ، وربما أيضا أعيدت له هضبة الجولان المحتلة.

لكنه أصر على تحالفه المقدس مع ايران وحزب الله ففتحت عليه أبواب جهنم ، ومع ذلك نراه صامدا وقد قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخرا أنه لن يتخلى عن الأسد حتى لو وصل القتال من بيت الى بيت في موسكو ، وها هو الرئيس بشار الأسد يعلن ترشحه لانتخابات الرئاسية في العام المقبل.

اذن فإن السبب الرئيس للانفجار في سوريا ، هو عقاب الرئيس الأسد لرفضه طلب دول الخليج المؤيد من قبل أمريكا واسرائيل وبريطانيا  على وجه الخصوص إعلان الفكاك او الطلاق البائن بينونة كبرى مع إيران وحزب الله، ولأن ايران النووية ، وحزب الله الذي مرغ أنف اسرائيل بوحل الهزيمة صيف العام 2008 يشكلان   العقبة الكأداء أمام اسرائيل لركوب سرج الشرق الأوسط الوسيع ، فإن المحاولة ستستمر الى أن تنجح ، بمعنى انه حتى لوتوصل المجتمع الدولي الى اتفاق لوقف الحرب الكونية في سوريا ، فان الجمر سيبقى تحت الرماد ، والريح جاهزة في أي لحظة!!

لن يحدث استقرار في سوريا ،وهذا ليس تحليلا ، بل هو حقيقة لماذا ؟ الأسباب عديدة أهمها أن دول الخليج العربية لن تسمح بخروجها من أي حرب خاضتها مهزومة ، وستدفع كثيرا لتحقيق هدفها ، ورؤية المنطقة خالية من حزب الله وايران الاسلامية ، كما أن الدم الذي سال في سوريا ،لا يمكن قياسه بحجم لقد غطى سوريا بأكملها ، كما أن السوريين أهينوا حتى في دول الجوار ، وباتوا هدفا لكل من باع ضميره للشيطان الرجيم ، فالأمر طال الحرائر..

كما قلت فان  ما يجري في سوريا هو حرب مصالح ، وهذا يعني أن موسكو ستقبل بحل ما يحفظ لها نصيبها من الكعكعة السورية اللذيذة ،فما ترغبه  هو منفذ على المتوسط ولا يهم من ستتعاقد معه لضمان ذلك..

القضية الأخرى التي طفت على السطح ، وبدراسة معمقة ، هي أسلمة الحراك السوري، وجرى السطو على هذه الأسلمة ، بغرس الجهاديين التكفيريين في قلبها ، ولذلك نلاحظ أن لهجة المجتمع الدولي تغيرت بعد أن بدأ  الاعلام الغربي يسوق لنا " جبهة النصرة السورية " واظهار من قيل عنه أنه من الجيش الحر وهو يلوك كبد وقلب أحد الجنود السوريين!

ما يجري في لبنان مؤشر سيء لنهايات المسرحية في سوريا ، فالطرف الآخر المعادي لحزب الله ، بدأ يجيش نفسه استعدادا لمواجهة حزب الله ،بعد معارك القصير وظهور السيد حسن نصر الله مبشرا بالنصر.

أما في الأردن  الذي لا يحسد على  موقفه ووضعه، فانه بين نارين متأججتين ، نار الضغط الغربية والخليجية ونار الأزمة المالية المتأصلة فيه .. لا يستطيع الأردن مواصلة رفضه لاستخدام أراضيه منطلقا ضد سوريا ،فهو في نهاية المطاف له دور وظيفي محدد ولا يستطيع الخروج عن النص ، ونحن بانتظار مناورات " الأسد المتأهب " التي ستجرى فوق الأراضي الأردنية وللمرة الثانية بمشاركة 18 دولة ، قيل أن اسرائيل ليست من ضمنها.

بقي القول أن سوريا وايران وحزب الله أخطأوا في قراءة الحدث ، وهيء لهم أن القمع كفيل بحل المشكلة ، وقد غاب عن بال الجميع في هذه الأطراف الثلاثة ان حل المشكلة كان يكمن بإعلان الحرب على اسرائيل ، عندها سيقف الجميع مع سوريا ، وسيخجل الآخرون من انفسهم لأنهم ضد سوريا التي شنت حربا على اسرائيل.

لذلك أختتم أن الجولة في نهايتها ستكون لصالح الشيطان الرجيم...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد