لماذا يسرقوننا؟!

mainThumb

10-06-2013 08:04 PM

سأل الأمريكيون قبل سنوات، وبعد أحداث 11 سبتمبر تحديدا سؤالا قيل أنه كان مبررا لأكبر حربين في التاريخ الحديث وهو: لماذا يكرهوننا؟! واليوم بات من حق الأردنيين بعد كل ملفات الفساد التي جرى الحديث عنها، وقول القضاء قولته في بعض منها- أن يسألوا: لماذا يسرقوننا؟!

لم يكن الأردني يوما على درجة من السذاجة التي تجعله يظن أنه يعيش في المدينة الفاضلة التي لم يُصبها الفساد من أمامها أو خلفها، بل أكثر من ذلك هو يعلم أنه يعيش في عالم يشوبه الفساد من رأسه حتى أخمص قدميه، لا سيما في الدول النامية،  إذ بلغ  المُعلن عنه مئات المليارات.

لكن الأردن مختلف عن سواه كونه بلدا صغيرا محدود الموارد المستغلة، وبالتالي، فإن السرقة، ونهب المال العام فيه يعرضه لمخاطر أكثر من تلك الدول ذات الميزانيات الضخمة، والموارد الكثيرة؛ من هنا، فإن ما حدث من نهب منظم لموارده  كاد أن يوصله إلى الإفلاس، وانهيار الدينار غير مرة، ناهيك عن إفقار المواطن إلى حدّ كبير جعله يخرج إلى الشارع مرددا بأعلى صوته ما كان محرما التفكير به قبل سنوات.

ولعل من أبرز السرقات كانت الفوسفات التي تعدّ من أهم ما يمتلكه الأردنيون من موارد، فرغم كل ما قيل في بيعها لم نصل بعد إلى معرفة الحقائق كاملة، ولا مقدار المبالغ المنهوبة التي قد تصل إلى المليارات، ولا كل الشركاء الوالغين في دمها ودمنا، وكلما تجدد الحديث فيها كلما زاد حنق الأردنيين وأسفهم على من منحوهم ثقتهم واحترامهم، فبادلوهم ذلك نهبا وسرقة!

 لقد أفاد المحكوم في قضية الفوسفات من مقدرات الوطن على مدى سنوات طويلة، فلماذا يسرقنا؟! وأين الرقابة على سلوكه طيلة السنوات السابقة أم أُعطي هو الآخر صك المؤتمن على مقدراتنا دون حسيب أو رقيب؟! ولماذا انتظرنا وقتا طويلا للحجز على ممتلكاته؟! ولماذا لم نمنعه من السفر تحفظا لحين الانتهاء من التحقيق؟!

حينما تبرع العراق لنا بقليل من النفط، وحينما تأتينا منحة من اليابان أو غيرها ب7 مليون دولارا، بل بـ 50 ألفا يتصدّر الخبر الصحف والمواقع الالكترونية، ونقدم الشكر تلو الشكر لهذه الدول التي نسميها بالشقيقة أو الصديقة، وكأننا شعب فقير يعتاش ويتسوّل على أبواب المانحين والذين يعطفون علينا لسد رمقنا، حتى أصبحنا نُنعت بالشحادين في حين يُصدر قضاؤنا اليوم حكما على شخص واحد  فار بمئات الملايين!

وإذا كان المتبرعون والمانحون بالقليل لهذا الشعب القابض على الجمر يُنعتون بالأصدقاء والأشقاء، فماذا ننعت السارقين له بالملايين والمليارات؟!

ويبقى السوال: كم حجم الأموال التي نهبها المحكوم هو وشركاؤه من الفوسفات وغيرها، وكم أهدروا من الأموال طيلة مدة إئتمانهم على أموال الشعب المنكوب بمن يُسمون رجالاته؟! وهل اختلفت قصة بيع شركة الكهرباء التي يهددنا برفع سعرها رئيس الوزراء كل يوم، بل كل ساعة وكأن الشعب أصبح يتيما على مائدة لئام وغيرها من مؤسسات الوطن  المنهوبة عن الفوسفات؟!

وكم أهدر هؤلاء آكلوا السحت من كرامة الأردنيين في سبيل سرقاتهم، وكم عدد هؤلاء الذين شاركوا بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وكم تبلغ أموال السحت التي هربوها في حين يئن الشباب الأردني بطالة وفقرا، ويفيد منها مَن هُربت أموالنا إلى بنوكهم وأفادوا منها في استثماراتهم؟

وهل فعلا بدأنا اليوم نتبادل الأدوار، فهدرت كرامة الفاسدين، فتساقطوا  الواحد تلو الآخر في وسائل الإعلام العالمية قبل المحلية، وفي مجالس الأردنيين، ذات الضوء الخافت –اقتصادا بالكهرباء- فباتت حرقة قلوبهم أقوى اشتعالا على مَن أحبوهم، ووثقوا بهم، فبادلوهم الحب بهدر الكرامة، والإخلاص بالخيانة، وباختصار لقد سرقونا، وأفقرونا، فلماذا؟! إنه سؤال برسم الإجابة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد