أضحية عيد الفطر

mainThumb

05-08-2013 05:22 PM

فبعد الأحداث الراهنة في الشرق الأوسط  من مجازر في مصر وسوريا و غيرها من الدول العربية من مطالبي العدالة الإجتماعية و الحرية و نبذ الظلم يجتمعون سوياً ليشربوا  من كأس الدم نفسه .

هل حقا أن هذه الشعوب لا يحق لها أن تحيا كما تحيا الدول المتقدمة هل تم تصنيف  دول العالم الثالث من الدول المتخلفة التي تعيش على معونات الغرب و لا يحق لها ان تبني وتصنع وتأكل مما تجنيه أيديهم ، هذه رؤية قيادات الغرب ولا يمكن تنفيذها إلاّ بأيادي وقيادات عربية  فكل حديثنا عن مصر و ما حدث فيها من انقلاب  بيد وزير الدفاع و الداخلية المصرية و بعض المنتفعين من الأحزاب المعارضة.

منذ عهد جمال عبد الناصر و الحرب لاتزال تُشن على الإخوان المسلمين مروراً بعهد السادات إلى عهد مبارك و النظرة واحدة لا يختلف عليها أحد الإخوان جماعة ارهابية و يجب قمعها في جميع الميادين ،حتى جاء زمن نبذ فيه أهل مصر الحكم العسكري و اجتمعو على انتخاب الرئيس محمد مرسي رئيساً مدنياً شرعيا منتخباً من قبل الأغلبية .

ثلاثون عاماً مضت تحولت فيها أرض مصرإلى أرضٍ تنبت فيها القمامة بدلاً من أن ينبت فيها القمح الذي هجر الأراضي الزراعية .

العديد من الأماكن المهجورة التي لاتصلها الخدمات و لا تتوفر فيها المدارس و أطفال لا يعرفون القراءة و الكتابة و لم تأتي إليهم جمعيات حقوقية لتعرض قضيتهم على الرأي العام .

أبناء الشعب الجوعى لم يجدو سبيلاً إلا الثورة و حدثت تلك الثورة و حدثت العدالة الإجتماعية .

وخلال عام من استلام الدكتور محمد مرسي الحكم و الإعلام يشن هجوماً شرساً و هناك أيدي خفية تحاول إثارة البلبة و افتعال أعمال تخريبية من شأنها أن تنزع الثقة بين الحكومة المنتخبة و الشعب الذي انتخب .

بالرغم من شعور العديد من أبناء الشعب الكادح بالتغيير الذي حدث من عمليات الإعمار لبناء بنية تحتية جديدة لما تعرضت له البلاد خلال الثلاثون عاماً لعمليات السلب و النهب هدمت فيها بنية مصر،إلاّ أنّ الإعلام المصري  قام بتهيئة الأجواء للمرحلة القادمة ،لم يسلط الضوء على الإنجازات التي قامت بها الحكومة الجديدة بدأت تسلط الضوء على السليبات و تحجب عن مسامع المشاهد الإجابيات و هذه سياسة تعلمها الإعلام من النظام السابق و لازالت متوفرة وموجودة على الساحة الإعلامية هذا الإعلام الذي عاش مضللاً على مدار ثلاثون عاماً و لازال مضللاً ،ولم يذكر الدمار التي تعرضت له البلاد من إستيطان مبارك على أرض مصر .

أي تغيير لا يتم بين ليلة وضحاها بل يحتاج إلى مدة و هذه المدة تتطلب المساعدة و العون من القوى السياسية و مؤسسات الدولة و هذا لم يتوفر في المرحلة السابقة بل بدأ شن الهجوم على النظام الجديد ليتم اسقاطه .

بعد أن سقط النظام الجديد على مشارف حلول شهر رمضان ظنت جماعة الإنقلاب أن القصة قد انتهت و بمجرد حلول شهر رمضان سيغادر كل المؤيدين للشرعية و تنتهي القضية و لكن ما أذهل العالم أجمع صمود هؤلاء المؤيدين خلال أكثر من شهر  و لم تتوقف الوفود الداعمة للشرعية كما ظنت حكومة الإنقلاب و لم تنتهي القصة بل بدأت .

الحقيقة أن هذه الحكومة قدمت خدمة للإخوان سعت لتشويه صورتها من خلال قنوات مصرية تخضع لحكومات الإنقلاب و لكن النتيجة أنها ساعدت في تحول الأنظار من الشرق إلى الغرب نحو اعتصام المسلمين في رابعة العدوية "أظهرت هذه الاعتصامات من هم المسلمون" و كيف يُديرون هذه الاعتصامات بكل حرفية حتى أنظار الغرب تعجبت من إرادة هذا الشعب و من تنظيمهم و هذا ما دفع العديد من أبناء الشعب المصري للإنضمام إلى هذه الإعتصامات حتى من كان معارضاً أصبح مؤيداً بعد أن اختلفت النظرة في أعينهم  ،فتحول ميدان رابعة العدوية إلى ميدان الصمود و اختلف الرأي بالإجماع بأن الإخوان حقاً مسلمين و ينبذون الإرهاب منظمين و أصحاب قضية سامية ،و اجتمع أهل مصر لينتفضوا و يشاركونهم الإعتصام حتى يعيدوا الشرعية التي سلبت منهم ،و بعد أن شعر المعارضين بأن حكومة الإنقلابية قد خدعتهم و أنها كانت تسعى لتحقيق مصالحها الشخصية و أنها كانت تستخدمهم وسيلة لتحقيق هذه المصالح .

ظهر على الساحة العديد من الأسماء الغريبة سواء أكانت قيادة عسكرية أم سياسين و رجال الصحافة المصرية ،سواء أكان سيسي أم برادعي أم نمنم و كل هؤلاء أعدو عدتهم وشنو هجومهم باستخدم الإعلام  لتطبيق سياسة حرب الأعصاب و بث الصورة المكذوبة ليُظهر المعتصمين بصورة الإرهابي ولكن العديد من الباحثين عن الحقيقة هجرو القنوات المصرية و اعتبروها قنوات مضللة و لا تنقل الحقيقة و اكتفو  بمتابعة المسلسلات الرمضانية على قنواتها ،أما الحقيقة فيمكن مشاهدتها من خلال قناة الجزيرة أو قناة الحوار التي تبث الصورة الحقيقية للإعتصامات المؤيدة للشرعية في العديد من الميادين منها رابعة العدوية و تحولت أنظار المشاهدين لمتابعة الحدث ،وكشفت الستار عن الحقائق التي كان يسعى الإعلام المصري لحجبها ،و هؤلاء المعتصمين أرهقو حكومة الإنقلاب فبدأت الأن تتخبط و لا تعرف كيف تخرج من هذه الأزمة التي ظنت أنها ستنتهي بحلول شهر رمضان .

أما الحقيقة لا تحتاج إلى البحث و التمحيص  لكنها تختلف من فرد لآخر حسب مصلحته يتحول رأيه و تختلف أفكاره و منظوره للحقيقة .

 لو سألت عن رأي كل من مخرج سينمائي أو فنانة (   سواء كانت ممثلة أم مغنية أو تمتهن اي نوع من أنواع الفنون)  أو صحفي متكسب  أو إعلامي مضلل أو عامل فقير أو مواطن بسيط  أو طالب جامعي مقبل على الحياة ستكون الآراء مختلفة .

المخرج السينمائي سيرى أن استلام اخوان المسلمين للحكم سيهدد الفن و الفنانيين لذلك سيفعل المستحيل ﻹسقاط هذا الحكم أما الفنانة و هذا ينطبق على اﻷغلبية سترى أن هذا الحكم سيهدد مهنتها و بالتالي ستفقد عملها و تجلس في المنزل و بالتالي في أي لقاء تلفزيوني يتم استضافتها فيه سيكون رأيها أن الرئيس المعزول "أخذالشر و راح" وهناك من بدأت تستشهد بعبارات دينية مغلوطة و كأن هؤلاء بدأوا يتخبطون و لا يعرفون بأي حجة ينطقون.

الصحفي يرى أن الطريق للنهضة يجب أن يقوم على دماء الشعوب و يرى أن الحكم العلماني أفضل بكثير من الحكم الاسلامي ،لذلك يجب قمع كل من يرفض الرأي العلماني .

أما الإعلامي المضلل فهو يمشي في الطريق التي تؤدي إلى مصلحته لشخصية فقول الحقيقة لها توابع أولاً سيترك العمل لأن أغلب القنوات المصرية هي تابعة لرؤوس المعارضة دون الخوض في التفاصيل لذلك يجب أن يقول و يطرح المواضيع  التي ترضى عنها إدارة القناة و إلا يقال له مع السلامة ،يعني بالفصيح يحافظ على لقمة عيشه و هي لقمة مغمسة بالدم .

أما العامل الشريف و أغلبية الشعب المصري هم عمّال(سواء كان طبيباً أو مهندساً أو مدرساً أو محامياً أو كان يمتهن أي مهنة فهو أحد عمّال الوطن ) سيكون رأيه واضح أنه انتخب رئيسا و يطالب بعودته رئيسا شرعيا للبلاد .

أما المواطن البسيط فكل ما يطمح به حياة كريمة ،ويرى أنه بانتخابه للرئيس مرسي سيُعيد لأرض مصر حضارتها ،و هذا الإنقلاب باطل لأنه ألغى رأيه و إرادته في الإختيار،و اعتصامه لأعادة الشرعية  .

أما الطالب فظن أن الظلم و الإتهاض ذهب مع ذهاب الحكم السابق و سيبدأ حلم جديد للحرية  لم يطول هذا الحلم حتى جاء الإنقلاب العسكري الذي جاء كما قال  زعماؤه  بأنه إرادة شعب  و الأن نشاهد ملايين في الميادين تحتشد وتطالب بالشرعية و تطالب بعودة زعيمها  ولماذا لم يلبي وزير الدفاع المصري نداء هؤلاء؟ولماذا وشن عليهم حربا إعلامية و نفسية و عسكرية و وضعتهم في دائرة الإرهاب و الخارجين عن القانون؟ و هل العمليات العسكرية التي تسببت بقتل المئات من المتظاهرين يعتبر قانونيا لأنه يقتل و يقضي على التمرد .

لو تابعت الخطاب الذي أجراه الرئيس مرسي و تتابع مجريات الأمور ستعلم أنه انقلاب مبيتٌ له لا يوجد له أركان صحيحة لتدعمه.

فخطاب الفريق عبد الفتاح السيسي جاء نقلاً عن خطاب الرئيس مرسي لم يضف عليه أي جديد ،فإن كان الرئيس وافق على مطالب الأحزاب لماذا قام هذا الإنقلاب ؟

أصبح قمع هؤلاء ضربا من الخيال فالشعب المصري و معاناته مع القمع     يشبه الطير الذي هرب من القفص و نبذ عن نفسه القيد  فكيف يمكن اعادته للسجن بعد أن ذاق طعم الحرية، ميدان رابعة أعطى دروساً في الإصرار و الصمود و الإيثار .

السؤال الذي سيبقى يدور في الأذهان هل ستقام مجزرة جديدة في محيط رابعة العدوية  بحلول عيد الأضحى و تكون  الحكومة الانقلابية قد قدمت أضحية عيد الفطر دون النظر لحرمة العيد كما حدث في مجزرة منتصف رمضان هذا ما سنترقبه على الشاشات.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد