مصر السيسي تحت الحصار الدولي

mainThumb

17-08-2013 12:06 PM

فجأة وبدون مقدمات،وكأن القدر الغبي نفض الغبار عنه، ليظهر في مثل هذا اليوم الأسود الذي كان ينتظر المحروسة مصر، ظهر الجنرال عبد الفتاح السيسي على الساحة ،بعد أن عينه الرئيس المعزول د.محمد مرسي ،وزيرا لدفاعه خلفا للجنرال الطنطاوي الذي لم يكن مأمون الجانب بالنسبة لمرسي ،لكن السيسي كانت قرصته أشد سمية بالنسبة للرئيس مرسي، وبعد هذا الظهور الغامض ،غرقنا في ملفه الشخصي وتهنا في تفكيك ألغازه.

أول سطر في هذا الملف هو صورة له وهو طفل صغير، يصافح الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، وقيل بعد ذلك أنه عبد الناصر الجديد،ووجد من المطبلين والمزمرين الجاهزين للعب مثل هذا الدول  من الإعلاميين المصريين ،من يتحدث بذلك على شاشات التلفزة المصرية التي سمنت إبان عهد مبارك المخلوع وتحن إليه ،لحاجة في نفس يعقوب وليست خافية علينا.

أما السطرالثاني فهو نسبه لأمه اليهودية المغربية ،وهذه تحتاج لوقفة طويلة ،للتمعن في العقيدة اليهودية وتعريف من هو اليهودي،في حين أن السطر الثالث هو أن السيسي فرض نفسه الزعيم الأوحد في مصر ،مع أنه جاء في مرحلة إنتقالية حرجة تتطلب سماع أصوات الجميع.

لم يعد هناك صوت يعلو فوق صوته ،بل لم نسمع للرئاسة المؤقتة  أو رئاسة الحكومة او الحكومة نفسها صوتا مثل صوت السيسي وهذه علامة دامغة على توجه الرجل ووضعه ،كما أنه يظهر بمظهر الزعيم النيق صاحب النظارة السوداء ،وما يزيد الطين بله هو أننا نسمع أنه سيرشح نفسه للرئاسة وسيكون الإعلامي المتلون عكاشة نائبه ،ويا عيني على هكذا رئاسة.

لست معنيا هنا بمآل الإخوان المسلمون في مصر ،لأن هذا ما جنوه على أنفسهم ،فهم لم يحسنوا  أداء اللعبة ،ولذلك ضاعوا وأضاعوا  معهم كل من يسعى للتغيير إلى ألأفضل،فما يهمني هنا هو مصر المحروسة التي وجدت نفسها في أتون السيسي وجيشه الذي غادر الحدود وتركها نهبا لإسرائيل تزرع فيها من الخلايا ما تشاء،وتضع فيها ما تشاء وتخطط لها وفيها ما تشاء.

ولو أن  حدثا ما وقع في أي بلد مهدد وبعدو مثل إسرائيل،لكان من المفروض أن يعالج بغير هذه الطريقة،إلا أن الجنرال السيسي وعلى ما يبدو ،ينفذ أجندة عدوة لمصر ،إما بعلمه وموافقته وهذه جريمة ترقى إلى مستوى الخيانة ،أو بدون علمه وقصده وهذه خطيئة كبرى،فالدم لن ينتج سلاما مجتمعيا في المحروسة مصر ،بل سيجرها إلى بحر من الدماء.

هناك قضايا مهمة يجب التوقف عندها والتمعن فيها  ،للخروج بدروس وعبر منها ،وأهمها أن بصمة إسرائيل المتربصة  بالمحروسة مصر رغم معاهدة كامب ديفيد سيئة الصيت والذكر،نافرة وباللون المقزز في أحداث مصر الدموية ،فما يقال ،ويقيني بأنه حقيقة  لا لبس فيها ،أن إسرائيل هي التي تحرك السيسي،ولا أستبعد أنها أيقظت خلاياها النائمة في مصر ،للإسهام في توتير الأجواء المصرية من خلال القتل ،إذ لا أحد قادر على كشف هويات من هم في الميادين وفوق السطوح وفي الأزقة والحارات ،وقد أوضح رئيس الموساد الإسرائيلي السابق داني ياتوم قبل يومين من  هجوم السيسي على ميداني رابعة والنهضة،أن على إسرائيل ألا تقلق من المواجهة العسكرية التي ستحدث في مصر قريبا.كما قال أن  مصر تتجه لعودة نظام مبارك المخلوع "العسكري الديمقراطي"،وقيل أيضا أن السيسي أبلغ إسرائيل بهجومه العسكري على الميدانين.

المشهد الأكثر إثارة وغموضا بالنسبة للآخرين هو أن الجنرال السيسي،رفض الرد على مكالمة هاتفية وردت له من سيد البيت الأبيض الأمريكي باراك أوباما،ما أدى إلى حدوث صدمة كبيرة لدى الرئيس الأمريكي،إذ من يجرؤ من الحكام العرب على تجاهل موظف صغير في البيت البيض ،فما بالك بوزير دفاع مصر الذي رفض الرد على مكالمة سيد البيت الأبيض؟

الجواب على هذا الإنشداه  هو أن الجنرال السيسي ،يعتقد أن نيل رضا إسرائيل ،أهم وأولى من نيل رضا سيد البيت البيض الأمريكي الواقع تحت ضغوط مراكز  الضغط اليهودي في واشنطن مثل "الإيباك" و"ميمري".كما ان ذلك دليل على إرتباط السيسي بإسرائيل التي تريد مناكفة أمريكا بأنها صاحبة الكلمة الأولى في الشرق الأوسط وليست واشنطن؟؟!!!!

أعترف أنني عاجز عن فهم الموقف الرسمي الأمريكي حيال أحداث مصر،لكن غدا لناظره قريب ،وسيذوب الثلج وينكشف ما في المرج،لكن المهم والظاهر ،هو أن أمريكا  الرسمية  تقف وتعلن  أنها ضد إنقلاب السيسي،ولذلك ألغت مناورات مع الجيش المصري ضمن مناورت حلف النيتو في تشرين أول/أوكتوبر المقبل،وتبعتها تركيا التي ألغت مناورات بحرية كان مزمع إجراؤها مع الجيش المصري،مع أن السيسي حاول الإيحاء بانه هو الذي بادر  بإلغاها ،لكن أنقره كذبته فورا ،وقالت أنها هي التي بادرت وألغت المناورات ردا على موقف الجيش المصري ومشاركته في الأحداث الدموية الدائرة في مصر،وهناك من دعا حكومة كاميرون في لندن بعد تزويد الجيش المصري بما يحتاجه من معدات ضرورية.

نتيجة لكل ما قام به الجنرال السيسي ،الرئيس المتخيل للمحروسة مصر ، فإن مصر باتت تحت الحصار الدولي ،فهناك العديد من الدول التي سحبت سفراءها من القاهرة للتشاور ،إحتجاجا على الإنقلاب السيساوي،وفي مقدمتها الإكوادور وجزيرة موريشيوس،وبروزمشاكل سياسية مع كل من المانيا وفرنسا اللتان وجهتا الدعوة للإتحاد الأوروبي كي يتحرك ضد الإنقلاب في مصر،إضافة إلى تركيا وحلف النيتو.

وأجمعت منظمات حقوق إنسان مصرية وعربية ودولية على ضرورة فتح ملف لقادة الإنقلاب وجرهم إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي لمحاكتمهم على ما إقترفت أيديهم  ضد الشعب المصري  كمجرمي حرب،ناهيك عن تحرك مجلس الأمن ومناقشته للأوضاع في مصر ودعوته الأطراف المعنية للحوار.

اللافت أيضا أن السيسي أضاف إلى قائمة أعدائه وهم الإخوان المسلمون ،قناة الجزيرة ،وإعتقل بعض مصوريها ومراسليها وفرض طوقا عسكريا على مكاتبها لمنع موظفيها من مزاولة أعمالهم ،فأي ديمقراطية هذه؟

حتى حركة تمرد التي تحركت ضد مرسي  يوم 30 يونيو،إكتشفت خداع السيسي ،وها هي تدعو الجماهير المصرية إلى مواصلة التجمع في الميادين رفضا للإنقلاب وحكم الإنقلابيين،وهذه رسالة ذات مغزى ،ستفيد المحققين في محكمة الجنايات الدولية لاحقا.

سيختفي الجنرال السيسي عن المشهد في مصر ،وسيحاكم في لاهاي كمجرم حرب،وسيكتشف كل من قدم الدعم له مدى تورطه في الجرائم التي إرتكبها بحق المحروسة مصر.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد