أمانة عمّان في نظر المدير و الموظف و المواطن

mainThumb

22-09-2013 12:41 PM

التقيت أحد مدراء المناطق في أمانةِ عمّان و كانَ حديثي معهُ عن المهامِ و الإنجازاتِ التي تقومُ بها أمانةُ عمّان، فرحب كثيراً بهذا اللقاء و أخبرني بأنه يجب الحديث عن إنجازاتِ أمانةِ عمّان لأن أغلبَ المواطنينَ ينظرونَ للأمانةِ بأنها عبارةً عن" حفرةٍ في الشارع أو لمبةٍ على عامودِ كهرباءٍ"و أنّها مُكلَّفةٌ فقط بالإهتمامِ برصفِ الطرقِ و معالجةِ الحفرِ ، أو تحريرُ المخالفات (وجميعها قد طرحتها سابقا فيما يتعلق بمخالفات الأمانه) و متناسينَ الأعباءَ التي يُواجهها المُدراء و الموظفون لتقديمِ الخدماتِ للمواطنِ.

واسترسل في حديثهِ أكثر فروى لي أنهم أحيانا يتحملون من المتاعب ما يجعلهم يتركون بيوتهم و عائلاتهم في أوقات الطوارئ و هذه الأعباء لا يتحملها سوى المدراء و بعض رؤساء الأقسام ، فيصل الأمر حتى بالمبيت خارجاً ذاكراً لي أنه قد يستدعي الأمر المبيت على أحد مقاعد المكتب ليلةً كاملةً، فكّل ما ينظر له العامة هو مدى تزمت المدراء و تشددهم في تطبيق بعض القوانين فعبر عن الهدفِ من الإلتزامِ بتطبيق القوانين هو السلامةُ العامة للمواطن ، في حين ينظر المواطن إلى هذا التزمت بأنه قوانين تعسفيّة و هذه كانت وجهة نظر المدير في القوانين المستخدمة و مدى الإلتزام بها، و عندما طرحت عليه هذا السؤال "هل هذه القوانين تطبق على جميع المواطنين دون وجود بعض التجاوزات" أجابني مبتسما لو أجبتك "بنعم"ستكون إجابتي غير واقعية لكن أستطيع أن أقول لكِ أننا نحاول أنْ نطبّق هذه القوانين على الجميع.


كما أنني تطرقت لمدى تطبيق قوانين العمل على جميع الموظفين أم أنّه يتم تطبيقه على البعض دون الآخر و استخدام مبدأ "أهلنا و عزوتنا أولى بالمعروف" المتبع في عدد من الدوائر الحكومية و حتى الخاصة ،و الذي يقتضي بتميز موظف دون الأخر فقط لأنه أحد أقرباء المدير أو من معارف رئيس أحد الأقسام أو له قريبٌ يعملُ نائباً أو غيرها من الأمور، أجابني :-أنا أحاول جاهداً تطبيق القوانين على الجميع فالجميع عندي سواسية ، استرسل بإجابته قائلاً يوجد لدينا هنا ما يسمى بالإجازات الإدارية و هذه تعطى للموظف الذي كلف بعمل إضافي خارج مهامه الوظيفية ، فإنجاز موظف لأعمالٍ متراكمة عليه لا تتطلب أن يأخذ عليها إجازاتٌ إدارية و من هذا المنطلق فإنني أعطي كل ذي حقٍ حقهُ و هذا مثال صغير لتطبيقِ مبدأ العدالة الوظيفية ، بالرغم من أنها مسألةٌ بسيطةٌ لكنها تُغضبُ العديدَ من الموظفين و يعتبرون أنّه ظُلمٌ لحقوقهم ، أمّا أنا فأرى أنني مادمت أجلس على هذا المقعد "و أشار على الكرسي الذي يجلس عليه" إذاً فأنا محاسبٌ على هذه الأمانة أمام الله، هذه الإجابة دفعتني لسؤاله و هل جميع مدراء المناطق يطبقون العدالة الوظيفية و يتقيدون بجميع الأمور التي ذكرتها ، أجابني :- طبعا هذه الأمور تختلف من شخص إلى آخر و من مديرٍ إلى آخر فليس الجميع يطبقون القوانين و لكن الجميع يسعى للإرتقاء الوظيفي ،سألته ماذا تعني بالإرتقاء الوظيفي ؟فأجاب أن نصل إلى مرحلة التميز و أن نؤدي المهام الموكلة إلينا دون أي تهاون أو تقصير ،و المحافظة على أموال الدولة ، و هذه غاية عند الجميع وهي الصالح العام .

و بعدها إنتقلت إلى مكتب أحد الموظفين فلم أجده موجودا على مكتبه ، كان في استضافةِ أحد زملائه في المكتب المجاور و يترك المراجعين يبحثون عنه ،أو أنه يترك الدائرة لتخليص بعض المصالح المتعلقة به ،حيث يذهب و يترك الدنيا خلفه" تَضْرب تقْلب "و هذا شأن العديدِ من موظفي الحكومة .

ولو نظرنا إلى موظفٍ آخر مجتهد يعمل بضمير و ينجز عمله و عمل غيره و لا يجد من يكافؤه على خدماته و مع مرور السنوات الوظيفية يشعر بالإحباط الوظيفي و اللامبالاة حتى أنه يتحول إلى الموظف الروتيني فاقداً للرغبة في العمل .

موظف أخر يعتبر الأمانة وسيلة لتخليص المعاملات و منهم من يفرض شروطاً على المراجعين حتى يجبرهم بتكليفه لإنهاء هذه المعاملات فلا يمكن أن تنتهي إجراءاتها إلاّ بتدخلٍ من هذا الموظف و تراه بعد فتره من ملاك سيارات المرسيدس وهو عبارة عن موظف عادي "فمن أين لك هذا ؟"طبعا هذا الموظف مخفي عن الأنظار بالرغم من أنه واضح وضوح الشمس للعديد  و التغير الذي طرأ عليه ظاهراً في حياته  وهناك تحول ملموس بين السابق و الحالي .

موظفون أخرون "أهلٌ و عزوة" مع بعضهم و هم مع بعضهم متكاتفين يساعدون بعضهم ،رئيس قسمهم منهم و فيهم، يعطيهم إجازات إدارية سواء كان لهم حق فيها أم لا المهم أنهم أسرة مع بعضهم ، و أحياناً يشعرونك بجو  الألفة .

موظف أخر ليس من حملة الشهادات لكنه يمتلك ما هو أقوى من الشهادات العلمية معه ما عجزنا عن الإستغناء عنه في دوائرنا انها الأقوى دائما إنها "الواسطة "الداعمة الأولى ساعدته الوسطة بتحويل مسماه من" طابع "إلى "مدير مكتب المدير" لن أكمل فهو سعى لهذا المنصب و الله و فقه بالواسطة المناسبة ليصل إلى هذا المنصب .

موظف أخر من حملة الشهادات العليا لكنه يعمل بالمياومة و لم يتم تحويله إلى مقطوع، فيسعى بشتى الطرق ليحصل على حقه ، و قد" تصيب و قد تخيب" إما أن يحظى بفرصة أو يبقى كما هو ، في كلتا الحالتين لم يتم استثمار قدرات و معرفة هذا الموظف بل تم توظيفه بوظيفةٍ أقل من مستوى تعليمه و من قدراته .

لنتحول إلى رؤساء الأقسام بعضهم من يحاول أن يسير في مشروع الروتين لا تجديد و لا تطوير فقط مجرد فرض التعقيدات على الموظفين و على المراجعين ، أمّا هو فهو يأتي إلى الدائرة وقت يشاء و يغادر وقت يشاء "أبو زيد خاله "و يحاسب الجميع على أيُّ فعلٍ يقوم به الموظف من حيث مغادرة الدائرة في حالات اتطرارية ، إذا كان ينوي رئيس القسم هذا تطبيق القوانين الأجدر أن يطبقها هو في الأول حتى يكون قدوة للجميع.

أما المواطن فهو أكثرهم إعتراضاً ، من حيث تعرضهم للمخالفات و أحيانا تتحول يكون الإجراء هو هدم سور أو هدم الجزء المخالف أو تغريم المواطن بدفع المخالفات و جميع هذه العقوبات تشعر المواطن بأنه تعرض للظلم ، بغض النظر عن قانونية الإجراءات،ناهيك عن الشوارع التي تحتاج إلى صيانة ،و كذلك الحفريات التي تملأ الطرقات،وتبقى هذه الأمور من أهم ما يشغل المواطن و تغفل عنه الأمانة في بعض المناطق.

فكما ذكرت على لسان مدير المنطقة دون ذكر اسم هذه المنطقة المواطن سيبقى رافضاً للقوانين التعسفية التي تتبعها الأمانة و هذه وجهات  نظر المدير والموظف بشتى مستوياته الوظيفية و كذلك المواطن أنقلها لكم كما سمعتها منهم.

قد تختلف الأدوار بين مدير و موظف في دائرة أخرى ،لكن يظل الموظف المتقاعص و الموظف النشط و هما متضادين لكنهما موجودين في كافة الدوائر الحكومية و الخاصة،قد يكون للموظف المتقاعص أسبابه ودوافعه لذلك ،لكن في النهاية يجب  أن لا تطال هذه الأسباب بالمواطن.

قد أكون أغفلت أحد الجوانب و لم أتطرق لها هنا لكنني سأتطرق لها لاحقاً في موضوعٍ جديد يفيد المواطن و كذلك يخدم وطننا الحبيب،ليس الهدف هو توجيه الإنتقادات، بل الهدف منه و الغاية هو أن نسير نحو التقدم و التطور حتى نواكب ما تأخرنا عنه، و نحاول أن نلحق بالدول المتقدمة حتى تصل مؤسساتنا إلى التقدم المعرفي و المعلوماتي و تطبق مبدأ العدالة الوظيفية و المساواة بين الأفراد العاملين و المواطنين.

 


nuha_so2@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد