ألفاظٌ بدوية ، وجذْرُها الفصيح

mainThumb

27-11-2013 11:03 AM

من خلال المطالعة خاصة في كُتُبِ تراثنا الأدبي يمُرُّ مع المرءِ فوائدُ وفرائدُ  يُدَوِّنُها لَعَلَّه يستفيدُ منها في إنشاء رسالة أو تأليفِ كِتابٍ وهذا ما يُسَمَّى ( بالكُنَّاشة ) ...

ولقد دَوَّنْتُ ما مرَّ معي من الألفاظ التي يستعملُها ( البدو ) وخاصة بدو جنوب فلسطين ، وصدقاً كانت الحصيلةُ مغريةً تستدعي تأليفَ رسالةٍ أو كتابٍ ، ولكن لكثرةِ الأشغالِ ، وتلاعبِ الزمانِ قَصُرَتْ خُطانا عن هذا المشروع الأدبي الذي فيه خدمةً للغةِ العربية ، وخدمةٌ للهجات ِ سكانِ تلك المنطقة .


ومنهجُنا في هذا المقال ذكرُ الكلمة  وَمِنْ ثَمَّ ذكرُها في فصيحِ العربِ من شعرٍ منظوم  ، أو كلامٍ منثور .


1 – عَيَّيْت : يقولها البدو وغيرُهم في الامتناع والرفض ، وهو استعمالٌ صحيح فصيح

قال النابغة الذبياني :


وقفتُ فيها أُصَيلاناً أُسائِلُها .... (عَيّتْ ) جواباً، وما بالرَّبعِ من أحدِ.


2 – دِمْس وجمعُها ( إدموس ) ويقصدون بها الحجر او الصخر ، وهذا من الألفاظ التي تَختَصُّ بها قبائل جنوب فلسطين والأردن ، وقد أعيتني في استخراجها حتى ظننْتُ عُجْمَتَها !! ولكن عثرنا عليها بعد جَهْد ،  ولكن البدو حوَّلوا ( القاف ) الى همزة  ، فقد جاءت في الفصيح :

قال جرير :


وعبسٌ هُمُ يومَ الفريقينِ طَرَّقُوا .... بأسيافِهم ( قُدْموسَ ) رأسٍ صُلادِمِ .


3- عَرْعُوْر ، ويقصدون بها خَلْفِيَّةَ الرأس ( القذال ) ، وهي من أعالي الجسم في الإنسان ، وهي من الفصيح :


جاء في كتاب ( اعتاب الكاتب ) لابن الأبار  ، قصة بين الحجاج وابن المهلب : (وروي أن الحجاج بعث به إلى خراسان، وبها يزيد بن المهلب، فكتب إلى الحجاج: إنا لقينا العدو، ففعلنا وفعلنا، فاضطررناهم إلى (عُرْعُرَة )الجبل فقال الحجاج: ما لابن المهلب وهذا الكلام ! ويقال إنه قال: ليس يزيد بأبى عذر هذا الكلام ! فقيل له. إن ابن يعمر قال ذلك، قال: ذلك إذاً !).


4- تَوْ ، ويعنون بها ( الآن ) ظرف زمان ، وقد جاءت في الفصيح .


قال مُلَيْح ٌ الهذلي :

 
فباتَ دُمُوعي ( تَوَّةً ) ثُمَّ لمْ تَفِضْ ............. عَلَيَّ وَقَدْ كادتْ لها العينُ تَمْرَحُ .


5 – الكِرابةُ ، ويقصدون بها الأرض الحمراء المحروثة ، وفيها كُتَلٌ من التراب الأحمر ، وقد جاءت في الفصيح .

قال البغدادي في ( خزانة الأدب ) عند ذكر الكلمات التي وردتْ عن العرب منفية :
 
( العاشرة : كَرَّاب بفتح الكاف وتشديد الراء ، وهو فَعَّال من الكِرَاب ، يُقال : كَرَبْتُ الأرض كِرَابا ، إذا قلبتُها للحرث . ولم يذكر هذه الكلمة لبنث السِّكِّيْت ) .


6 – مَطَّق ، ويقصدون به  التقبيل مع اخراج صوتٍ او ادخال شيء في الفم ، وقد جاء في الفصيح .

قال البَعيثُ :

سَتَلْفِظُ يوماً إنْ تَمَطَّقْتَ لَحْمَهُ .... تَدْسَعُ مِنْهُ بالذي أنتَ بالِعُهُ .


7 – السَّنَدةُ ، ويعنون بها الطريق أو الأرض المرتفعة ، وقد جاء ذكرها في الفصيح .

قال النابغة الذبياني :

يا دارَ مَيّة َ بالعَليْاءِ،( فالسَّنَدِ ).... أقْوَتْ، وطالَ عليها سالفُ الأبَدِ.


8 – القُوْز ، ويستعملونه في الأرض المرتفعة دون الجبل ، وجاء في الفصيح .

قال أبو صخر الهذلي :

تَثْني النِّطَاقَ ( بِقَوْزٍ ) حَفَّهُ دَمَثٌ .... حَازَتْ نَقَاهُ رِيَاحُ الصَّيْفِ منْضُوْدِ .
 

9 – أَوَيْتُ له ، بمعنى رحمتُه وأشفقْتُ عليه ، وقد جاءت في الفصيح .

قال أبو صخر الهذلي :

ولا بالذي يَسْتَكْرِهُ الوَجْدَ والبُكَا .... يُرَائي لِكَيْ ( يُؤْوَىْ له) وهو سامعُ .


10 – مَزّيتُ : شربتُها بتلطُّفٍ ومتعةٍ ، وقد جاءت في الفصيح من كلام العرب .

قال النابغة الجعدي :
 
وصهباءَ لا تُخْفي القذى وهي دونه .... تُصَفَّقُ في رَاوُوْقِها ثم تُقْطَبُ .

(تَمِزَّزْتُها) والدِّيْكُ يدعو صباحَهُ .... إذا ما بنو نَعْشٍ دَنَوْا فَتَصَوَّبُوا .

11-  مَزَّقَ : شَقَّ الثوب .

قال زيدُ الخيلِ الطائي :

أتاني أنَّهم (مَزِقُوْنَ) عِرْضي .... جِحَاشُ الكِرْمِلَيْنِ لها فَدِيْدُ .

12 – الوَرَع : وهي بمعنى ( الطفل الصغير ) ،وهذه الكلمة ليستْ في بادية النقب ، بل هي في بوادي نجد وما حاذاها ، فأحببْتُ تدوينها فقط للفائدة .

قال عمرو بن معديكرب :

دَنَتْ واستأْخَرَ الأَوْغالُ عنها ... وَخُلَّى بينهم إلَّا الوريعُ .

قال البغدادي في ( خزانة الأدب ...) ( 8 / 185 – 186 ) : ( وكذلك الوَرَعُ – بفتحتين – وهو الصغير الضعيف الذي لا غَنَاءَ عنده ) .


13 – خُرَّافَة : وهي الحكاية الباطلة ، وأنا لا أقصدُ ( حديثُ خُرَاْفة ) فذاك رجل اجتالتْهُ الجِنُّ ، وإنما أعني كلمة ( خُرَّافة )   - بضم الأوَّل وتضعيف الثاني – قال الزمخشري كما في(  الحاشية ) ( 2 / 49 ) للبغدادي : ( قال الزمخشري سمعتُها من العربِ ، ومنها الخراريف ؛ الأباطيل ) أو كما قال .

14 – خائن ٌ إمْذِرْ : أي ؛ خائنٌ فاسد ، ومنه مَذُرَتْ البيضةُ أي : فَسُدَتْ .


15 – دَلَا دَلَا : وهي كلمة بمعنى على مهلٍ ورفق ، وهي ليستْ من ألفاظ بدو النقب ، سمعتُها من أهل اليمن ووجَدْتُها في بعض الفصيح وأذكُرُها للفائدة .

جاء في ( الحاشية ) ( 1 / 747 ) للبغدادي : ( دَلَوْتُ الناقةَ دَلْوَاً ، سرْتُها سيراً رويدا ، قال الآخرُ : لا تَعْجِلا بالسير وَدْلُوَاها ... ) .


والكلمات كثيرة ، ونكتفي بذكر هذه الكلمات حتى يستيقن المطالعُ أنَّ البدو مازالتْ ألفاظُهُم صحيحةً ، وإنْ أحدثوا تغييراً في الاعراب والحركات للكلمة فقط .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد