السودان يا عرب

mainThumb

09-08-2025 11:52 PM

صديق عزيز من دولة عربية شقيقة، عروبي الهوى والتوجه، ساخط على وضع العرب كأي مواطن عربي في بلاد العرب أوطاني، سألني عبر الخاص وبشكل مباشر: لماذا أهمل العرب السودان، ولم يهتم بأمره أحد كثيرًا؟ لماذا رأينا حراك العرب، وأنا هنا أتحدث عن الشارع العربي والأنظمة العربية معًا، وإعلان موقف رافض وحتى مؤيد من احتلال فلسطين من البحر إلى النهر، والعراق، ثم ليبيا، وبالأمس القريب سوريا، وكان هناك حراك عربي في كل ذلك تراوح بين الرفض المطلق والقبول على حياء، وكلٌّ حسب رأيه وموقفه.
وللأسف، هناك من يرى ما حدث في العراق وليبيا وسوريا ثورات وطنية ضد أنظمة تلك الدول، حركات جرى دعمها من الخارج. لكن صديقي استرسل في الحالة السودانية، وللأسف هناك تجاهل، وكأن السودان ليس عربيًا، السودان المعروف بأنه سلة الوطن العربي الغذائية، لو جرى الاستثمار بأرضه الخصبة عربيًا لأصبح لدى العرب اكتفاء ذاتي بالغذاء، وهو المقدمة الأولى للاستقلال الحقيقي وليس الورقي، لكن للأسف هناك فيتو دولي على أي استثمار عربي لمصلحة العرب من قوى الاستعمار العالمية.
والدول العربية الغنية لا تستثمر إلا في الدول الكبرى وأمريكا تحديدًا، وذلك حفاظًا على أنظمة الحكم المرتبطة برأس الإمبريالية العالمية، الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي الحالة السودانية، أوافقك الرأي يا صديقي المتعب بعروبتك بكل ما تفضلت به، ولكن كل الدول الشقيقة التي تعرضت لمؤامرات خارجية كالعراق وليبيا وسوريا، العرب لم يقدموا لهم شيئًا إلا الكلام والخطابات الفارغة أمام شعوبهم، التي لم تستطع إدخال شربة ماء أو حبة دواء لأهلنا في غزة، والسودان وما يتعرض له اليوم من تآمر البعض.
بعد تقاعد مصر الاختياري عن دورها واحتلال العراق وسوريا وليبيا صهيوأمريكيًا، دعك يا صديقي من العناوين التافهة عن المعارضة بتلك الدول الشقيقة، كلها لولا الدعم الأمريكي ما استطاعت تلك المعارضات المسلحة احتلال قرية في العراق أو سوريا أو ليبيا. يا صديقي، مأساة السودان هي مأساة كل العرب، وما يتعرض له السودان اليوم ليس حربًا أهلية كما يصورها البعض، ولكن ميليشيات مسلحة مرتزقة من بعض الدول الأفريقية، وقد اعترفت إحدى الدول وقدمت اعتذارًا رسميًا للحكومة السودانية عن المرتزقة من أبناء تلك الدولة الذين يقاتلون الدولة السودانية، ولم تتحرك الأنظمة العربية ولا جامعتها التي أسسها لهم إيدن، لأن من جلب المرتزقة ومولهم تلك الدويلة النفطية التي لا تستخدم مواردها إلا لنشر الفتن والقلاقل والفرقة والتجزئة بين أبناء الأمة الواحدة.
وهي من تمول المرتزقة الأفارقة لمحاربة الدولة السودانية، كما دعمت تلك الدولة الكيان الصهيوني وحرب الإبادة التي يمارسها على شعبنا العربي في فلسطين، غزة تحديدًا، وحتى المساعدات الطبية والدوائية ذات الوجه الإنساني التي تقدمها لأهلنا في غزة كانت مزودة بطواقم جواسيس لصالح العدو الصهيوني، كما تآمرت نفس الدولة على العراق وسوريا وليبيا.
لذلك، يا صديقي، مأساة السودان وتقسيمه إلى شمال وجنوب كانت المقدمة الأولى لواقع السودان اليوم، وبدعم تلك الدويلة تعاد المأساة تحت عنوان "حرب أهلية" باستخدام ميليشيات مرتزقة لا علاقة لها بالسودان إلا من خلال المليارات التي تُنفق عليها لإعادة تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ. فما هي مصلحة تلك الدويلة إلا أنها مخلب قط لصالح أعداء أمتنا العربية.
لذلك نعم يا صديقي، مأساة السودان من التقسيم إلى الحرب الأهلية المزعومة مأساة لنا كعرب، ونحن مقصرون مع السودان كما مع فلسطين والعراق وليبيا وسوريا، نحن الأمة الوحيدة في العالم التي ثرواتها وبال عليها، والتساقط بدأ من احتلال بيروت وحصارها عام 1982م، عندما وقف العرب عاجزين لا يملكون إلا مناشدة ما يسمى بالمجتمع الدولي التدخل، أي لغة الاستجداء والتوسل والضعف والخنوع، بعد خروج مصر بكامب ديفيد وتقيدها بذلك، وهي اليوم بحالة لا تُحسد عليها، والعراق وسوريا وليبيا أُخرجت بالاحتلال الكولونيالي، وبعد ذلك عن أي عرب نتكلم؟
وهذا ما طالب به ديفيد بن غوريون مؤسس دويلة الكيان عندما أكد أن قوة كيانه ليست بالقنبلة النووية التي لديه، ولكن قوة كيانه بالقضاء على الجيش المصري والعراقي والسوري.
انظر ما حدث ويحدث اليوم للجيوش الثلاثة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد