ثقافة الفزعة – د. رياض خليف الشديفات

mainThumb

22-12-2013 05:22 PM

مفهوم الفزعة  من المفاهيم التي يكثر تداولها في الأردن كثيرا حيث يلاحظ أن الناس يفزعون لبعضهم في الأزمات والملمات وفي الظروف الطارئة حيث يسعى كل فرد في المجتمع لتقديم العون والمساعدة على قدر وسعه وطاقته ، وفي مجاله حسب طبيعة عمله ووظيفته ، فترى السائق يساعد من يقف على الطريق منتظراً المساعدة ، وترى العامل يهب لنجدة من يطلب الغوث والعون ، وترى الطبيب يهب لإسعاف المريض ، وترى الجار يفزع لجاره ، وهكذا في سائر فئات المجتمع .

 وهذا بلا شك عمل نبيل يدل على صفة التعاون وعلى النخوة الإنسانية والوطنية ، وعلى نبل الأخلاق والصفات لدى من يتصفون بها ، لكن الملفت للنظر أن الاعتماد على ثقافة الفزعة في وطننا لا يكفي لمواجهة الطوارئ والأزمات التي قد تتعرض لها البلاد في أي لحظة من اللحظات بدليل أن العاصفة الثلجية التي اجتاحت الأردن في الأيام الماضية قد كشفت عن  مقدار التراخي في كثير من مؤسسات الوطن التي من واجبها وضع الخطط اللازمة لمواجهة الطوارئ وتوفير الاستعدادات الكافية  لذلك ؛  من جاهزية الآليات من حيث الصيانة والعدد والبدائل  القادرة على التعامل مع هكذا ظروف ، ومن توفير الكوادر المدربة من موظفين وعمال ومهنيين وغيرهم لمواجهة أي طارئ بطريقة منهجية علمية ، ومن توفير مستلزمات الحياة الضرورية لكل المواطنين من ماء وغذاء ودواء تحسباً لحالات الطوارئ لا قدر الله .

 ومن المفيد هنا القول بأن العمل المؤسسي المبني على الخطط والدراسات والبرامج وتحديد المسؤوليات هو القادر على التعامل مع الحالات الاستثنائية والطارئة التي قد تحدث في أي بلد من الدنيا ، وأن ثقافة الفزعة هي الرديف للعمل المؤسسي وليس بديلا عنه ، وهذه الحقيقة غابت عن عمل بعض المؤسسات التي لم تقم بدورها وجلست تنتظر الفزعة ، وتبرر لنفسها عدم قدرتها على القيام بواجبها لسبب أو لأخر ، وهذا هو العجز بعينه ولولا تدخل الجيش والأجهزة العسكرية والأمنية لكانت المصيبة عظيمة على الأنفس والممتلكات لكن لطف الله شاء أن تكون العاصفة عاصفة خير وخير نتعلم منها الدروس والعبر في كيفية أخذ الحيطة والحذر على مستوى الأفراد والمؤسسات الرسمية ،فليس من المعقول أن تخلو بيوت الأردنيين من الطحين والخبز ، وليس من المعقول أن تخلو  بيوتهم من المحروقات واللوازم الضرورية ، وليس من المعقول أن يتعودوا على إدارة شؤونهم يوما بيوم دون مراعاة لما قد تحمله الأيام من المفاجآت ، والمؤسسات الرسمية مطالبة بأن تتعلم الدروس مما حدث في العاصفة الثلجية فتعد الخطط والبرامج لئلا تقع في نفس الخطأ ،فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ، حفظ الله وطننا ، وحفظ الله بلدنا من كل مكروه .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد