دولة المالكي والأسد (داعش)

mainThumb

07-01-2014 01:04 PM

في اللحظة التي بدأ فيها الإعلام الغربي والعربي بإبراز نجم مايسمى بداعش (دولة العراق والشام الإسلامية) بالتوازي مع حركة قرارات عسكرية من عدة دول عربية بترهيب فئات الشعب، كان لابد لي من إعادة الشريط الإخباري في ذاكرتي وحركة المخطط السياسي للوراء قليلاً كي أحاول تشخيص حقيقة الأمر المعقد من هذا التحول الدرامي في المعادلة من خلال التركيز على مفردات وخطابات متناسقة بين تلك الدول عربية .

لن أبالغ إذا مااعتبرت أن هناك خطاباً موحداً له تسلسل زمني مدروس بين مايحدث في سوريا والعراق وحتى مصر. هذه الخطاب هو خطاب الشيطنة لفئة ما أو حزب أو جماعة أو معارضة أو ماتعتبره الأنظمة المجرمة بالعدو. فكما علمتنا الأحداث في التاريخ وما قرأناه لجنرالات العسكر ودواهي السياسة أنك عندما تريد أن تنقض على عدوك فعليك شيطنته واستخدام كافة الإمكانيات والقطاعات التابعة للتمكين من قصص الكذب والتلفيق حتى يصدقها الجنود والأتباع من الشعب, وما كان لتلك الدول -لتحقيق هذه الخدعة- إلّا أن تستحضر وصفة الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية جورج بوش الإبن وهي (إما معي أو أنت إرهابي).وما أبرع أنظمتنا في التقليد والتبعية فما رأينا فاسد ولا ديكتاتوري ولا قاتل ولا خائن إلا واعتبر شعبه الذي يطالب بالحرية والحقوق والشرعية والعدالة  بأنه إرهابي. بل تطور الأمر بدس حركات متطرفة بين المعارضين السلميين أو المسلحين كما حصل في سورية والعراق أو خلق جماعات وهمية تسند من خلالها الأنظمة القمعية عليها في تحريك آلتها الدموية.

ففي الوقت الذي يبرر نظام الأسد حربه ضد الشعب لوجود متطرفين وتكفيريين كداعش فإننا لانراه يقصف مواقعها بل يقصف أسواق وصيدليات ومخابز وبيوت الأبرياء على رؤوسهم بالبراميل المتفجرة والتي تسقط عشوائياً في حلب وحمص وغيرها, وفي الوقت الذي يدعي النظام الدفاع عن روح المقاومة والممانعة  نراه يقتل الشعب الفلسطيني جوعاً في مخيم اليرموك بدمشق في حصار هو الأطول تاريخياً وسط صمت رجال المواقف والحقوقيين والوطنيين والعروبيين والإسلاميين والمتحضرين.

أمّا المالكي فقد مارس نفس الدور الذي رسمه له أسياده, ففي خطابه الأخير حذر من عدم الإلتزام بالعملية السياسية في العراق. كلمة حق أُريد منها باطلاً ومبرراً لممارسة الإرهاب بعينه, فبعدما نعت المعتصمين في أنحاء العراق بالجرذان وقام بعمليات تصفية وإقصاء وتهجير طائفي وإعتقالات وملاحقات ضد فئة معينه , واستخدامه مؤخراً أبشع أنواع التطرف الطائفي لإعتباره بأن المعركة الدائره حالياً في العراق هي بين أبناء الحسين وأبناء معاوية وغيرها من التصريحات التي تثير الإشمئزاز وبعد هذا كله فإنه يدعوا للحوار والالتفاف حول العملية السياسية!!!.

وبالرغم من أن مطالب المعتصمين في جميع أنحاء العراق منذ شهور وخاصة في محافظة الأنبار مطالب محقة وطبيعية وضرورية لنجاح أي عملية سياسية صحية بل إنها تهدف لخلق التوازن وتضمن الوحدة وعدم الإقصاء, إلّا أن السيد المالكي أبى إلا بلعب ورقة داعش كي بيرر أيضاً لنفسه الإعتداء والقتل والتدمير, فيتكرر الحال بأن نرى جيش المالكي يقتل الأطفال والشباب والأبرياء من الرجال والنساء بحجة داعش.

من هي داعش (دولة العراق والشام الإسلامية)؟ وكيف سطعت؟ ومن الذين يمولونها ؟ ومن هي الدول التي سمحت لهم بالتحرك على حدودها؟ ومن هو زعيمها الحقيقي بصورته وصوته .. كلها تكهنات وما داعش إلّا وجه قبيح من أوجه التطرف الذي تتسم فيه  دولة المالكي (العراق) و الأسد (الشام).

داعش في خطابها الأخير هددت بالإنسحاب من خطوط المواجهة أمام قوات نظام الأسد في حال لم يستسلم الجميع لها وينصاع لأوامرها. أوليس غريباً على تنظيم جهادي إسلامي هدفه رفع راية لا إله إلا الله ويقاتل النصيريين كما يسميهم بأن يطلب هكذا طلب ويعلن إستعداده لمخالفة عقيدته مالم تستسلم له المعارضة المسلحة؟؟!!

تصرفات داعش تشبه إلى حد كبير تصرفات دولة المالكي والأسد وكلاهما يحملان خصلة التطرف والإرهاب والتهديد والإفتراء .. فلماذا نستبعد أن يكون كلاهما من أب واحد؟؟

إن لحديث وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية  جون كيري عن دعمه لحملة المالكي الدموية في الأنبار وقرارها بتسريع تسليم الأسلحة المتفق عليها مسبقا وماسبقه بأيام قليلة زيارات واتصالات بين الولايات المتحدة الأمريكية و رجال الإنقلاب العسكري في مصر وتداعيات ذلك التقارب المستجد على الساحة المصرية من تشدد القبضة الأمنية والقمع وأحكام جائرة كان آخرها إعتبار الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً , وتعمد أمريكا بمط حبال الحل في سورية , له علاقة قوية فيما تحدثنا عنه سابقاً بوجود قرار بإستخدام صفة الإرهاب ضد الشعوب المناضلة والأحزاب والمنظمات والجمعيات التي تقف في وجه مصالح الدول الكبيرة, وبلا شك فإن دور الولايات المتحدة الأمريكية مازال كبيراً وقوياً في قراراتها وتدخلاتها في الشؤون العربية  بالرغم من ضعف إستبدادها بل وسقوط هيبتها  أمام دول أخرى كروسيا والصين والهند وغيرها من الدول التي تتجه نحو صعود القمة في ظل تواطىء بعض الدول العربية وتخاذل البعض وضعف الآخر تقديساً للسيد الأمريكي.

إن مايحدث في وطننا العربي من شيطنة المعارضين وإعتبارهم إرهابيين وتدنيس سلميتهم من خلال دس عصابات زرعوها وهيئوا لها التربة الخصبة وسمحوا لها بالتكاثر كأمثال داعش في العراق وسوريا وأنصار بيت المقدس في مصر وبعض الجماعات المتطرفة في تونس وليبيا هي مؤامرة مُخطط لها مُسبقاً أمريكياً وبدعم عربي ثمناً لإنتفاضة الشعوب التي عكرت صفو الفاسدين وزعزعت عروش المُحنطين . هي حرب مضادة ضد فكرة التغيير والتحضر والإنسانية والإصلاح والشرعية والنهضة. هم من داعش وداعش منهم ..فاليذهبوا ويقاتلوا إذن داعش وأمثالها بدلاً من قتل الأبرياء العُزّل وليتوقفوا عن تسهيل تسليحها ويضيقوا حركتها على الحدود.

من يعتبر أصحاب الحق والشرعية والديمقراطية بالإرهابيين فلأنه متمرس بالإرهاب ومخادع ومن يقتل شعبه ويقسمهم ويحرضهم على بعض يسهل عليه إنشاء فصيل من لحمه ودمه ويسميه كما يريد ليستخدمه شماعة يقتل ويعربد كيفما شاء. وإن كانت الحقيقة عكس ماأظن فعلينا التأهب والإستعداد بالتدخل العسكري الأمريكي ضد داعش بإعتبار أمنها وأمن إسرائيل أولى من أمن أي شعب عربي.والخزي والعار على المتواطىء والراشي والصامت من كبيرنا إلى صغيرنا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد