بكتاب مما تعدّون

mainThumb

10-05-2014 02:36 PM

فتحتُ ذاكرةَ هوياتي أَنبشُ فيها عن هويةٍ أعبرُ بها بوابةَ القرن الحادي والعشرين ...فكلُّ أرضي صارت حدوداً ناسفة , وشرايين نازفة . وأنا امرأة شاردة تقطعت بها سبلُ عبورِ التضاريس , واختراق الحواجز والمتاريس.

منذ كنتُ إمرأة الغابة وأنا ألقط بذرَ السماء والأرض , وأشيّعُ القمحةَ اليابسةَ رحمها , فتصحو سنابلَ تشيعُ الخبزَ في الدار , وتنفخ البهجةَ في النار ,منذ ذلك الرغيف حُفِرَ على جسدي :أنتِ أنثى ,وصارت لي هويةٌ بها استطعتُ المرورَ من أزمنةٍ , ومن بواباتٍ, نثرَ حرّاسُها تحت قدميّ ماءَ الحياة لأعمّدَ به طرق المدينة , فتغفو بيوتُها في حضن السلام والمحبة .

ولكن عابرَ حضارةٍ طرقَ أبوابَ المدينة الساكنة , باحثاً عن ملاذات آمنة , من موتٍ صادفه في مسيرته الحضارية فصادقه ,.وصار ظلّه الظليل ,واقتحم البيوتَ والأزقة والطرقات , و أيقظ الحرس , وصاروا له العسس , وسكن المدينة ,وأعلن ان لا دخول الا بهوية, فكثُرت الهويّات , وتعدّد الأموات, وتناسلوا من رحم الصراع على السلطة والملكية و الأرض والعرض والمال والبنين , وهجعت بيوض الفناء في كتب الموت ...فتهتُ أنا بين حروفها , وتشردت بين سطورها , وتقلّبتُ مع صفحاتها ., مرةً شرقية ,وأخرى عربية ,ومرّة شامية ,وأخرى أردنية, ومرّة مسلمة ,وأخرى سنية ,ومرة , وأخرى , ومرة ومرة ,


بأيّ الهوياتِ أعبرُكَ أيها الزمنُ العابرُ للهويات .؟..أيَّها أهوى ..وأيُّها يهوي بي ؟ .إن قلتُ أنا الشرق , فهواءُ الغرب يشيحُ بوجهه عني , وإن صدحتُ أناعربية , فمسرحُ روما في حارتنِا القديمة في قرية "الديكابولس "علقتْ بقايا طفولتي بحجارتِه السوداء .وبيتُ جدي تركيّ المعمارلا تزال حيطانه تعبق برائحة الاستانه. وإن قلتُ شاميّة ..فجارُنا ابنُ عائلة المصري حملَ في حقيبته اسم مصر ولونَ وجبهة وشعر ابن النيل حين هاجرَ من أرض الكنانة ليسكن "بني كنانة", وإن قلتُ مسلمة ..فكنيسةُ روما في الحارة القديمة تجاورُ مسجدَها ..ولي في كليهما جدّ متعبد , وفي ثغر أمي سنٌّ من ذهبٍ ينير مبسمَها غَرسَه ُلها يهوديٌّ من طبريا .


هويّتي من ورق الشجر , من زمن الغابة والحقل


لا تحكم ُولا تقتلُ ولا تصفّر


وإن اصفرّتْ تعودُ في الموسم القادم وتخضرّ


هويتي ورقةُ توت العليق


علقتْ بجسدي في غفلة من لصوص التاريخ ,حين سرقوا كل أوراقي ,وبقيتْ هي تشهدُ أنني :


اولُّ اللجوء.


وأقدم النكبات .


وأشهر المستعمرات .


هي ورقة , ولكن


بكتابٍ مما تعدّون.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد