رضاعة طائفية سريعة التحضير

mainThumb

26-06-2014 10:06 PM

اللعب بمشاعر الطفل حديث الفطام خطيرٌ للغاية , هذا ما تتناقله خبرات الامهات فبمجرد أن يلمح الطفل الحزين ثدي أمه بل و حتى أي ثدي تستنفَرُ فيه طاقات البكاء والانين والهياج والجنون , والتي كثيرا ما تنتهي برضوخ الام والعائلة لرغبته اللحوح , وبالتالي قد يعلن فشل تجربة الفطام على أمل المحاولة من جديد ...

مثل هذه التجربة حدثت مع الدولة المدنية في العالم العربي بداية القرن الماضي حين انهارت الام العثمانية لتعلن فطام إماراتها وممالكها عن ثدي الخلافة , وعوض أن تخطو هذه الممالك في مسيرة الدولة الحديثة مواكبة حركة العالم حينها شرقا وغربا في بناء دولة المواطنة ...كان هناك من لوّح لها بالثدي الغالي ذي المذاق المذهبي هناك في الباب العالي ,فانشئت حركة الاخوان المسلمين عام 1928 , ومن تاريخه كتب على هذه الممالك أن تبقى دولة طفلة رهينة للثدي السني وأحلام عودة الخلافة .

وتعرف الامهات أن أدرار حليب الثدي يرتبط طرديا باستخدامه ..فكلما مصّه الطفلُ أكثرَ كلّما درّ أكثر , وكذا الشعوب فاذا تعلقّت بالمذاهب وربطت مشاريعها و أحلامها ونجاحاتها بها , استزادت منها ,. وألحّتْ في استيلادها , فالطائفة تصبح طوائف , والمذهب مذاهب , والفرقة فرق , ...وهذا بالفعل ما آل اليه واقع العالم العربي منذ منتصف القرن الماضي , بحر من الفرق والتيارات الدينية السنية , الدعوية والجهادية يسبح فيه الانسان العربي حد الغرق.


وتعرف الامهات أيضا أن تفعيلَ كلا الثديين يفيد عملية الإدرار ,فتجعل طفلها يتناوب على مصّ كليهما بانتظام حتى لا يكسل ويعطل احدهما , وكذا الشعوب فحتى ينشط الحس الطائفي لديها يحتاج الأمر إلى طائفتين حتى يقتتلا وينشط ادرار الدم , وهذا ما كان حين اريد للثورة الايرانية أن تكون اسلامية شيعية لتستحثّ الثدي الآخر في جسد العالم العربي الاسلامي منذ الجمل وصفين , فصُدّرت الثورة الايرانية عبر أحزاب سياسية درّت شعبية ورواجا بين الحالمين بعودة فلسطين .

والآن , ها هو الجسد العربي المصلوب على المقصلة ...عالقٌ بين حلمين , واحد بالخلافة وآخر بفلسطين , ويتناوب عليه ثديان واحدٌ سني و آخر شيعي , وكلاهما يدرّ دماً وفيرا ....فاض عن الحلم كثيرا , كثيرا



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد