القصف الأمريكي لـ داعش بداية ترسيم حدود التقسيم

mainThumb

11-08-2014 10:08 AM

أمريكا تقصف مواقع داعش على أبواب أربيل عاصمة إقليم كردستان بعد صمت وترقب دام لأكثر من شهرين من سيطرة "داعش" على عدة محافظات في غرب وشمال العراق حيث مارس هذا التنظيم على السكان أساليب مختلفة من العنف والقتل تحت عناوين كان أكثرها قسوة تلك التي على أساس ديني وطائفي ، إضافة إلى تدمير الكثير من دور العبادة والمقامات والأضرحة ، والذي كان سبباً لنزوح عشرات الآلاف من السكان إلى مناطق أكثر أماناً وقد شاهدنا تلك الممارسات في الموصل(المسيحيين: القتل والتهجير ومصادرة ممتلكاتهم ومنمازلهم) ، وغيرها من المدن العراقية ، خلال تلك الفترة إستحوذت "داعش" على أسلحة امريكية متطورة ونوعية وبكميات كبيرة(دبابات، مدفعية، رشاشات) من الجيش العراقي الذي لم يصمد أمام هذا التنظيم ، مفضلاً الانسحاب ، خاصة أن معظم عناصره في تلك المناطق هم جنود سنيين ، خلال تلك الفترة ساد صمت أمريكي وعالمي رغم مناشدات المالكي لهم بالتدخل عسكرياً لوقف جماح "داعش" حيث كانت تتساقط المدن العراقية الواحدة تلو الأخرى حتى وصل هذا التنظيم على مشارف مدينة أربيل (على مسافة 40كم منها) عاصمة إقليم كردستان ، إضافة إلى مواقع إستراتيجية من حيث الموقع الجغرافي أو ما تحويه من منابع نفطية لتزداد معنوياتهم ويضاعف من قوتهم.

إن الموقف الأمريكي وما يتبعه من مواقف لقوى أخرى وإن تعددت عناوينهم ظاهرياً كـ حماية المدنيين أو منع التطهير العِرقي ، فإن التساؤل الذي يفرض نفسه لماذا لم تثر ثائرة الأمريكان وغيرهم عندما فعلت ما فعلت "داعش" في الموصل أو غيرها من المناطق في وسط العراق؟!!!

الظروف التي سادت العراق ما بعد الاحتلال الأمريكي أو حتى بعد انسحابه ، كانت تدفع باتجاه الانقسام المجتمعي الطائفي ، حيث سيطر الشيعة على السلطة ومفاصل القرار وتحييد السنة وتهميشهم وعزلهم مجتمعياً ، إضافة إلى تعزيز المكاسب الكردية في إقليمهم الذي كان يتمتع بالحكم الذاتي في زمن صدام حسين ، فأصبح دولة داخل دولة ، حيث ظهر على القوى السياسية والعسكرية الكردية إستعدادها للإنفصال وإعلان دولتهم ، وهذا ما مهدّت له أمريكا من خلال الدستور الطائفي الذي صاغته في زمن الاحتلال حيث مكنت الشيعة من السلطة وهمشت السنة ، ولا ننسى المساعي الأمريكية الصهيونية القديمة الجديدة في دعم الأكراد وإنشاء دولتهم.


الصمت الأمريكي والعالمي على ما قامت به "داعش" خلال الفترة الماضية كان يُعزّز ويمهّد لرؤيتهم في عراق المُستقبل ، العراق المقسّم إلى دويلات ، ويعمّق من الجرح العراقي الطائفي فتزداد شدة العداء بين أطرافه ، وخاصة ما بين الشيعة والسنة ، فتصل مجريات الأحداث إلى ظرف يستحيل معه عودة الاندماج والتشارك السياسي ، أو الاندماج بين مكوناته الشعبية ، فتسقط فكرة الدولة العراقية الجامعة لكل أبنائه من عيون العراقيين على اختلاف مرجعياتهم الطائفية والعِرقية ، ولكن فجأة عندما أصبحت "داعش" على أبواب أربيل بدأ البكاء الأمريكي ليتبعه حلفاؤه في العويل ، وتبدأ ماكناتهم الإعلامية في إظهار إنسانيتهم وتخوفهم على حياة عشرات الآلاف من العراقيين ، فالضربات الجوية الأمريكية لن تهزم "داعش" أو إخراجها من المناطق التي سيطرت عليها ، فذلك يحتاج إلى مواجهات عسكرية ميدانية مباشرة ولكنها ستُعطّل تقدمهم وهي رسالة واضحة من أمريكا وحلفائها بأن كردستان وعاصمتها أربيل خط أحمر.

أمريكا بهذا القصف تبدأ برسم الحدود الطائفية والسياسية للدولة الكردية مع الدولة السنية وهي تعلم بأن تنظيم "داعش" سيضطر إلى وقف زحفه شمالاً ويقوم بالانتظار حتى لا يُمنى بخسائر في صفوفه أو إضطراره للخروج من مناطق سيطر عليها سابقاً وقت الصمت الأمريكي ، وسيعيد هذا التنظيم حساباته ويبدأ بتوجيه معركته جنوباً نحو بغداد ومحيطها السني ، في حين أن بعض الخبراء يتوقعون تحويل "داعش" لمسار هجماته باتجاه الأردن والسعودية.

القصف الأمريكي سيعود للتوقف ، وستذهب "داعش" إلى معركة أخرى أكثر شراسة ودموية على أبواب بغداد ومحيطها مع الشيعة حينها يعود القصف الأمريكي مرة أخرى لترسيم الحدود مرة أخرى ولكن بين دولة الشيعة في الجنوب والسنة ، في حين يبقى السيناريو الأكثر دموية أن تصبح أحداث العراق بداية حرب طائفية دينية بين إيران ودول عربية من خلال السنة والشيعة والأكراد في العراق.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد