هجّروا السوريين ويشكون إيواءهم

mainThumb

04-09-2014 12:49 PM

      ما زالت صورة بعض وزراء الخارجية العرب,يتقدمهم القطري والسعودي وهم يهرولون إلى اجتماعهم في الجامعة العربية قبل أكثر من سنوات ثلاث بعد أن أفقدوا الجامعة مبرر وجودها,بجرهم أمينها العام طيعا لا مختارا إلى اتخاذ موقف متحيز من الأزمة السورية.

وعملوا بتجاوزهم نظمها التأسيسية ودورها الحيادي تجاه القضايا الداخلية في الدول العربية الأعضاء على  شل حركة الجامعة,وعلى فقدها لثقة معنوية تهاوت عندما تواطئ أمينها العام السابق (السيد عمرو موسى) مع حلف الناتو على تدمير ليبيا,التي تخلصت من حاكم لا يعقل ولا يخلو من الشرود الذهني الذي حول به الوطن (الجماهيرية العظمى!!!) إلى ملكية خاصة,يتصرف بثرواتها بمجون وهدر مثير للحسرة.

وما أن تخلصت ليبيا من القذافي,بدعم أجنبي بعض عربي,حتى دخلت في ما تجنيه القوى المتواطئة على وطنها من صراعات دامية على السلطة تشارك في الاقتتال في سبيلها قوى دينية وعلمانية وليبرالية وميليشيات قبائلية, حولت البلاد إلى بؤر من المستنقعات السياسية والثقافية البالية المتصارعة على السلطة وليس على سبل صنع مستقبل جديد للوطن,ولم تجد صوتا واحدا يرأف بحال الليبيين الذين يتاجر الكل باسمهم,ويتحدث نيابة عنهم ...

في أتون الحرب الداخلية في أرجاء بعض أقطارنا العربية,اختلطت على المواطن العلاقة الحميمة بين الوطن وأمنه وبين البعض وأطماعهم في السلطة لا ليعيدوا للوطن هيبة أو حريات مفتقدة وإنما ليسلموا الراية إلى القوى الإمبريالية الغاشمة والتي تتصدرها السياسات الأميركية في المنطقة التي تدير هذه الحروب وتحدد ساحاتها,وتوجه مسلحيها إلى حيث ترى إنه يحقق لها أهدافها الخبيثة وغير السرية بل الواضحة كل الوضوح في تحويل نظم الأقطار العربية إلى مجموعتين : المجموعة الأولى نظم تابعة لإرادة تلك القوى ورغباتها ,مساندة مواقفها السياسية ممولة  تحركاتها العسكرية والاستخباراتية, ومجموعة أخرى محولة أراضيها لإقامة القواعد العسكرية الدائمة أو المؤقتة ولم يعد الأمر مستغرباً!!! ومسخَرة مياهها لإقامة الأساطيل والسفن الحربية التي تشكل تهديدا مباشرا لكيان العرب تياراته القومية والوطنية ودعاة الحريات واستقلال القرار السيادي  لأوطانها , دون سواهم؟ فأمن دولة الاحتلال الصهيوني هم من هموم  الأمن الوطني لقوى الاستعمار,وتركيا حليف (عضو في حلف الناتو)  يُعد أمنها من الضرورات القصوى لأوروبا؟؟ وإيران الشاه كانت الشرطي الحارس للخليج العربي,ولكنها بعد قيام   الثورة الإسلامية في العام1979 وخروجها عن الطاعة الأميركية وتمكنها من بناء قواها لذاتية تحولت إلى عدو مفترض للغرب.

كان التواطؤ على الكيان السوري,والتجمع الوهمي لأصدقاء الشعب السوري الذي قادته قوى الغطرسة الامبريالية,ومدمنوا اللجوء إلى القوى العسكرية للترهيب والتخويف والتدمير,ومولته قوى طالما اتصفت بالقوى الرجعية,لإنها شكلت نظم العائلة – الدولة التي لا تحتمل مجرد فكرة لا تحمد عطاءها وتمن على الآخرين بخيرات زعمائها وعطاياهم. نظم الشعب في فهم قادتها أداة دون وسيلة,وبشر منتشرون في أرجاء الوطن لتأمين مأكل ومشرب وولي الأمر يفعل ما يشاء متى شاء كيف شاء,وكأن فلسفة معنى الحرية بهذا التوصيف للفعل جاء بقصد حصري على الزعامات الحاكمة!!؟


ولعل التحذير من أن التاريخ ليس ذكريات للتسلية,وليست قصص حكواتي فكه,ولا هو سرد أحداث أجوف خال من المعاني والحِكَم والمواعظ,وليس التاريخ درساً  تمر عليه الأجيال أكاديمياً دون تبصر واع بما له وبما على أطرافه من مسؤوليات لا يزيل الزمن أي فعل من أفعالها أو أي حرف من أوصافها أو أي فقرة من جملها...لعل التحذير يقي من التمادي  في إهمال ما يحمله المستقبل من مواقف ليست مرتبطة بالسياسة وألاعيبها,وإنما بالمشاعر الاجتماعية وعواطفها بين الناس في مختلف الأوطان,وما تتركه من آثار سلبية كانت أم إيجابية,على النفس البشرية تجاه الآخرين نتيجة سلوكهم أو بعض من تصرفاتهم في الأوقات الصعبة التي يحتاج فيها الإنسان أخاه الإنسان.

النظم التي اشتركت في الحرب اللئيمة والغادرة على سوريا,وتلك التي ساهمت في استمرارها وتحريض طوائفها على الاقتتال وفتحت حدودها وأجواءها لتدفق المرتزقة من كل حدب وصوب (للمشاركة في ثورة الشعب السوري الواهمة والوهمية!!!!),وقدمت المال والسلاح وأشعلت أبواقها الإعلامية التي لم تستفق من غرق أساليبها في مستنقعات الكذب     والافتراء والتضليل,وأمناء المنظمات العربية والدولية التي تواطأت نفاقا وتكسبا مع القوى الغربية الامبريالية في الحرب على سوريا (ولا ننسى كيف ساوى أمين عام الأمم المتحدة بين قوة احتلال الصهيوني وبين الشعب الفلسطيني المقاوم في غزة في تصريحاته ونذره ونداءاته وتوعده ),عملت كلها على تهجير أعداد كبيرة من السوريين وفتحت لهم الحدود وأقامت لهم المخيمات واستعطفت الدول المانحة للمال متكسبة من هذا اللجوء, أخذت تضج بالشكوى من تأثير وجودهم في بلادها على اقتصادها,وعلى توتر العلاقات الاجتماعية بينها وبين السكان المحليين كما هو حال تركيا,التي لم تكن في يوم من الأيام تحمل فكرة طيبة عن جيرانها العرب,منذ شرارة الثورة العربية الكبرى وقبلها,و بعض القوى اليمينية والمرتبطة بالخارج في لبنان,التي كانت تحتفل بكل مأساة تحمل معها أوهام سقوط سوريا كلما اشتدت الهجمات المعدة في الخارج على المواطنين السوريين ومدنهم وقراهم.

الحرب على سوريا صنع مجموعة قوى معروفة إما بأطماعها وسياسات التجريف للثروات العربية الممنهجة التي تساكها دول التاريخ الاستعماري المتواصل,أو حاقدة من ضعفها ومن تخلفها في موجة عاصفة من التقدم, أو لا حيلة لها إلا الإطاعة الصاغرة لقادة القواعد العسكرية في بلادها!!. أو قوى وجماعات وكأن العقل قد تحجرت به قوى الإدراك   ونعمة التمييز لدى قادتها حتى إنها لم تتعظ من سلسلة من الفشل في الحكم وفي العمل الميداني وفي مخاطبة الناس (وفي جولات مسلحة بسوريا بالتحديد) التي منيت بها وسائلها وأساليبها ورؤاها السياسية والاجتماعية  في أكثرمن قطرعربي,في أكثر من تجربة عبر تاريخها.

ولهذا فإن مواقف هؤلاء من المهجرين السوريين لم تنبع من موقف إنساني,أو  تكترث لمأساة بشر صنعوا بهم هذه المأساة وإنما عالجوا الأمر بتحيز وتمييز عرقي وطائفي وثقافي فيما بينهم.واستغلوا البعض في تجنيدهم  للعمل ضد قواتهم المسلحة الوطنية.

السلوك النابع من القيم الإنسانية غذاء حيوي لضمير الإنسان ينير وعيه وتستقر قيمه في وعيه,أما الاكتفاء بإشباع المعدة,فغذاء سرعان من يتحول إلى نفايات!!.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد