ما حكّ جسمك مثل ظفرك

mainThumb

07-12-2014 01:02 PM

هذا المثل العربي الذي يعرفه القاصي والدّاني في عالمنا العربي والذي تجاوزت شهرته الحدود لينتشر في كافة أرجاء الأرض عند العرب وغيرهم من الشعوب الأخرى. وَجدْتُ أن هذه الأيام فرصة مناسبة لطرح هذا المثل الذي تناوله المئات من كتابنا العرب على مدى عقود من الزمن، وبلا ريب أن الموضوع يحتاج دائما للمناقشة من أجل التذكير والمنفعة (فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين).

الأحداث السياسية المتسارعة في عالمنا العربي فرضت نفسها بكل قوة على أذهاننا ومجريات حياتنا اليومية، ما بين ثورات وقتل وذبح وتفجيرات هنا وقطع رؤوس هناك، وكلها باسم الإسلام وحماية لتراثنا العربي والإسلامي من الغزو الأجنبي الذي بدأ يأتينا بشكل مختلف عما عهدناه في القرون الماضية.

المهم في الموضوع أن العرب خلقوا هم مشاكلهم بسبب تسلط العديد من الأنظمة الشمولية على شعوبها والاستبداد الذي لازم منطقتنا منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية حتى اليوم، فظهرت لنا الاشتراكيات العربية والقومية العربية والناصريون والثوريون والتكفير والهجرة والقاعدة وآخرها الدواعش احدى عجائب القرن الواحد والعشرين. نعم هم كذلك فهم يستعملون عقلية ما قبل 1430 عاما أو يزيد ليطبقوها على واقعنا اليوم فلا همّ لهم سوى نكاح الجهاد وقطع الأعناق للمخالفين واسقاط الاسلام عمن يختلف عنهم وهلم جرّا.

نحن صنعناهم ونحن من سيزيلهم هكذا ببساطة أما أن نطلب من "أمريكا الشرطي الأكبر في العالم" أن تزيلهم وتقضي عليهم في عقر دارنا فلا شك أن ذلك لن يتم من أجل عيوننا السود وسمرة جباهنا وإنما لمصالحها الخاصة التي طالما تعارضت مع مصالح المواطن العربي بالدرجة الأساس ولنا في الماضي القريب خير عبرة وأعظم درس. فكلنا يذكر عندما التقفت أمريكا القاعدة التي وُلِدت من رحم الأمة العربية لتحارب فيها السوفيات في أفغانستان وذلك عقب اجتياحهم لهذا البلد الأسيوي الفقير. كَبُر حجم القاعدة وتجذرت مشكلتها وأصبح لها في كل قُطر أنصار ومريدين وانقلب السحر على الساحر وبدأت رماحهم وسيوفهم تتجه نحو أعناق الأمريكان وأماكن تجمعهم في معظم أقطار العالم العربي وفي أفغانستان والباكستان.  تطلّب القضاء على القاعدة (ولو جزئيا) مساندة كل الدول العربية من أجل الحد من خطرها لأجل عيون العم سام ولكن بثمن باهظ جدا من أمن بلادنا وثرواتها وأرواح أبنائها الغالية "على أهليهم فقط".

تكونت القاعدة من نسيج العالم العربي ومن ثقافته التي تنبذ الآخر وترفضه وذلك بسبب اعتقاد البعض أن العرب هم من استخلفهم الله على الأرض دون سواهم، ويا سبحان الله؛ مع أن الله جل وعلى يرزق فيها الكافر والمسلم على حد سواء. وها هم الدواعش قد خرجوا علينا من رحم القاعدة وأشباهها وهم يصولون ويجولون في العراق والشام ويمارسون شريعة الغاب التي عرفوها وتتلمذوا فيها على أيدي مشايخ التطرف الذين أباحوا لهم قتل وذبح رجال الآخرين وسبي نسائهم والاستمتاع بهن. لقد أكلوا الأخضر واليابس كالجراد وعاثوا في بلادنا الرعب والوحشية والهمجية فما كان من أولاة أمورنا إلا أن استعانوا بأمريكا وحلفائها الغربيين من أجل القضاء على داعش متناسين الدرس الإسلامي البليغ (لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين). فأقول إلى متى هذه الاتكالية والاعتماد على الآخر في حل مشاكلنا وتقليع الأشواك من أقدامنا أو ليس الأجدى أن نحلها بأيدينا، وبالتأكيد بكلفة أقل كثيرا مما لو قامت به أمريكا. انظر أخي الفاضل وحتى لحظة كتابة هذا المقال لم تستطع أمريكا وكل حلفائها العرب وغيرهم من طرد الدواعش من جزء من بلدة كوباني السورية رغم كل ما فعلوه ونفذوه من غارات بأحدث الطائرات المقاتلة والصواريخ الموجهة من نوع توما هوك وكروز وغيرها. هذه البلدة التي استطاع الدواعش الصمود فيها كل هذه الفترة أو لنقل بعبارة أخرى أن أمريكا وحلفاءها كانوا يلعبون معهم لعبة البيضة والحجر قد صمدوا أكثر من شهرين وحتى الآن فما بالك من طردهم من مدينة مثل الموصل التي تبلغ مساحتها عشرات المرات أكبر من مساحة كوباني.

ويقول المثل حدث العاقل بما يُعقل، فكيف لهذه الشرذمة البسيطة من المقاتلين أن يفلّوا حديد واسطول طائرات المهاجمين وأن يهزموهم في كل ركن وزاوية من العراق للشام سوى أن أمريكا ترغب وبالتأكيد في إطالة عمر هذه الحرب المربحة جدا لهم للقضاء على الأصولية الإسلامية في بلادنا ومن أموال أمتنا. ألم يقل أحد قادتهم العكسريون أن أمريكا بحاجة ل 30 عاما للقضاء على داعش.. والله أنعِم وأكرِم فكم من الأموال والجهود ووقفٍ لحال التنمية سنصرف على هذه الحرب من أجل عيون أمريكا. فلو جلس العرب مع بعضهم وواجهوا المشكلة منذ نشأتها.. "أقول لو" ولكن لو تفتح عمل الشيطان؛ لما وصلنا لما نحن فيه من هوان وضعف وانعدام إرادتنا أمام الغرب.

ما حكّ جسمك مثل ظفرك مثلٌ ينطبق على واقعنا المرير فبلادنا تتفتت ومستقبلنا مظلم ومصير أمتنا تتقاذفه الرياح، ولنا في العراق وسوريا وليبيا واليمن وفلسطين أمثلة حية وشواهد مؤلمة.. ولكن ليتنا نتعلم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد