الحاجة لتقارب أكثر مع الجزائر

mainThumb

23-12-2014 09:49 PM

     يحرص الأردن على علاقات متميزة مع جميع الدول، إلا أن علاقاته مع اغلب دول المغرب العربي ما تزال دون المستوى المأمول، وبخاصة مع الجزائر الشقيق، هذه البلد الذي نجح في إعادة بناء نفسه، والتخلص من الآثار السلبية التي خلفها الاستعمار الفرنسي الذي دام لما يزيد عن 130 عاما، وكذلك ( العشرية السوداء).

     فمن الناحية السياسية، نفترض أنها متميزة وفي أحسن حالاتها نظرا لحرص كلا البلدين على بناء علاقات متميزة في محيطه العربي والإسلامي والعالم، فالأردن الدائم على وحدة الصف العربي ودعم قضايا الدول العربية، وعدم الإساءة لأي دولة شقيقة أو صديقة، والجزائر أيضا مشهود لها بالموقف السياسية النابضة بالحس القومي العروبي والإسلامي، والأمن والسلام العالميين، ورغم ذلك فأن تبادل زيارات كبار المسؤولين في كلا البلدين ما يزال محدودا، إذ لم يصل عددها عدد أصابع اليد الواحدة.

     كما تملك الجزائر قدرة كبيرة على مكافحة ومحاربة الإرهاب، واستطاعت الاستفادة من المعاناة التي عاشتها على مدى عشر سنوات، وتوظيفها لمواجهة الإرهاب في المنطقة، فهي من أكثر دول شمال إفريقيا قدرة على مكافحة الإرهاب، كما أنها تمارس سيادة قل نظيرها في العالم العربي بدليل رفضها لأي تدخل دولي في ما حدث بمنطقة (عين اميناس) فهي تملك استقلالية وحرية في اتخاذ القرار الذي  يناسبها ولا ينتقص من سيادتها بعكس بعض الدول.

     أما في مجال التقارب الاقتصادي، وهو الذي يهمنا أكثر مفترضين وجود علاقات سياسية جيدة بين البلدين، فالبلدين يرتبطان بالعديد من برامج واتفاقيات التعاون في مجالات التجارة والنقل والسياحة والثقافة والإعلام والزراعة والتعليم العالي والبحث العلمي والصحة وغيرها، إلا أن أرقام التبادل  التجاري بين البلدين ما تزال متواضعة، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين  في النصف الأول من العام الحالي بلغ  3ر23 مليون دينار ، فيما بلغ العام الماضي 2013 نحو  7ر101 مليون دينار منها 1ر98 مليون دينار صادرات و6ر2 مليون دينار مستوردات، من الجزائر أما  حجم الاستثمارات الأردنية في الجزائر فبلغت نحو مائتي مليون دينار أردني .

وعودة إلى "حاجتنا لتقارب أكثر مع الجزائر"، أقول إن الجزائر هي ألان الدولة الأكبر عربيا وإفريقيا من حيث المساحة بعد انقسام السودان، والعاشرة على مستوى العالم، وتملك طاقات بشرية كبيرة، إذ يبلغ عدد سكانها نحو 40 مليون نسمة، مما يشكل سوقا كبيرا أمام الصادرات الأردنية.

     والجزائر من الدول الأعضاء الفاعلة في منظمة (الأوبك )، فهي ثالث منتج للنفط بأفريقيا، ويبلغ احتياطي النفط 12 مليار برميل، وتنتج  نحو 2.2 مليون برميل يومياً، يصدّر منها 1,885 مليون يومياً، محتلة المرتبة 14 عالمياً من حيث الإنتاج، والتاسعة في التصدير، وهي رابع مصدِّر للغاز الطبيعي في العالم، ويبلغ  احتياطيها من الغاز 4500 مليار متر مكعب، وتصدر منه 55 مليار متر مكعب، وبإمكان الأردن الدخول على خط استيراد النفط والغاز من الجزائر وبخاصة أنها تصدر الغاز منذ عام 1994  إلى تركيا .
   
   وتحتل الجزائر المركز الثالث عالمياً بعد الصين والأرجنتين في احتياطي الغاز الصخري، إذ يقدر احتياطيها بـ20 ألف مليار متر مكعب، ويتوقع أن يبدأ استثمار الغاز الصخري الجزائري عام 2020 بطاقة إنتاجية تصل إلى 30 مليار متر مكعب في السنة كمرحلة أولى.

     وتمكنت الجزائر من تحسين ترتيبها في تقرير التنافسية العالمي لعام 2014-2015 الذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي ب21 مركزا لتحتل المرتبة 79 عالميا، مقابل المرتبة 100 في تقرير السنة الماضية (2013-2014)، واستند هذا الترتيب إلى عدة مؤشرات من بينها المحيط الاقتصادي الكلي والذي احتلت الجزائر فيه المرتبة 11 من بين 144 بلدا شملها المسح. كما احتلت الجزائر المرتبة 47 عالميا من حيث حجم السوق.

 ورغم توقعات صندوق النقد الدولي بتراجع بعض المؤشرات الاقتصادية نتيجة التراجع العالمي لأسعار النفط ، إلا أن الأداء بمجمله سيبقى جيدا، إذ يتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لعام 2015 نحو  208 مليارات دولار، وان يحقق معدل نمو  بنسبة  3.9%، وأن ينخفض التضخم  إلى 4% بنهاية العام المقبل من 5.6% بنهاية العام الجاري، أما موازنة الجزائر لعام 2015، فتفوق 109 مليارات دولار، بعجز نحو 9.5%، ويتوقع أن يصل الاحتياطي النقدي الأجنبي نحو210.8 مليار دولار العام القادم.

     وقد صنف صندوق النقد الدولي الجزائر بأنها الدولة الأقل مديونية في المنطقة العربية، وتحسنت مؤشرات الديون الخارجية للجزائر؛ إذ لم تعد تمثل سوى 1.8 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، فيما قدرت الديون الخارجية العمومية بـ 8.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للعام الماضي، أما متوسط دخل الفرد فبلغ  خلال العام الجاري 5764 دولاراً حالياً، مرتفعاً من 5290 دولاراً خلال عام 2013، وحلت الجزائر في المرتبة الخامسة من بين 16 دولة عربية بناتج إجمالي محلي يفوق 215 مليار دولار خلال سنة 2013.


ومن المعروف وجود علاقة ارتباط بين العلاقتين السياسية والاقتصادية، وكلاهما ينعكس على الأخرى سلبا أو إيجابا، فما أحوجنا ألان إلى علاقات اقتصادية متميزة مع الجزائر، وبخاصة أنها تملك الكثير من المقدرات التي يحتاجها الأردن، وان تجربة الأردن تفرض عليه التنويع بعلاقاته لا أن يعتمد على جهة  واحدة كما حدث بعد حرب الخليج الثانية ، واتفاقية استيراد الغاز المصري.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد