صحوة الضمير الغربي .. الألماني نموذجا .. في وقتها

mainThumb

03-02-2015 06:26 PM

ورد في الموروث الشعبي ،"أن تأتي متأخرا ،خير من ألا تأتي أبدا "،وهذا الواقع ينطبق على الغرب المسيحي عموما ، والمجتمع الألماني المخدوع بشكل خاص .


بالأمس القريب بدأنا نلمس إنتفاضات   في بواكيرها  ، تتفشى في أوروبا  عموما  ،حول الموقف الغربي من " مستعمرة" إسرائيل ، وصل بها المطاف إلى المطالبة بمقاطعة  هذه المستعمرة  الإسبرطية، والتأكيد على مقاطعة إنتاج البؤر الإستعمارية في الضفة الفلسطينية.


وأبعد من ذلك ، شهدت بعض العواصم الغربية وفي مقدمتها  العاصمة البلجيكية  بروكسيل والعاصمة الإسبانية  مدريد ، جلسات محاكمات  لقادة "مستعمرة " إسرائيل ، على جرائمهم التي إرتكبوها  إبان الإجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان ومحاصرة  وإحتلال بيروت  ، صيف العام 1982 ، لكن هذه المحاكمات توقفت ، دون  بيان للرأي العام العالمي ، يوضح فيه حيثيات  ذلك ، ولذلك بطبيعة الحال قصة.


ذات زيارة لي إلى العاصمة البلجيكية  بروكسيل علم 2007 لحضور أحد المؤتمرات ، كنت حريصا على  فتح هذا الملف ، ولكني كنت أواجه صعوبة في ذلك أو هكذا ظننت ، ولأن النوايا سليمة ، فإن الله يسهل وييسر أصعب الأمور .


سألت مضيفي إن كان  بالإمكان البحث عن المسؤولين عن هذه المحاكمات ، أو على الأقل أن  أصل إلى من عنده رأي مقنع في هذا المجال ، وكان الجواب  صاعقا  وهو : لماذا تريد الذهاب بعيدا للبحث عن ضالتك، ما دام من  تبحث عنه  يقف بجانبك ؟
فعلا إكتشفت أن ضالتي يقف بجانبي ، وهو  رئيس اللجنة القانونية في البرلمان البلجيكي ، وهو صاحب ملف  محاكمة شارون  آنذاك، وقد صافحته وقدمت له نفسي وطلبت منه  لقاءا يطلعني فيه على حيثيات القصة .


كان الوقت بداية ليل ونحن ما نزال في رحاب الجامعة التي  يعقد فيها المؤتمر  ، ومع ذلك  تنحيت به جانبا  وجلسنا على الدرج  ، وأجريت معه الحوار ، وقد عانيت من العتمة بعض الشيء  ،ولكن  فرحتي كانت كبيرة  لأنني بت أمتلك كنزا .


كنت مستمعا جيدا ، وحريصا على  فتح كافة مسامات خلاياي الدماغية لأنني كنت  أترجم وأكتب فورا ، وجاء في  هذا الملف ،أن الحكومة البلجيكة إضطرت لإغلاق ملف محاكمات الإرهابي  شارون  ،والجنرال الأمريكي فوكس لجرائمه في العراق إبان إحتلال العراق عام 2003 .


قال محدثي  أن بوش الصغير  إتصل برئيس الوزراء البلجيكي ، مهددا  بشطب بلجيكا من الخارطة العالمية في حال إستمرار المحاكمات ،وأن بإستطاعته  سحب وإغلاق  كافة مؤسسات الإتحاد الأوروبي من بروكسيل لإفلاسها ،كما أن شارون بدوره إتصل مع رئيس الحكومة البلجيكية  مهددا  أيضا  بسحب الإستثمارات الإسرائيلية من بلجيكا ، وإغلاق مصانع الألماس  التي يمتلك غالبيتها  ويسيطر عليها اليهود، وللمصداقية لم أبحث عن سبب وقف المحاكمات في مدريد.


تطور الأمر في بعض العواصم الأوروبية  إلى مطاردة وملاحقة المسؤولين في "مستعمرة " إسرائيل وفي المقدمة   تسيبي ليفني التي  غادرت  لندن تهريبا  ومعها أيضا  وزير الحرب السابق إيهود باراك  وذات زيارة أخرى لبلد غربي  أصدروا لها جواز سفر جديد كي تهرب سرا ، في الوقت الذي ينعم فيه المسؤولون في "مستعمرة "إسرائيل " بالراحة والهدوء والضيافة  وحسن الإستقبال في العديد من العواصم العربية التي باتت ترى في "مستعمرة "إسرائيل حليفا لها.


لم يقف الأمر عند هذا الحد ،بل تعداه إلى  المطالبة  بمقاطعة "مستعمرة "إسرائيل  أكاديميا  وفنيا  ،وما أعطى هذه الدعوات  قيمة  ، أنها صدرت  من لندن  ، وكلنا يعرف دور لندن في إنشاء "مستعمرة "إسرائيل،  وما زادها أهمية أيضا هو مشاركة يهود ضد "مستعمرة "إسرائيل.


 كما أن  أوروبا شهدت  دراسات  ودعوات أخرى  لوقف "مستعمرة "إسرائيل عند حدها ، ولمسنا ذلك حتى في الساحة الأمريكية التي  وجدنا  مفكرين وإعلاميين ، منهم من كانت أصوله يهودية ، ينتقد إسرائيل ومسؤوليتها عن جريمة  باريس والإعتداء على صحيفة شارلي إيبدو  الساخرة المتصهينة مؤخرا  ، وآخر المنتقدين ل"مستعمرة "إسرائيل" هو المذيع  الأمريكي المخضرم في محطة السي إن إن  السيد جيم  كلانسي ، إذ غرد في تويتر وليس على قناة السي إن إن ،  بتغريدة حمّل "مستعمرة"إسرائيل فيها المسؤولية عما جرى في باريس ، وأنها تحرض الفرنسيين على المسلمين ، وهناك مواقع إعلامية أمريكية كبرى  ، فضحت طابق  إرهاب باريس الأخير  ،وعدم ضلوع المسلمين فيها ، بل حملوا المسؤولية لجهاز الموساد الإسرائيلي.


بالأمس ، صدرت دراسة حديثة عن  إتجاهات الرأي في المانيا ، جاء فيها أن 48 % من المواطنين الألمان  ومن ذوي الرقاب الحمراء ،  إمتلكوا الجرأة  وقالوا أن  إسرائيل سيئة ، وهذه لها دلالة  كبرى يجب التوقف عندها مليا.


معروف أن النازي هتلر  هو أول مسؤول غربي تحالف مع الحركة الصهيونية  ، وهو أول  من وعد يهود بفلسطينوطنا قوميا لليهود حتى  "ينظف "ألمانيا  منهم ، شأنه شأن تشيرشل رئيس وزراء  بريطانيا لا حقا الذي قال بعد وعد بلفور في 2 من شهر نوفمبر 1917 ،"الآن تخلصنا من السرطان اليهودي وألقينا به في حلوق العرب".


كان فحوى الإتفاق بين الحركة الصهيونية  ألأن يتم السماح لليهود بشحن الشباب اليهودي  المتعافي  إلى فلسطين تأسيسا ل"مستعمرة "إسرائيل ،وأحقية التصرف النازي بكبار السن والمرضى والمعاقين اليهود .


هذه الإتفاقية  ولدت  دجاجة باتت تبيض ذهبا ل "مستعمرة" إسرائيل ، فمن جهة  نشهد حتى يومنا هذا الإستغلال السيء لما قامت به النازية من حيث المحرقة وأفران الغاز ، والأغرب أنهم قصروا ذلك على يهود ، ولم يسمحوا لأحد بالحديث عن الضحايا العرب والروس والغجر والأوروبيين ،ولهذا قصة وهي أن يهود  أعلنوا في القراءة الأولى  للمحرقة بأن النازية أحرقت 40 مليونا من اليهود ،فضج المجتمع الدولي لهذا التهويل ، ووعدوا  بمراجعة ثانية  أعلنوا أنهم فقدوا 24  مليونا وليس 40 مليونا ،لكن المجتمع الدولي  لم يقبل هذا الإفتراء ،فكانت القراء الصهيونية الثالثة بأن الرقم النهائي هو  6 ملايين و أنهم سوف لن يتراجعوا عن ذلك.


الوجه الآخر للإستغلال الصهيوني لألمانيا هو أن بن غوريون  أراد مصدرا ماليا في بداية  حكمه ،وإتفق مع أركان عصابته على اللجوء إلى ألمانيا للبكبكة  حول المحرقة ،ولكن المسؤولين الألمان رفضوا  التبرع لهم بمال بل وعدوهم بمساعداتعينية  ، لكن بن غوريون رفض ذلك بحجة أنه لا يريد  لأبناء "مستعمرة" إسرائيل الإعتماد على هبات الغير.


عند عودة الوفد إلى تل أبيب  وتدراسوا الموقف ،وصلوا إلى نتيجة مفادها ان الموقف الألماني طري بعض الشيء  ،ويراد له هزة من نوع ما ،فكانت الزيارة الثانية  تبحث في موضوع المحرقة  وعندها رضخت الحكومة الألمانية  ، وجعلت من ألمانيا  بقرة  تدر حليبا مقدسا  ل"مستعمرة" إسرائيل ، وعلاوة على المليارت التي  إبتزها يهود من المانيا  ،فإن المانيا تزودهم بسفن نووية ، ولا ينكرن أحد أن يهود تغلغلوا في كافة مفاصل  الدولة والمجتمع الألماني حتى أن بصمتهم في مكتب المستشار  نافرة؟


ذات حفل عشاء إحتفاءا بوفد نيابي ألماني زار العاصمة عمان قبل سنوات ، جلست بجانب أحد النواب الألمان ، وحاولت فتح هذا الملف معه ،لكنه تحفظ إلى درجة الصد، لكن محاولاتي المستمرة  ، إنتهت بطمأنته أن سره في بئر ، عندها قال بحدية  إيجابية : أريد أن أقول لك شيئا ، وهو إن كنت كعربي تكره إسرائيل درجة ،فأنا كألماني أكرهها ألف درجة لكننا مكبلين  باللوبي اليهودي .

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد