صحيفة السوسنة الأردنية

لم تستحوذ فكرة على عقل الفلاسفة والادباء الكبار مثل المجوس ونارهم وبالأحرى مثل زرادشت وثنائياته التي طبعت فلسفات ومعتقدات دينية كبرى (النور والظلام - الخير والشر - اهورا مزدا وأهريمان...) وكذلك صلواته التي تشتبه في عددها وسجودها وتوقيتها صلاة المسلمين مع اختلاف التراتيل وأركان الايمان.. وقد ترك زرادشت تأثيرات قوية عند نيتشه وغوته وعزرا باوند وهرمان هيسه وغيرهم وخاصة فلاسفة وادباء المانيا بالاضافة لحضور نجم المجوس في ديانات عديدة وخاصة المسيحية.

وبخلاف ما هو شائع, فالنار عند المجوس ليست الها بل شفيعا وزلفى الى اله النور وتبديدا لظلام الشر كما يجسده اهريمان كما لا تختلف الدلالات الرمزية للنار عند زرادشت والمجوس عن الدلالات المعروفة في المعتقدات الاخرى:

1- فهي رمز للتطهير الكوني (الاحتراق الدوري للعالم) عند الهنود (اسطورة الفيدا).

2- وهي رمز للتطهير الروحي والبدني.

3- وهي رمز لطاقة الخصب (علامة الحب عن السومريين).

4- وهي رمز للسمو والارتفاع بعكس الماء. فالنار تصعد الى اعلى فيما الماء يهبط الى اسفل.

5- وهي رمز للعبور والانبعاث (قصة ابراهيم) وكذلك طيور المتصوفة (طيور العطار) وطائر الفينيق.

6- وهي رمز لوحدة الانسان (الذكر والانثى) ووحدة الوجود (الماء والطين عبر النار) ويرمز الهنود الى وحدة البشر مع بعضهم ووحدتهم مع الطبيعة بزواج اله البرق أجني مع الغيم (الماء) الذي يرمز للأنثى.. كما ترمز النار الى جدل التناقضات الاجتماعية حقبة البطركية الابوية مع الحقبة الامومية التي سبقتها, فبقدر ما تبدو النار كرمز ذكوري - بطركي, فهي رمز انثوي (طاقة الخصب) ... وهو ما يتجلى في الديانة المسيحية خصوصاً (علامة النجم والمذود مع علامات الماء).

7- ايضا وبخلاف التأويلات الشائعة لنار المجوس عند العرب وبعض التيارات الفقهية الاسلامية فقد احتفى العرب بالنار احتفاء كبيرا ومن ذلك: نار الاستسقاء التي تلازم طقوس الضراعة من اجل المطر, ونار الحرب, ونار المزدلفة, ونار الكرم, ونار الحمى, ونار الحرتين.. الخ, كما دخلت الأدب العربي من ابوابه الواسعة (ابو نواس وبشار بن برد والأعشى) وقصائد الفرزدق والبحتري حول الذئب.. الخ.