التعليم و بناء الشخصية - د. ناصر ال حسن

mainThumb

19-09-2015 09:48 AM

كل الافعال الانسانية تنبع من واحدة او اكثر من هذه المسببات: الطبيعة , المصادفة , المنطق , العاطفة , الرغبة , الاكراه (ارسطو). جميع افعال وردود افعال و استجابات الانسان محكومة بحاجاته المذكورة انفا, ذكر بعضها ارسطو  و التي من ضمنها (الاكراه) و اكملها علماء العصر الحديث مثل (Steve Reiss)  تلك الحاجات او النزعات الفطرية الموجودة لدى البشر يمكن تكييفها او لنقل رعايتها و توجيهها للوصول بنهاية الامر الى انسان فاعل و متفاعل مع محيطه ’ ايجابي منتج , قابل للتطور و التكيف مع متطلبات المرحلة. و رعاية هذه الحاجات تكون باطار شامل ممنهج تشرف عليه المؤسسات التعليمة في جميع مراحل التعليم , فكما ذكرت بمقالات سابقة فان الهدف النهائي للتعليم هو تغيير السلوك . و عليه نتسائل عن حجم الرعاية التي توليها وزارات التربية بالوطن العربي لتلك الحاجات الفطرية التي تشكل نفسيته في مراحل مبكرة و تنعكس شكلا ظاهرا بما نسميه الشخصية.


النفسية كلمة اعتاد المختصين للاشارة اليها ككينونة داخلية تظهر بمفهوم الشخصية, فالشخصية و طريقة تفاعلها مع محيطها مبنية على ما تم غرسه في الانسان على مدى حياته خاصة في المرحلة المبكرة ......التنشأة المبكرة الصحيحة  تنشأ شخصية واثقة لها ما يميزها و تضعها في موقف تتعامل ايجابيا مع كل المحيط بها , و لا يكون ذلك الا بالرعاية السليمة لكل حاجات الانسان الفطرية , هذه الحاجات التي يجب  مراعاتها اثناء عملية التعليم لتكون هي الحافز للتعليم و استمراريته . بناء على ما تقدم نجد الفروق الهائلة بين المتعلمين و قدرتهم على التكيف في جميع مراحل حياتهم العلمية و العملية , هنا نتحث عن نتاجات او مخرجات  التنشأة و التعليم و التي تظهر بشكل جمعي كمجتمع له ما يميزه .


ان قمع اي حاجة من الحاجات الانسانية بالضرورة سينشأ انسان مشوه او غير قادر على مجاراة عجلة التطور ,,, فالقاعدة الثابته التي يجب ان نحتكم اليها هي التغير و التطور بدافع من بعض الحاجات المذكرة او كلها فهي الدافع و الضمانة الاكيدة للتغيير و التطور او باختصار للنمو الشخصي و المجتمعي كنتيجة ,,,, و حتى يكون التغيير ايجابيا و متوقع فيجب مراعاة الحاجات الفطرية لدى الانسان و التي هي جزء اصيل من كينونته.

مناسبة الحديث هنا هو ما نراه من امراض اجتماعية نفس/سلوكية متفشية في المجتمعات العربية,  لا يكفي ان نلعن التخلف بكرة و اصيلا دون تفكير عقلاني يفضي الى نتيجة ملموسة ,,,, و غير مقبول ان نلقي التهم يمينا و يسارا عن مؤامرات خارجية ,,,, فتحميل الظروف و الاخرين مسؤلية التخلف و الضعف يعتبر درجة متقدمة من العجز و السلبية,,,,

فالخطوة الاولى هي بناء الانسان ,,,, و لن نستطيع بناء هذا الانسان الايجابي المتماسك فكرا و شخصية و نضعه على طريق التطور دون رعاية الحاجات الفطرية له...... لو نظرنا الى التاريخ العربي وصولا الى العصر الحديث لوجدنا ان الانسان و حاجاته الفطرية التي تحدد نمط تفكيره و سلوكه لم تكن موضع رعاية.


و ها نحن نرى حجم الامراض الفكرية و الاجتماعية التي ظهرت و اضرت بسمعة الانسان العربي و هزت الثقة به ,,,, لنبني الانسان اولا و ستبى الاوطان كنتيجة حتمية , و التعليم  هو الضمانة الاكيدة لاحداث الفرق.
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد