ثرثرة على شواطىء الأدب والتجارة - إبراهيم ابو عجمية

mainThumb

03-11-2015 10:19 PM

قرّر صاحبي بعد طول تفكير أن يطلّق مهنة الأدب ثلاثا وأن يعمل بالتجارة لأن فيها تسعة أعشار الرزق وأن الله باركها في حين أن الكاتب لا يجد الفتات ليقتات بها فكيف لو كانت له أسرة طويلة عريضة تحتاج في كل صباح إلى قائمة طويلة من الحاجيات الأساسية والضرورية ، وأخذ صاحبي يضرب لي المثل تلو المثل وكان مما قاله لي :جميع مليونيرات العالم بدأوا من الصفر .. وأخذ يتحدث عن تاجر أخشاب استأجر أرضا وأخذ يزرعها بصبر وأناة نوعا من أنواع الشجر يقال له شجر الحور ثم نما هذا الشجرحتى تباسق ثم قطعه .. وكسب كثيرا من بيعه ،وبدأ يشتري أرضا جديدة ويزرع ويقطع ويبيع حتى صار مليونيرا.

 
ثم انتقل في حديثه إلى موظف بسيط افتتح مطعما صغيرا وكيف أن هذا الموظف افتتح بعد عامين ثلاثة مطاعم وهكذا أصبح بعد خمسة أعوام مليونيرا . وحين حاولت إيقاف صاحبي عن الحديث أشار لي أن أسكت لأنني لا زلت أحلم وقال : كثيرا ما أصغيت إليك تتحدّث عن أدباء العالم وعن مؤلفاتهم وعن مذاهبهم ولم أستفد منك شيئا  دعني أتحدّث عن عالم آخر أنت تجهله لقد قرأت كتابا يتحدث عن كيف أصبح مليونيرات العالم مليونيرات أصدقك القول هذا أفضل ما قرأت فلا تحدثني عن إليوت ولا عن همنجواي ولا عن كافكا ولا عن ديكنز ولا عن نجيب محفوظ ولا عن قائمتك التي لا تنتهي من الكتب والكتاب أصغ إليّ مرة واحدة عن تسعة اعشار الرزق أين تكون ؟ قلت له : أنا معك ، ولكن احترام الأدب والأدباء لا يمنع من مزاولة التجارة والأمثلة على هذا كثيرة.... أسكتني بإشارة حازمة من يده وقال:الحلم شيء وممارسة التجارة شيء آخر..... تذكّرني بما قاله ناصر الدين النشاشيبي عن نبيل خوري والايس كريم الذي حاول أن يتاجر به وكيف انقطعت الكهرباء فذاب الآيس كريم . قلت له : وهل صدقت ذلك ..أظنّها من مداعبات الأستاذ ناصر الدين لنبيل خوري ليقول بأن التجارة والأدب لا يتفقان ..ومع هذا يبقى للأدباء مجدهم لأن أعمالهم تبقى على الأيام  شاهدة على عظمتهم وأعني الأدباء الحقيقيين لا كتاب المسلسلات والأفلام المسلوقة ولك يا صاحبي أقول: كلانا يحاول الوصول إلى شيء مشترك فلا الأبيض أبيض ولا الأسود أسود.....ولكنها مجرد ثرثرة ولست أدري أيّنا المصيب .
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد