الأزمة التركية الروسية بين التصعيد والحل الدبلوماسي - د. عادل الزيود

mainThumb

29-11-2015 11:35 AM

إن للعلاقات التركية الروسية تاريخ وطبيعة مميزة، فالتاريخ الطويل بين الدولتين الكبيرتين يظهر مدى علاقاتهما وارتباطاتهما الدولية منذ سنيين وعقود. 
 
وهناك ميراثا ايجابياً تاريخياً بين الدولتين يتمثل في شراكات وعلاقات تاريخية واقتصادية، ووفقاً لخبراء اقتصاديين فإن تركيا تستورد ما يقارب 55% من احتياجاتها للغاز الطبييعي الروسي، أي ما يعادل الخمسين مليار م3 الذي يستخدم في انتاج الكهرباء. في حين وصلت العائدات السياحية التركية من روسيا في العام الماضي ما يفوق 37 مليارا حسب الاحصاءات التركية، وفي أوائل عام 2015 ما يفوق 5 مليارات دولار.
 
من جهه اخرى، فأن الواردات الروسية من تركيا كثيرة كالمواد والمنتجات الصناعية الكيميائية، النسيج، وسائل النقل وواردت آخرى عده، ففي العام الماضي خلال زيارة الرئيس الروسي الى تركيا صرح عن البدء بمشروع خط انابيب، الذي يهدف لنقل الغاز من روسيا الى تركيا عبر البحر الأسود، وايضاً اتفاقية التعاون حول بناء وتشغيل محطة كهروذرية في موقع قرب مدينة ميرسين التركية .مما يدل على ان هناك شراكات حقيقية بين الدولتين.
 
فالبرغم من العلاقات الايجابية الكثيرة، الا ان هناك قضايا اختلفت فيها السياسة التركية مع السياسة الروسية خلال تاريخ العلاقة، فمثلاً الحرب الباردة ومشكلة البوسنة، الحرب الشيشانية، القضية القبرصية، الخلافات حول المرور في مضيق البوسفور، والتنافس على نقل بترول آسيا الوسطى، وآخرهما الصراع السوري.
 
فقضية التدخل الروسي في سوريا والمصالح المتضاربة بين تركيا وروسيا بين رافض ومؤيد لبقاء نظام بشار الاسد،  وقضية الخلاف بين الرئيسين اردوغان وبوتن والقاء التهم بينهما فيما يخص الازمة السورية، تبين ان العلاقة التركية الروسية بدأت تتغير بعد التدخل الروسي والدعم المباشر لنظام بشار الاسد، والاخطر منذ التدخل الروسي، عندما قامت القوات التركية بإسقاط الطائرة الحربية الروسية. بعد عدة ايام من إسقاط المقاتلات التركية للطائرة الحربية الروسية، بدأت الأزمة السياسية والدبلوماسية وربما الاقتصادية لاحقاً ان لم تتدارك الامور بين أنقرة وموسكو بالتصعيد من خلال التصريحات المتبادلة بينهما.
 
 
فربما هناك بعض السيناريوهات المتوقعة بعد تأزم العلاقات التركية الروسية، فمثلاً قد يلجاْ كبار مسؤولين الدولتين الى سيناريو الحرب الاعلامية، او السيناريو العسكري الاخطر في حال عدم احتواء الازمة وتصعيد الخلافات بتكثيف القوات العسكرية الروسية على الحدود التركية السورية وبدأ الصراع على الارض التركمانية، الذي قد يتحول الى مواجهات عسكرية ومن ثم الى حرب إقليمية وتتدخل بها اطرفاً مختلفة. 
 
وهناك سيناريو وهو الاقرب والارجح والافضل سيناريو الحوار بالطرق الدبلوماسية، بعد تصريح الرئاسة التركية عن أملها في لقاء المسؤولين الروس في فرنسا، إشارة إلى أنه على الدولة الروسية إدراك أن تركيا مهمة جداً لها، وأن ثمة اهتماماً مشتركاً بين البلدين كبيراً. وأن توسط عدد من الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا سوف يعمل على تطويق الأزمة بشكل كبير. فهل تنجح الدبلوماسية التركية والروسية والتحركات الدولية  في احتواء الأزمة بين الامبراطوريتين؟ .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد