الحرية هي أساس الحياة، وعبر عنها سيدنا غمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما خاطب عمرو بن العاص بقوله: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحرارا)، وهي المطلب الأول في ميثاق حقوق الانسان، وفي الأردن تعودنا ضمن ثقافتنا وموروثنا على الحرية في القول والعمل والتنقل والتعبير والتصرف ضمن أداب المجتمع الطيب. وتعودنا الا نحجز حرية الحيوان الا لساعات الضبط الليلي في الربق او الصيرة او الحظيرة، فكيف بحرية الانسان ؟.
فالحرية في موروثنا كأردنيين شيء مقدس للغاية، مما يجعل من حجز الحرية جريمة بشعة يتقزز منها الأردنيون ايما تقزز ويرفضونها والتي تحولت في ظل الدولة الى قانون للاعتقال والسجن وما يرافق ذلك من اهانات وتعذيب وممارسات ضد المعتقلين واقتحامات ليلية لكرام الأردنيين وترك الفاسدين يعيثون بالأرض فسادا ضمن الترحيب الرسمي أينما حلوا، وهذه أمور لا تتفق مع ثقافتنا وكرامتنا .
ويعتقد البعض ممن وصلوا الى مواقع القرار في غفلة من الزمن او كبوة من التاريخ او عطسة من المزاج , ان القمع والسجن والتعذيب وتكميم الأفواه هي الطرق الاسلم لإعمار الأوطان , واسكات الناس , ويعتقدون ان صمت الناس يعني ان هؤلاء المستبدين سيطروا على أوضاع البلاد والعباد , ونسوا انه صمت المتربصين الذي يسبق العاصفة والتي عندما تهب لن تبقي ولن تذر.
نعاني بالأردن من قمع الحريات والاعتقالات لأسباب مزاجية وإظهار العضلات بحجة أمن الوطن وفي الحقيقة، فعندما يفقد المسؤول الحجة والعقل فانه يلجـأ للقمع وكيل الاتهامات والشتائم للكرام، وان من يقع عليهم الاعتقال والتعذيب والسجن أكثر حرصا على امن الأردن ممن يدعون انهم حماته الذين هم الأخطر على امن الأردن .
الشيء المحزن أن الدول الغربية التي ترعى الحريات والديموقراطية في بلادها لا تلتفت اليها في بلادنا ونجد الدعم والتغطية لكل ما يهين الأردنيين ولا نجد دولة غربية تتشدق بالديموقراطية والحفاظ على حقوق الانسان ترفض ما يقع على الأردنيين من قمع واعتقال وتعذيب واهانة .
سأضرب أمثلة محدودة ضمن قوائم لا تعد ولا تحصى من القمع والاعتقال، ومعذرة لمن لم نذكرهم هنا لان المجال لا يتسع للجميع.
اعتقال السيد الوطني المناضل علي الدماني الحويطات بسبب انفته وعشقه للحرية وممارسته لها. لقد كان قرار اعتقاله وملاحقته وحربه في لقمة عيشه قرارا يخلو من الحكمة بامتياز وجريمة بحق الحرية والديموقراطية والإنسانية والعدالة، فالشيخ على رجل ولا كل الرجال شجاع صادق وطني لا يقبل الذل حتى ولو على عنقه، فالأجدر الا يقع عليه ظلم والا تتم المساومة معه على كرامته ولقمة عيشه فهو رجل لن ينضم الى جوقة المسحجين اطلاقا .
واما اعتقال شيخ الشباب السيد راني إبراهيم الزواهرة الذي ينتمي الى قبيلة المليون / بني حسن العريقة فهو قرار يخلو من الحكمة ويعاقب الشيخ راني مرتين على جريمة لم يرتكبها أصلا , فهو مولع حتى الثمالة بحب الوطن والدفاع عنه , وتحول انتماؤه الى الأردن والمناداة بالحرية والعدالة والمساواة وحماية الأردن من طوفان اللجوء ورفض التدخل الرسمي في شئؤن الدول الأخرى والحفاظ على منجزات الوطن التي هي محصلة جهود الأردنيين جميعا , أقول تحولت جهوده هذه في عرف الذين لا يؤمنون بعقل ولا بعدل ,الى جريمة يعاقب عليها مرات ومرات وكلما انتهى من العقوبة تم تجديدها لنفس التهمة.
واما المهندس الوطني الشجاع عبد الهادي الحوامدة فهو وكما الحال عند راني الزواهرة بني حسن وعلي الدماني الحويطات يتألم لألم الأردن وهو مخلص لتراب الأردن وهويته وشرعيته كما هو اخلاص راني وعلي، وبما لا يقابله من يدعون الإخلاص لقاء المراتب والمناصب والأموال والرواتب أقول كلهم لا يساوون ما هو عليه عبد الهادي الحوامدة حيث تم حرمانه من التقاعد رغم خدمته المخلصة التي استمرت 22 سنة بدون انقطاع، فاين دول الحرية لا تدافع عن الحرية.
اما الأخ وصفي السرحان فقد عانى وضحى من اجل الأردن ما يستحق تسطيره له بحروف من نور في تاريخنا الوطني كما رفض اللجوء السياسي رغم توفره له وبقي متعلقا بتراب الأردن، وشرعيته .
واما الخال سويلم المشاقبة المشهور بأبو سويلم فقد طفق الى أوروبا / السويد ليبحث عن الحرية التي فقدها في بلده رغم تعلقه وحبه للأردن وانتمائه اليه وما عانى فيه من القهر والاضطهاد , ونتمنى على الدولة السويدية ان تقبله لاجئا سياسيا لديها , واما الرجل الوطني فراس الطواهية العبادي فهو في الوطنية والانتماء والعطاء والشجاعة والصدق والانتماء ما يجعله يسير جنبا الى جنب مع شبابنا الذين ذكرتهم توا .
القمع للحريات والاعتقال والتعذيب لن يجعل الناس تسكت، وان هذه الممارسات الرسمية الحمقاء أظهرت كم هؤلاء الشباب وامثالهم ممن ضحى ولقي حتفه بعد خروجه من المعتقل بموت تشابه لدى العديد من الوطنيين الحراكيين، كم هم شباب صدقوا الله ما عاهدوه على الانتماء لتراب الأردن وهويته وشرعيته التاريخية، وإذا كانوا الفئة القليلة فان الله وعد بالنصر حيث يقول سبحانه (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بأذن الله والله مع الصابرين) .
تحية صادقة للشيخ المناضل الوطني راني الزواهرة بني حسن والى الشيخ علي الدماني، والمناضل الوطني فلاح الخلايلة والى الوطني الصادق فراس الطواهية العبادي والى المهندس السيد عبد الهادي الحوامدة الذي يعاني من حرب ضده في لقمة عيش اطفاله فسافر الى السعودية للعمل هناك وندعو بالخير والنصر للسعودية وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وابنه الأمير محمد بن سلمان اعزهما الله.
وتحياتي الى سائر الوطنيين الذين عانوا من الاعتقال وقمع الحريات، ولكنهم دخلوا التاريخ الناصع من أوسع ابوابه وخرج اؤلئك الذين تجنوا عليهم الى زرائب المنبوذين والذين يستحي التاريخ ويأنف ان يذكرهم ولو بكلمة واحدة سوى انهم الجلادين واعداء الحرية والأردن والعدالة .
.............
* تنويه : المهندس وصفي السرحان ذهب الى أوروبا للبحث عن فرصة عمل وليس طلبا للجوء لذا اقتضى التنويه .