مؤسف ومؤلم أن نحتفل بذكرى الاستقلال هذا العام ولم يبقى منه في وطننا العزيز إلا الاسم المجرد واحتفالات تقيمها الدوائر والمؤسسات الرسمية في كافة مناطق الوطن لا فائدة منها إلا إضافة المزيد من الأعباء على كاهل الاقتصاد الذي يحتضر ويعاني من أزمة طويلة مركبة أصلاً .
وقد شهد هذا العام وخلافاً لكل الأعوام والعقود الماضية المبالغات الكبيرة والإسراف اللامعقول في الاحتفال وكأنها محاولة بائسة وهي كذلك للتغطية على الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الوطن العزيز ، والهروب للأمام بدلاً من مواجهة الحقائق .
ونتساءل في ذكرى الاستقلال المزعوم أين قرارنا السياسي المصادر أصلاً لمصلحة من ندّعي إننا استقلينا عنهم والحقيقة إن بريطانيا وفرنسا طردت من المنطقة بعد العدوان الثلاثي الشهير على مصر عبد الناصر وورثتهم أمريكا حتى اليوم حيث وصلت التبعية لمجاملة حتى دويلات الإعراب ولو على حساب الأردن وأمنه واستقراره ، والموقف من الأحداث المؤسفة بسوريا الشقيقة مثالاً صارخاً على صحة ما أقول .
لقد تواطئ الاردن الرسمي بالتآمر على سوريا ضد حتى مصلحته الوطنية وسؤالنا الذي نكرره دائماً ماذا لا سمح الله لو وجدنا أنفسنا كأردن أمام تجار الإسلام السياسي بسوريا كلّهم دواعش وأين هي مصلحة الأردن هنا يا من أوجعتم رؤوسنا عن الاستقلال المزعوم الذي تحول لمجرد احتفالات مبالغ بها من الحكومات المتعاقبة وزادت الوتيرة هذا العام بمقدار غياب الحاضنة الشعبية والفشل السياسي الذي تعاني منه حكومة عبد الله النسور بعد مسيرة حافلة بالفشل والتخبط.
نرى أن وطننا العزيز اليوم يمر في أصعب وأقصى مراحل تاريخه ، فالمديونية تجاوت الـ(32) مليار دولار كما قيل والإنتاج لا يزيد عن نسبة الـ(1 أو 2%)، معنى ذلك إننا أصبحنا دولة فاشلة وغير آمنة استثمارياً بموجب القانون الدولي وسرّ الاستمرار يتعلق في الحقيقة بالدور الوظيفي الذي تؤديه الحكومات المتعاقبة رغم إرادة الشعب وخلافاً للاستقلال الذي يدّعونه ويحتفلون بذكراه السبعين اليوم ، كنّا نتمنى أن يكون ذكرى الاستقلال مراجعة ونقد ذاتي لسياسات التبعية التي سارت عليها الحكومات المتعاقبة منذ عام 1946م حتى اليوم لو استثنينا من ذلك حكومة طيب الذكر سليمان النابلسي ولا أجد فرق بين نهج تلك الحكومات وما كان قبل عام الاستقلال المزعوم .
في حياة الأمم والشعوب التي تحترم تاريخها، الاستقلال ليس مجرد كلمة في القاموس او ذكرى للاحتفالات ، الاستقلال في تاريخ كل شعب يعني بداية مرحلة وعصر جديد من بناء الذات والتطور واحتراماً لدماء وتضحيات الشهداء الذين قدموا ارواحهم لأجل الوطن وحتى لا يرفرف عليه علم الاستعمار وبالتالي ليوم الاستقلال قدسيته التي لا يضاهيها قدسية أخرى والاستقلال بعد ذلك يعني امتلاك الإرادة الحرة والدولة المستقلة بقرارها السياسي والمعبّر عن طموحات شعبها وأين وطننا العزيز من كل ذلك على ضوء ما نرى ونسمع عن السفيرة الأمريكية التي أصبحت دولة داخل الدولة والسفير الفرنسي الذي وصل به الأمر للتدخل حتى لإصلاح الطرق والشوارع وبينهم بالتأكيد السفير البريطاني ، أي استقلال الذي يحدثوننا عنه وكنّا في الستينيات أكثر استقلالية اقتصادياً وسياسياً من عام 2016م ، للأسف احتفالات هذا العام جاءت بوتيرة عالية الصوت والإيعاز بتجميع العاملين في مختلف الدوائر والمؤسسات وذلك للتغطية على العيوب الأخرى حيث أنّ الاستقلال مجرّد اسم فقط .
نتمنى وقفة جادة مع أنفسنا والدعوة للأغلبية الصامتة وهل نحن حقاً حصلنا على استقلالنا الوطني وها نحن بعد سبعين عاماً أوضاعنا في تراجع ولم يبقى من الاستقلال إلا كلمة في تاريخنا العابر وكيف نحتفل بالاستقلال والقواعد الأجنبية وخاصة الأمريكية تحاصرنا في كل الوطن ، أي استقلال وقمحنا وحتى حبوبنا ودوائنا قادم من الغرب وأمريكا بشكل خاص وحتى الأرض التي قيل لنا أنها محررة بعد جريمة وادي عربة لا نستطيع زرعها أو حتى التواجد عليها إلا بتصاريح وحتى لا نذهب بعيداً ، أن وجود مقاتل اردني حر اسمه أحمد الدقامسة داخل السجون رغم انتهاء مدة محكوميته يفضح كل أكاذيب الاستقلال المزعوم ، نقول ذلك ليس لجلد الذات كما يعتقد البعض ولكن لتشخيص الحالة وبعد ذلك إعطاء العلاج الصحيح .
عاش الوطن عاش شعبنا عاشت أمتنا العربية ولا عزاء للصامتين .