وتمر الذكرى الــ49 لنكسة حزيران يونيو الأليمة عام 1967م ، ومنذ تلك النكسة التي يجب أن يؤرخ لها ، ليس لأنها خسارة معركة في صراع طويل بين الحق والباطل ولكن لشيء ايجابي وهو أن تلك النكسة كانت الانتصار العسكري الرخيص والأخير للكيان الصهيوني الغاصب ، وهذه الحقيقة للأسف لم تدركها الكثير من العقول لأن هناك نية واضحة وحرب نفسية لتكريس ثقافة الهزيمة وزرع اليأس في نفوس أبناء أمتنا حتى لا تقوم لهذه الأمة قائمة والتشكيك في كل حالة نهضة لهذه الأمة والمأساة أن من يفعل ذلك ليس العدو الصهيوني الواضح بعدائه ولكن من أبناء هذه الأمة ومن الذين ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا أتباعا وعملاء وخنجرا مسموما في خاصرة أمتهم .
نكسة حزيران يونيو كانت شيء طبيعي لضرب التجربة الوحدوية التحررية التي قادتها مصر بزعامة أسد العروبة الزعيم جمال عبد الناصر ، حيث طارد الاستعمار في القارات الثلاثة ودعم حركات التحرر والاستقلال الوطني ليس في بلاد العرب فحسب ولكن في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية ، ولأول مرة توحدت كلمة العرب على الأقل بالمستوى الشعبي حيث التفت جماهير الأمة من المحيط للخليج حول قيادتها الحكيمة وكان هناك في الاتجاه الآخر الغرب الامبريالي الذي رأى بجمال عبد الناصر تهديدا للوجود الصهيوني حيث سبق النكسة حصار اقتصادي وسياسي والكثير من العملاء من الخلايا النائمة في مصر وأمتها العربية وكان العدوان الثلاثي أحد تلك المؤامرات والمحطات التي دبرت لضرب المشروع القومي الناصري التحرري ، وعندما فشل العدوان كانت الخطة الأخرى لجانب الحصار والمؤامرات محاولة الاغتيالات السياسية ، وعندما فشل كل ذلك كانت النكسة المؤلمة التي عرفت باصطياد الديك الرومي وقد أعدتها المخابرات الأمريكية والصهيونية طيلة العشرة أعوام بعد العدوان الثلاثي ونفذت في الخامس من حزيران يونيو عام 1967 م ، والمأساة أن هناك كما قلت من يريد أن يكرس ثقافة الهزيمة وتصوير تلك الحرب الغادرة أنها نهاية التاريخ رغم أن العدو منذ ذلك الانتصار الرخيص الذي كان خدعة أمريكية صهيونية باعتراف الأمريكان أنفسهم هدفها ضرب مشروع الأمة القومي ولكن العدو لم يسجل انتصاره فهزم بحرب الاستنزاف وكاد أن يتحطم في حرب أكتوبر لولا خيانة السادات وعمالته كما هزم سياسيا وعسكريا أمام الصمود الفلسطيني الأسطوري في لبنان عام 1982م ، رغم عدوانه الذي طال كل شيء وأجبر على الانسحاب من جنوب لبنان عام 2000م ، وهزم هزيمة عسكرية ساحقة أمام أبطال حزب الله وفشل في غزة وهزم سياسيا رغم حالة الدمار والخراب الذي تركه وفشل مشروعه في إجبار المقاومة الفلسطينية على تسليم السلاح ومع ذلك يحاول الصهاينة الجدد من كتبة المارينز اليوم خاصة في إعلام البترودولار زرع ثقافة الهزيمة وتصوير نكسة حزيران يونيو أنها نهاية التاريخ .
ومن المؤسف أن نسمع الحقيقة أحيانا تأتي على لسان العدو نفسه في الوقت الذي تبرع البعض أن يكونوا صهاينة أكثر من الصهاينة أنفسهم الذين اعترفوا أنهم هزموا في لبنان وأجبروا على الانسحاب وخسروا المعركة عام 2006م ، وفشلوا في غزة .
وبعد ذلك نجد إعلام البترودولار ومروجي ثقافة الهزيمة لا يزالون يتحدثون عن نهاية التاريخ في تلك النكسة ولكنهم لم يقدموا بديلهم المقنع الذي يسمونه بالسلام والصفعات تأتيهم من أسيادهم الصهاينة قبل غيرهم .
نعم نكسة حزيران يونيو كانت خسارة معركة وضربة موجعة ولكنها ليست نهاية التاريخ والصراع مستمر بين كيان مصطنع وطارئ مهما طال الزمن وأمة عظيمة ذات ثوابت جغرافية وتاريخية ومعركة الوجود مستمرة ولصالح هذه الأمة بإذن الله رغم كل حالات السواد والمأساة التي تعيشها .
ولا نامت أعين الجبناء .