شيء يفلق الصخر .. أليس كذلك !

mainThumb

02-10-2016 10:00 PM

جماعة ناطورا كارتا اليهودية تتنبأ بزوال الكيان الإسرائيلي بينما عرب الاعتدال يثبتونه بالأوتاد..
        كنا ونحن صغار نستمع إلى حكايات الجدات عن التواطؤ العربي في بيع فلسطين، وسحب البساط من تحت أقدام المجاهدين، ثم القبول بالهدنة عام 1948 التي هيأت للعصابات الصهيونية دعماً لوجستياً تسبب بهزيمة تحالف الجيوش العربية فاحتلت فلسطين إثر ذلك.. وكنا لا نفهم حينها معنى الاتصالات السرية بين بعض العرب لترتيب الإقليم وفق رؤية تقبل بهذا الكيان المحتل على جرعات. 
ورغم رسوخ هذه الرواية في اللاوعي العربي إلا أن عقله الخارجي كان يسحقها بين أشداقه المزفرة بالولائم.. كأنه وأد لعذراء تم اغتصابها فيغدرها أهلها الصاغرين لتلقى في الرمضاء جثة هامدة؛ كي تقددها العقبان، فترفع الجيوش العربية الرأس شامخاً دون بذل جهد للاقتصاص من الجاني المتربص في الجوار، وتتوالى منذ ذلك الوقت التنازلات.
 
 لكن الشواهد على الأرض أبت إلا وتفجر الوعي العربي بالحقيقة المرة كي يستيقظ من سباته الطويل، وتتسلل الحقيقة عبر جدار اللاوعي العربي فتنفذ إلى العقل الظاهري الواجف، فتضيء القناديل حتى يخرج الفينيق الملقى تحت لظى الشمس في الرمضاء كي يعيد حكاية العذراء الموءودة في سياق ما يجري في عالم الرياء.. يحدث هذا بينما يتحالف الاعتدال العربي مع الكيان الإسرائيلي إلى درجة لا يصدقها العقل، لا بل يلقي إليه بالحبل بعد أن أوشك على الغرق والزوال، في الوقت الذي يخرج أحد أهم الحاخمات اليهود ليتنبأ بزوال هذا الكيان ويصفه بالمغتصب لحقوق الفلسطينيين والمحتل لأرضهم ومقدساتهم!! 
 
وينبغي أن نذكركم بأنه عام 1948 بينما كان العرب يتعرضون لهزيمة مشكوك بأسبابها ما أدى لضياع فلسطين، فقد تجمع أعضاء منظمة ناطورا كارتا الأرثوذكسية اليهودية أمام الأمم المتحدة بعد الإعلان عن تأسيس الكيان الإسرائيلي، وأعلن زعيمها حينذاك خلال الاجتماع معارضة اليهود لتأسيس “إسرائيل” وقد وثق ذلك الحدث في ملفاتهم. هذا ما قاله الحاخام وايس خلال مشاركته الدورية بملتقى “كلنا مع الاقصى” الدولي في طهران بحضور الحاخام يوسف روزنبرغ، وهما عضوان في حركة “ناطوري كارتا” الدولية في أميركا، منوهاً في سياق حديثه إلى إن أعضاء حركته يرفضون اكتساب الجنسية الإسرائيلية ويتعرضون باستمرار إزاء ذلك للأذى من الكيان الإسرائيلي العنصري ( على حد وصفه). حيث ندد وايس بتأسيس الكيان الإسرائيلي المصطنع ووصفه بأنه يتعارض مع تعاليم التوراة مشددا على الوعد الإلهي بزوال هذا الكيان المغتصب لفلسطين.
 وكان يمكنه أن يضيف مشكوراً بأنه ذات الكيان الذي يسيطر على عقول الزعماء العرب المعتدلين إما ترغيباً أو ترهيباً أو من خلال واجباتهم الماسونية. 
 
وتابع الحاخام وايس عضو الإتحاد الدولي للمنظمات غير الحكومية المدافعة عن حقوق الشعب الفلسطيني، إنه وفق تعاليم التوراة، فإن اليهود غير مسموح لهم بتأسيس أية حكومة حتى ظهور السيد المسيح، والتوراة تعتبر اغتصاب أرض الغير ذنبا. 
 
ومن الطبيعي إن صحت نبوءة الحاخام وايس في أن السيد المسيح سيأتي أخيراً بالعدالة، أنها ستنصف أيضاً الضحية وتلقي الصهيونية وعملائها إلى مزبلة التاريخ حيث ينتشر الذباب. وأكد الحاخامان وايس، وروزنبرغ، على مكافحة الكيان الإسرائيلي الصهيوني حتى زواله بصورة كاملة. 
 
وهذا بالطبع سيأتي خلافاً لرؤية الاعتدال العربي وعلى رأسهم محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، القاضية بتقديم التنازلات المتعاقبة مع الكيان الصهيوني المغتصب؛ للتلاقي مع العدو الصهيوني في مربع نكسة عام 1967 بتثبيت الواقع على الأرض وفرضه على أجندة التنازلات العربية. 
 
وليس عند المنتصف الذي يتغنى به الاعتدال العربي المشبوه الذي أفلس إلى درجة الاستفراغ. ويذكر أن الحاخامين وايس، وروزنبرغ، زارا طهران للمشاركة في الاجتماع الدوري لأعضاء الإتحاد الدولي للمنظمات غير الحكومية الداعمة لفلسطين الذي ينعقد كل عامين، دون مشاركة لأي دولة عربية تتباكى ظاهرياً على فلسطين أو حتى قيامها درءاً لأي حرج بعمل اتحاد عربي داعم للقضية الفلسطينية بحضور ناطورا كارتا. 
 
إذن، فمن يصدق منذ الآن بأن العرب يريدون مصلحة الفلسطينيين وقد تخلوا عن قضيتهم في وضح النهار ،كما أخبرنا الأجداد بما يتوافق وشواهد العصر، منذ نشأة الكيان الصهيوني الهجين حتى اتفاقية نهب الغاز الفلسطيني، ومشاركة عباس الذي تنازل عن الحق الفلسطيني عبر طريق أوسلو المسدود، بجنازة أكبر مجرم عرفته الصهيونية في تاريخها الدموي الطويل، ألا تفلق هذه الحقيقة الصادمة الصخر وتدخل العقل العربي في الغيبوبة من جديد!. 
 
ومن هنا ينبغي أن نشير أيضاً إلى دور منظمة ناطورا كارتا في دعم المقاطعة الأوربية للبضائع الإسرائيلية والتي كبدت هذا الكيان خسائراً بالمليارات، فانبرت شهامة الاعتدال العربي لتعويض هذه الخسائر من خلال التطبيع الاقتصادي المفتوح مع الكيان الصهيوني العنصري وبرعاية أمريكية من خلال منافذ اتفاقيات العار منذ كامب ديفيد ومرواً بوادي عربه وصولاً إلى أوسلو، وكان آخر الكوارث التطبيعية يتمثل باتفاقية الغاز الأردنية المصرية الإسرائيلية التي تعبر عن نهب الثروات الفلسطينية من قبل العدو والصديق، إضافة لمشروع البحرين الذي سيربط بين البحر الأحمر والبحر الميت لتزويد الأردن بالمياه وفق حسبة غير عادلة، وبتغطية قانونية من صندوق الاستثمار الأردني الذي وافق عليه البرلمان الأردني السابق بأغلبية مشبوهة.. ناهيك عن ربط الاقتصاد الأردني بميناء حيفا المغتصب.. وأخيراً.. فهل صدقت الآن بأن جماعة ناطورا كارتا اليهودية تتنبأ بزوال الكيان الإسرائيلي بينما عرب الاعتدال يثبتون المحتل بالأوتاد! شيء يفلق الصخر.. أليس كذلك!
 
Attachments area


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد