لماذا جاستا؟

mainThumb

03-10-2016 10:56 AM

من الواضح أن قانون العدالة ضد الإرهاب أو ما يسمى بالإنجليزيةJustice against Sponsors of Terrorism Act الذي سنة وشرعه الكونغرس الأمريكي بشقيه الشيوخ والنواب للتدخل في شئون الدول الأخرى، ومقاضاتها وفق القوانين والأنظمة الأمريكية في الداخل الأمريكي، إنما هو موجه ليس ضد المملكة العربية السعودية فحسب، بل نحو الأمة العربية جمعاء من حيث استمرار التدخل في شئونها على النحو الذي يرضي اللوبي الصهيوني في واشنطن ويخدم دولة الكيان الصهيوني كالعادة في كل ما يتخذ من قرارات، عسكريا وسياسيا واقتصاديا، علاوة على كونه يشكل سابقة قانونية خطيرة، ويرسخ فوقية هذا القانون على أنظمة الأمم المتحدة التي تمنح الدول حصانة سيادية لا لبس فيها، كما أنه مخالفة صريحة لكل القوانين والشرائع والأعراف الدولية التي تنادي بها الأمم المتحدة في العدل والمساواة والاحترام.
 
 لم تعانِ مجموعة من الدول في العالم أجمع ربما كما عانت الدول العربية من التدخلات السافرة في شئونها الداخلية منذ عشرات بل ومئات السنين، ابتداء من الاستعمار والتقسيم وافتعال الحروب إلى استنزاف مقدرات الأمة في أكثر من مكان في فلسطينوالعراق وفي ليبيا وفي سوريا وغيرها، سواء من قبل الدول الغربية أو من خلال الولايات المتحدة الأمريكية نفسها التي شرعت قانون جاستا سالف الذكر.
 
في قراءة سريعة للقرار، فهو يتيح للأفراد الأمريكيين رفع القضايا أمام المحاكم الأمريكية ضد أية دولة يظنون أنها تمارس نوعا من الإرهاب ضد أي مواطن أمريكي تعرض للضرر نتيجة فعل حتى في حالة عدم وجود علاقة لتلك الدولة بما ارتكبه الأفراد الذي يحملون جنسيتها من أفعال وحماقات، والعقوبات في مجمل الأديان لا تحاسب إلا من اقترفها وليس دولته نفسها، إذ أن ذلك من شأنه أن يكرس شريعة الغاب التي تكون فيها الغلبة للأقوى في العالم.
 
الولايات المتحدة الأمريكية على مر تاريخها الحديث هاجمت أكثر من دولة في العالم، وتدخلت في شئون الكثير من دول العالم على النحو الذي يرضى سياساتها،  بما في ذلك ضرب اليابان بالقنبلة الذرية، والتدخل في فيتنام، والعراق وأفغانستان وبنما وغيرها، وأحسب أن المُشرع الأمريكي ربما فاتته هذه المسائل الهامة للغاية في تشريعه لقانون جاستا، إذا بدأت أصوات تنطلق من داخل الكونغرس الأمريكي نفسه في تعديل القانون أو إلغائه.  وهذه الدول وغيرها ممن تعرض يمكن أن تشرع قانون جاستا مماثلا للقانون الأمريكي، تقوم بمقتضاه أو وفقا لقانون جاستا الأمريكي نفسه بمقاضاة الأفراد الأمريكيين من الجنود والطيارين وغيرهم ممن شاركوا في العدوان عليها انطلاقا من هذا القانون.
 
الدول العربية ما برحت تحتاج إلى تحصين نفسها من التدخلات الخارجية، لاسيما مع تشريع القانون سالف الذكر. فهل تنظر الدول العربية مجتمعة في سن قانون جاستا مماثل يحميها من التدخلات الخارجية، بما يؤدي بكل من لحقه به ضرر من قبل أية دول في العالم، بغض النظر عمن تكون تلك الدولة إلى رفع قضية أمام المحاكم بلده للحصول على تعويض عما لحق به من الضرر؟
 
وإذا ما كانت المملكة العربية السعودية هي المستهدفة من خلال استثماراتها في أمريكا عوضا عن الأرصدة الإيرانية التي سيتم الإفراج عنها بموجب الاتفاق النووي معها، ومعها مصر على وجه من التأويل، في جاستا وهي التي عانت من الإرهاب أكثر من أية دولة أخرى وجنبت الغرب وأمريكا تحديدا، كما تشير التقارير الإعلامية الكثير من الأعمال الإرهابية، فالحري بجامعة الدول العربية والدول العربية كافة، أن تؤيدها وتساندها في كل ما تتخذه من خطوات ليس حماية للمملكة العربية السعودية فحسب، بل حماية للأمن القومي العربي برمته، ويبقى القول أخيرا بأن المملكة العربية السعودية لديها من الإمكانات الكثير، سياسيا وأمنيا، واقتصاديا للرد على جاستا الذي شكل سابقة في تاريخ الأمم المتحدة والضوابط التي تحكم العلاقات بين دول العالم.
 
 
 
كاتب ومحلل سياسي
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد