الدولة المدنية التي نريد

mainThumb

19-10-2016 09:20 AM

بداية لنتفق على أن الدولة المدنية التي نريدها،هي تلك الدولة التي تحافظ على كل أعضاء مجتمعها،دون النظر إلى إنتماءاتهم العرقية أو الدينية أو الفكرية،ولها شروط لا تكتمل بغياب أي منها وأهمها:أن تقوم على السلام وليس على الإستسلام،وعلى التسامح لا الإنتقام،والمساواة في الحقوق والواجبات ، لا أن تكون مستبدة  قاهرة طاردة لأبنائها،تحرمهم من حقوقهم وتنظر إليهم  فقطكمصادر للجباية، وألا تكون متغولة على المعارضين وأصحاب الأفكار،بمعنى انها تحفظ حقوق مواطنيها،وتمنع عنهم الظلم وإنتهاك الحقوق الذي يحلو للجهات المتغولة المعروفة القيام به ليل نهار.
 
هناك في الدولة المدنية العتيدة سلطة واحدة عليا،هي سلطة الدولة التي تحمي أبنائها وتتكفل بتوفير الحياة الرغدة لهم،وتطبق القانون على الجميع،ومنح فرص العمل  والترفيع للجميع،وتنبذ مبدأ بوش الصغير"من ليس معنا فهو ضدنا"،بمعنى أن من لا يوافقنا التوجه فسيحل عليه الغضب والحرمان .
 
الوطن " الدولةالمدنية" لكل أبنائه،وبطبيعة الحال فإن مآل الكل للوطن في حال حفظ الحقوق،وفي هذه الحالة سنرى مواطنا مبدعا منتميا مضحيا من أجل وطنه،يعمل جاهدا للذود عن الحمى ورفعة الوطن،بعكس ما نراه هذه الأيام ليس في الأردن فحسب بل في الوطن العربي بأكمله،المنكوب بمسؤوليه غير المنتمين له،الذين يعملون لتنفيذ أجندات الجنسيات الأجنبية التي يحملونها ، وهم يرون الوطن عبارة عن مكتسبات حكرا لهم ولأبنائهم من بعدهم،ولذلك يقال أن البلدان العربية تحولت إلى مزارع إقطاعية .
 
وثالثة الأثافي أننا بتنا نرى مسؤولين عربا  ينفذون أجندة مستدمرة إسرائيل نهارا جهارا دون خوف من الله أو الناس،ومثال ذلك توقيع إتفاقية الغاز الإسرائيلي المسروق مع مستدمرة إسرائيل بقيمة عشرة مليارات دولار،يذهب ثلثها إلى خزينة وزارة الحرب الإسرائيلية ، وكذلك تعديل المناهج لصالح التهويد ، ونلمس هذه الظاهرة ليس في الأردن فحسب بل تتعداها إلى دول عربية  أخرى كنا نظنها سندا لنا.
 
هنا لا بد من الحديث عن المواطنة الحقة في الدولة المدنية،أي المواطن المحترم الذي يضمن وجود دولة تحميه واجهزة تسهر على راحته،لا أن تطارده وتحكم عليه بالنوايا وتضيق عليه،وتشطبه بسبب شكوى كيدية من  فاشل حاقد عليه،وجد أذنا صاغية له ليمارس حقده الدفين ويعوض فشله،أو لأن مركز ضغط يهودي في واشنطن وأعني بذلك "معهد بحوث الشرق الأوسط الإعلامية (ميمري) قد إشتكى عليه،لأنه يعري ممارسات قادة مستدمرة إسرائيل الخزريةكما جرى معي شخصيا عام 2012.
تحضرني حاليا نقاشاتنا الموسعة مع أصدقائنا في الغرب،حين نسافر لحضور مؤتمرات دولية ندعى إليها،وهي أنه يؤخذ علينا كعرب،أننا نتحدث في السياسة بحدة ونختلف حتى ونحن في بلاد الغربة،بينما هم يتناقشون حول أحدث الفلام السينمائية وآخر كتاب نشر،وحول تقلبات الطقس،وكان ردي عليهم انكم كغربيين تستظلون بظل الدولة المدنية وتحظون بالديمقراطية،تجاوزتم المرحلة التي نعيشها بوجود حكومات وبرلمانات تدافع عن حقوقكم وتحميكم،على عكس ما نحن فيه،فلا حكومات ولا برلمانات  تحمينا وتحفظ حقوقنا.
 
هناك من يخلط بين الدولة المدنية والدولة العلمانية،ولا يستطيع كشف الغلالة التي تغلفهما،مع ان الدولة المدنية ليست مرادفة للدولة العلمانية،وليس شرطا في الدولة المدنية التي نسعى لها،فصل الدين عن الدولة،لأن ديننا الحنيف ليس مشابها للكنيسة الغربية التي حاكمت المبدعين والمخترعين والمكتشفين،مع أن هناك حالات  مشابهة شهدها المسلمون في عصور الظلام التي مروا بها.
 
ولا يغيبن عن البال أن دولة الرسول المصطفى في المدينة المنورة،قد حفظت حقوق الجميع بمن فيهم يهود الذين بقوا فيها مع أنهم كانوا يغدرون كعادتهم،وما نحتاجه هو فعلا هو دولة القانون،ولن يكون القانون منصفا إلى في حال تغليفه بالرحمة والعدل  ولا يتأتى ذلك إلى بالدعامة الدينية،وإلا كيف سنحقق العدل والرحمة ونمنع الظلم؟
 
الحكومة المدنية التي نريدها ليست دينية بحتة،لأننا  لسنا المثال الذي يحتذى بنا،كما كنا في صدر الإسلام،فواقعنا كمسلمين لا يسر صديقا ولا يفرح حتى عدوا،فنحن متشرذمين قبائل وأفرادا ولا وزن لنا ولا حتى لنا أدنى تأثير على الآخر، ومع ذلك فإننا بالمطلق نرفض الدولة العسكرية ودولة المخابرات،ونرفض تدخل الجيش في السياسة لأن المهام المناطة به هي حماية الحدود وتحرير المحتل من الوطن،وما اكثر المساحات المحتلة والمستباحة في الوطن العربي،ولست بكاشف سرا عندما أقول أن هناك مساحات عربية بيعت بيعا لمستدمرة إسرائيل،وأعني بذلك هضبة الجولان التي باعها الأصفهاني اليهودي حافظ الوحش بمئة مليون دولار وقيل ان الشيك كان بدون رصيد.
 
نحن ضد التغول الأمني بالمطلق ولن نهادن في ذلك،والأجهزة الأمنية في الدولة المدنية  ،مهمتها حمايتنا  لا قمعنا  والتضييق علينا  وإستهداف أصحاب الرأي، بهدف تركيعهم بعد تهديدهم بلقمة عيشهم وحرمانهم من أي فرصة عمل،حتى أن هناك قصصا موثوقة تروى،أنها تلاحق أصحاب الرأي  حتى عندما تلوح لهم فرصة عمل في الخارج ، ولدينا نظام بغيض هو نظام حسن السير والسلوك .
 
الدولة المدنية هي ضمانة للتقدم والإزدهار والحرية،وعدم التشظي المذهبي والعرقي ،ولو ان الدول العربية التي هي في طور التشظي مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا ،إعتمدت الدولة المدنية ونزعت الخوذة العسكرية عنها،مع ان هذه الخوذة لم ترد حتى نسمة هواء أو تمنع ذرة غبار من الدخول،لو انها فعلت ذلك لما دخلت مرحلة التشظي ولا سالت دماء رعاياها ولا أقول مواطنيها،لأنها تفتقد للمواطنة الحقة .
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد