الناتو العربي .. يُذكّرنا بما حدث في عام 1955

mainThumb

30-09-2018 11:50 PM

 يعيد الرئيس الأميركي دونالد ترمب أحلاماً استعمارية قديمة، مضى عليها أكثر من ستين عاماً هدفت الى تحييد العرب عن عدوهم الرئيسي»إسرائيل»، وتسليط بوصلة العداء نحو المد الشيوعي، بإعلانه قبل أيام عن فكرة إنشاء الناتو العربي لمواجهة الخطر الإيراني على المنطقة العربية.

 
حلف الناتو العربي الأميركي والذي يضم دول الخليج ومصر والأردن ويبدو القيادة والتخطيط فيه لواشنطن، يهدف إلى التصدي لإيران التي قال عنها نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الخليج العربي تيم ليندركينغ:»انها تفلت من العقاب بجرائم قتل فعلية».
 
وقال كينج في حديثه لموقع“ناشيونال”الاماراتي الناطق بالإنجليزية عن الناتو العربي:»أن دور إيران لا يتعلق بتأسيس مؤسسات الدولة اليمنية، بل يدور حول إطالة الحرب، ولديهم طرق متعددة للقيام بذلك بتكلفة منخفضة «.
 
ترمب يسعى الآن إلى إحياء فكرة حلف بغداد الذي انتهى بالفشل، ومشروع آيزنهاور لسد الفراغ في الشرق الأوسط الذي أفشله الشارع العربي في تلك الحقبة، ولكن هل سينجح الآن؟! وما هي الاهداف؟!. واضح أن سحب منظومة الصواريخ الدفاعية من البحرين والكويت والأردن، تأتي في سياق هذا الحلف الجديد، التي قال عنها كينج بأنها تأتي في إطار نقل الموارد، وإنما الواقع نُقلت إلى مناطق دفاعية ضد روسيا والصين، على أن يحل الحلف العربي الجديد محل الوجود الأميركي بأقل التكاليف والخسائر.
 
حلف الناتو العربي الأميركي سيكون قوة أميركية ضاربة في المنطقة؛ لحماية مصالح واشنطن وارعاب إيران وتقزيمها في المنطقة، وسيحمل رسائل إلى روسيا أنه لن يسمح العبث بمنطقة النفوذ الاميركي، وأن نجاحها في سوريا لن يدوم طويلا وأن الصراع سيتخذ شكلا آخراً.
 
كما تهدف أميركا إلى زيادة مبيعاتها من الأسلحة إلى الدول العربية واستنزاف مقدرات الشعوب العربية، على حساب النمو الإسرائيلي»العسكري والاقتصادي» في المنطقة.
 
الحلف العربي الأميركي لن يعود بالفائدة على المواطن العربي الذي يعيش تحت وطأة الحروب والبطالة والفقر وتخلف التنمية والتعليم، بقدر ما سيكون حَلباً جديداً لمقدرات الامة لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل. وبهذه المناسبة لا بد أن نعود للتاريخ قليلا، ونستذكر دور الأبطال الأردنيين الذين رفضوا بكل حزم مطالب بريطانيا الانضمام إلى حلف بغداد، ونستذكر استقالة حكومة سعيد المفتي وحكومة الشهيد هزاع المجالي. ففي عام 1955 قام الرئيس التركي جلال بايار بزيارة إلى المملكة تبعه وفد بريطاني لاقناع الأردن بالانضمام إلى حلف بغداد الذي حيّد»إسرائيل»وضم بعضويته العراق – انسحب بعد فترة قصيرة–وتركيا وباكستان وإيران، الأمر الذي دفع الأردنيين في المدن والمخيمات والأرياف إلى الخروج بمظاهرات غاضبة رفضاً للانضمام إلى الحلف وزيارة تلك الوفود.
 
أثمرت الاحتجاجات عن استقالة أربع وزراء من حكومة سعيد المفتي الذي لحقهم هو أيضا بالاستقالة رفضاً للدخول في الحلف. وفي ذات العام تشكلت حكومة الشهيد هزاع المجالي الذي طلب منه كلوب باشا استخدام القوة والرصاص الحي لقمع الاحتجاجات الأردنية، فكان رد الشهيد المجالي رفض إراقة نقطة دم أردنية، واتفق مع الراحل الحسين أن يكون القرار الاول والأخير لمجلس النواب الذي رفض الدخول في الحلف وأعلن عن ذلك هزاع المجالي في الإذاعة الأردنية وأعلن استقالته بعد خمسة أيام من تشكيل الحكومة انسجاما مع الشارع الأردني.
 
هل نحن اليوم نملك ترف الوقت والرخاء الاقتصادي والسياسي للدخول في هكذا تحالفات؟، هل انتهينا من أزمة قانون ضريبة الدخل والارتهان لصندوق النقد الدولي؟! أم هل سينعكس الدخول بهذا الحلف علينا رخاءً وازدهارا ؟! إجابات لم تفصح عنها الحكومة حتى اللحظة، نتمنى أن نسمعها قريباً.
 
Email tayeldamin74@gmail.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد