وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ( سيدنا يوسف وزليخا، ج١ من ١٠).

mainThumb

26-12-2019 10:10 AM

أتذكر وأنا في الصفوف الإبتدائية غاب مربي الصف عن حصة من الحصص فحضر  معلم بديل شغل الحصة نيابة عنه وفي هذه الحصة قص لنا المدرس البديل قصة سيدنا يوسف مع إخوته ومع إمرأة العزيز(عزيز مصر) فبقيت ذكرى تلك القصة في ذهني حتى هذه الأيام. فوددت في هذه الأيام أن أروي قصة سيدنا يوسف مع زليخا بمقالات أكتبها واجتهد في إبداء رأيي الشخصي فيها. وأود أن أبدأ بالآية ( وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (يوسف: 23)). فلو تدبرنا هذه الآية ونعلم أن إمرأة العزيز لم تنجب الولد لسبب ما (لا أريد أن أخوض في أسباب ذلك) ونعلم أن إخوة يوسف رموه في البئر وإشترى عزيز مصر يوسف بثمن بخس من بعض السياره بعد أن أخرجوه من البئر وقال لإمرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً . فكان يوسف صغيراً وربته إمرأة العزيز في بيتها وراقبت نموه وجمال خلقه يوماً بيومٍ وكان سيدنا يوسف جميلاً جداً للغاية وكما روت السيَّر السابقة وأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام أن الله سبحانه وتعالى أعطى سيدنا يوسف شطر الحسن والجمال وأعطى الشطر الآخر لما تبقى من خلقه.
 
فتخيلوا كم كان سيدنا يوسف عليه السلام جميلاً في خَلْقِهِ وَخُلِقِهِ. وللعلم فالجمال يختلف من شخص لآخر في دقة الخلق في البياض أو في خفة الدم (الروح) أو في لون العينين... إلخ وربما أدق من النانومليميتر (بما معناه اصغر من 1 على 1000000000(ألف مليون) من المليميتر وربما أدق وأصغر من ذلك. كلمة راودته تُذَكِرُنِي بمراودة الأسد لفريسته من مكان لآخر(يتلبد، يختبيء، يمشي بهدوء وسكون حتى لا تُسْمَع حركته وتنتبه له الفريسة، ويتحين الفرصة المناسبة للإنقضاض عليها ... إلخ حتى ينال منها ولا تفلت منه). وهنا في هذه الآية تعني المراودة المحاولة لأكثر من مرة في أكثر من موقف من إبداء الرغبة الجنسية الجامحة والمتعطشة والشديدة من قبل إمرأة العزيز (زليخا) في قضاء حاجتها من سيدنا يوسف علية السلام. بل ومحاولة إغرائه للوقوع في الرغبة فيها ... تارة بالترغيب والإغراء وبكل وسائله لأنها كانت فائقة الجمال وتارة أخرى بالترهيب لكونها إمرأة عزيز مصر وسيدة مصر. وهنا لا بد من التنويه بأن الله سبحانه وتعالى لا يفضح عباده بل يستر عليهم فقد كان قوله واضحاً: التي هو في بيتها، لم يذكر إسمها وقال هو ولم يذكر إسمه، ولم يذكر الله وصفها ولا وصفه بل قال التي هو في بيتها. كما تتجلى في هذه الآية قمة المخاطبة الإلهية الأدبية فقال تعالى ... عن نفسه ... والمعنى واضحاً(أي طلبت منه أن يواقعها جنسياً حيث هاج بها هائج الغرام ودعته إلى نفسها دعوة لا هوادة فيها وصارحته بالأمر بكل وضوح وربما كانت سابقاً غير واضحة في إظهار رغبتها الجنسية به كما هي واضحة في هذه الآية).
 
وغَلَّقت الأبواب (كلمة غَلَّقت مشددة) أي غلقت الأبواب جميعها المؤدية إلى غرفة نومها ولا يهمنا كم عدد الأبواب ولكن الواضح أنه كان أكثر من باب تم إغلاقها بالمغاليق وغيرها من أدوات الإغلاق أي إحتاطت للأمر بتخطيط وتدبير وتفكير الإنسانة المتعطشه لجماع سيدنا يوسف حتى لا يفلت منها. وقالت: هيت لك، أي حضرت نفسها له كما تحضر العروس نفسها لعريسها ليلة الدخلة كما وحضرت في غرفة نومها له كل ما يجتاج من طعام وشراب ومغريات الجو الرومانسي. فقال لها سيدنا يوسف: معاذ الله طالباً العون من الله أن يحفظه من الوقوع في الزنا لأنه في عنفوان شبابه وقمة رغبته الجنسية ... إلخ. فلا أحد يستطيع أن يطعن في قدراته العقلية والجسمية والجنسية ... إلخ لأنه كان مهيأً للنبوة. تخيلوا كم الموقف صعب جداً للغاية إمرأة عزيز مصر وفائقة الجمال وبيدها الأمر والنهي ومن يستطيع أن يرفض لها طلباً مثل هذا الطلب؟. فأعانه الله على القول: إنه ربي لو أخذنا المهنى الأول (عزيز مصر) أحسن مثواي في التبني والتربية والرعاية ... إلخ وإذا أخذنا المعنى الآخر أن سيدنا يوسف يقصد بربي أحسن مثواي الله فالمعنى يكون أن الله سخر له عزيز مصر ليتبناه ويربيه أحسن تربية. 
 
وتابع سيدنا يوسف قوله: إنه لا يفلح الظالمون (الظلم يعني وضع الشيء في غير مكانه أو إعطاء الشيء لغير مستحقيه) وكأنه يقول: وكيف لي أن أفعل هذا الفعل الذي تأباه النفس البشرية السليمة وأسيء واخون من أحسن مثواي وفي من؟ في زوجه التي ربتني وأنا صغيرا إبناً لها. وإن فعلت ذلك، أكون خنت الله ربي أولاً وخنت العزيز ثانياً ولم أحسن له كما أحسن لي ويقول الله تعالى (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (الرحمن: 60)). وكأن سيدنا يوسف يقول: أريد أن أكون ممن يرضى الله عنهم وأكون من المفلحين الذين يفوزون بالجنة. عن أبي هريرة قالَ: قالَ رسُولُ اللَّه ﷺ: سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إِمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّه تَعالى، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌفي المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه: اجتَمَعا عَلَيهِ، وتَفَرَّقَا عَلَيهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ، وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخافُ اللَّه، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأَخْفَاها، حتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينهُ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ متفقٌ عَلَيْهِ. اللهم إجعلنا من هؤلاء السبعة. ولو وقع هذا الأمر فسوف لا ولم ولن يكون سهلاً لا على عزيز مصر ولا على زوجه سيدة مصر في ذلك الزمان ولا في حق سيدنا يوسف عليه السلام. ولنا متابعة في مقالة الجزء الثاني.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد