اَللهُمَ إِجْعَلْنَا مِنَ اَلُوُجُوهِ المُّسْفِرَةٌ، الضَاحِكَةٌ المُّسْتَبْشِرَةٌ.

mainThumb

05-01-2020 11:34 AM

 كل شيء خلقه الله له بداية وله نهاية  وله ظاهر وله باطن ... إلخ إلا الله سبحانه وتعالي (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(الحديد: 3)). خلق الله السموات والأرض في ستة أيام ثم إستوى على العرش (إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (الأعراف: 54)). والسموات والأرض لهن بداية ونهاية (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (الأنبياء: 104)). لهذا وجب علينا أن نتيقن بأن لِكِلِ شَيْءِ بِدَايَةٍ وَنِهَايَةٍ في هذه الدنيا. ولنضرب بعض الأمثال: لكل يوم بداية ونهاية كما نعلم جيداً، ولكل شهر بداية ونهاية، ولكل فصل من فصول السنة بداية ونهاية ولكل سنة بداية ونهاية ولهذا يحتفل الناس في بداية أي سنة جديدة ويحتفلون في نهايتها بطريقة أو أخرى. والذي يحدد بداية ونهاية كل شيء في الحياة الدنيا هو ما كتبه الله لكل شيء من عمر (أي عدد من الثوانٍ، الدقائق، الأيام، الأسابيع، الشهور أو السنوات). وكل ذلك يعود للزمن الذي حدد كل أنواع التوقيت التي ذكرناها وربما أصغر من ذلك وأكبر.

 
وأهم مخلوق من مخلوقات ربنا في هذا الكون والذي خلق الله السموات والأرض من أجله هو الإنسان (سيدنا آدم عليه السلام) الذي جعله خليفته في الأرض (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (البقرة: 30)). وهذا الإنسان له بداية ونهاية: آدم عليه السلام كان له بداية ونهاية وكذلك من خلفه من نسله من الأنبياء والرسل وغيرهم ممن طالت أعمارهم وقصرت، كان لكل منهم بداية ونهاية. والذي ينقص ولا يزيد كما ذكرنا في مقالات لنا سابقاً هو العمر الذي حدده الله لكل شيء خلقه من مخلوقاته (وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (القصص: 88)). ولكن للأسف الشديد بعض بني آدم الذين كرَّمهم الله وخلقهم في أحسن صور وسخَّر لهم ما في السموات والأرض ينسون أن لهم نهاية ويتجبرون في الأرض ويقتلون ويذبحون غيرهم من بني آدم تحت شعارات مختلفة بعضها دينية وبعضها سياسية وغيرها (قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ، مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ، مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ، ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ، ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ، ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ، كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ، فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ، أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا، ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا، فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا، وَعِنَبًا وَقَضْبًا، وَزَيْتُونًا وَنَخْلا، وَحَدَائِقَ غُلْبًا، وَفَاكِهَةً وَأَبًّا، مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ، فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ، يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ، وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ، وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ، وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ، ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ، وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ، تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ، أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (عبس: 17 – 42)).
 
فنسأل الله أن تكون نهايتنا في أعمال الخير التي تُرْضِي الله عنا وأن لا يميتنا الله ميتة تشمت الأعداء بنا. وعندما نعود إلى الله نعود بوجوه كما قالت الآيات السابقة من الوجوه المُّسْفِرَةٌ، الضَاحِكَةٌ المُّسْتَبْشِرَةٌ، وَليس من الوُجُوهٌ التي عَلَيْهَا غَبَرَةٌ، تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ، الذين هُمُ من الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد