لِمَاذَا لَمْ يَبْسُط اَلله اَلْرِزْقَ لِجَمِيْعَ عِبَادِهِ عَلَى نَفْسِ اَلْمُسْتَوَى؟

mainThumb

31-01-2020 09:57 AM

 ذكرنا في مقالاتٍ لنا سابقاً أن الله حدد أمور ثلاثة العمر والرزق وسعيد أم شقي لكل عبد من عباده عندما بلغ في رحم أمه مائة وعشرون يوماً. وكما ذكرنا أيضاً أنه لا يحق لأي عبد من عباد الله أن يعترض على أي أمر قضاه الله لأي مخلوق من مخلوقاته أو أي أمر فعله الله أو يفعله أو سيفعله في المستقبل في هذه الحياة الدنيا (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (الأنبياء: 23)). وكما أعلمنا الله في كتابه العزيز أنه أعطانا كتالوج هذا الكون (إذا جاز لي هذا التعبير) وهو القرآن الكريم والذي يصلح لكل زمان ومكان وفيه جواب لكل سؤال من أي عبد من عباده. ولكن طبيعة الإنسان الجدل في كثير من الأمور وبدون وجه حق (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (الكهف: 54)). ولكن العقل والمنطق يقولان: لو جعل الله جميع عباده على نفس المستوى من الرزق والغنى لما جعل منا أطباء ومهندسين وأعضاء هيئة تدريس وفنيين وعمال نظافة ... إلخ ليسخرنا لبعض البعض ونخدم بعضنا بعضاً (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (الزخرف: 32)). وقد أكد لنا الله ذلك في الآية (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (الأنعام: 165))، فقد تم التوضيح لنا أن الله رفع بعضنا على بعض درجات في كل شيء ليكون هذا الرفع فيه إبتلاء لنا في هذه الدنيا فيما إذا إستخدمنا هذا الرفع فيما يرضى الله أو فيما يغضبه.

 
كما أن الله سبحانه وتعالى أخبرنا في آيات عديدة في القرآن لماذا لم يبسط الرزق لجميع عبادة؟ ومنها ( وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (الشورى: 27)) حتى لا يبغون في الأرض وقد عايشنا عدد من عباد الله ممن بسط الله الرزق لهم وأصبحوا ملتي مليارديريين وتجبروا وأفسدوا في الأرض كثيراً وبالتالي أصبح بعضهم لا يملك قوت يومه. كما ذكر الله في آية أخرى (إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (الإسراء: 30))، فيبسط الله الرزق لمن يشاء من عباده ويحسنوا التصرف فيه ويقدمون المساعدة لكل من يحتاجها ويقدر أي يعطي يمقدار محدد ومقنن لعباده لأنه لو بسط لهم الرزق لطغوا في الأرض. وقال الله في الآية ( قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (سبأ: 39)) ويذكر الله هنا أن من ينفق في سبيل إرضاء الله مما رزقه الله فهو يكون له  رصيدا في حساب الآخرة. وحول نفس هذا الموضوع جاءت هذه الآية (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (العنكبوت: 62)). وليعلم كل إنسان ممن أنعم الله عليهم أنه سيحاسب في الآخره على هذا النعيم (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (التكاثر: 8))، ولهذا السبب طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعيش فقيراً وأن يتوفاه الله فقيراً حتى لا يحاسب على أي نعيم من نعم الدنيا لم يحسن التصرف به بقصد أو بغير قصد. وليعلم كل إنسان أن كل شيء في الحياة الدنيا زائل وفانٍ والباقية هي الآخرة (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (الرحمن: 26 و 27)) فالكيس من دان نفسه وعمَّر رصيده في حساب الآخرة الذي يفيده يوم الحساب.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد