أنجبت قاتلي

mainThumb

19-07-2020 11:35 PM

نزولاً إلى القاع المزدحم بالعقول الملوثة ، مرورا بمحطات التبرير غير المنصفة نجد أن إستباحة دم الأنثى بصرف النظر عن صلة القرابة هو المنفذ الأول لدفع العار في مجتمعاتنا المتهالكة المبادئ والقيم والأخلاق والإنسانية ، كيف لا ؟ نحن ومنذ الطفولة وذاك المثل يتسرب إلى مسامعنا بعد كل جلسة حوارية او مشهد تمثيلي يتعلق بالأنثى "صدق يلي قال هم البنات للمات" ، وكأن التراث يؤصل ويورث معتقداته المغلوطة جيلا بعد جيل .

إذا أردنا أن يصمت الجميع كي نتكلم فلن نتفوه بكلمة أبدا ، الكل يثرثر برأيه الممزوج بين العادات والتقاليد الظالمة وبين الإستشهاد بنصوص الأديان وتفسيرها بغير موضعها لإرضاء أهواءه المشوهة البعيدة كل البعد عن مقصد الدين ، لا يوجد في الأديان ما يبيح لأبٍ أو أخٍ أو زوجٍ أن يقتل مهما كان السبب ، إن الحكم للقضاء وحده إن ثبتت الجريمة وقع الحد وإلا فلا جناح عليه .

الجميع شركاء في الجريمة التي وقعت وفي الجرائم التي ستقع لأن مجتمعاتنا ما هي إلا عيون تترصد المشهد وتقيمه عن بعد، دون البحث في الحيثيات و الدوافع وما آلت إليه الظروف للوصول إلى هنا ، إن هربت الفتاة قالوا "ابصر شو عاملة" وإن انتحرت قالوا "الله لا يردها" ، وإن خرجت عن صمتها و انتزعت حقها من أهلها قالوا "هاي البنت ما بتستحي" ، كل أبواب النجاة مؤصدة .

في مجتمعي العار لا يلحق إلا ذوات البشرة الناعمة والصوت الرقيق ، لا يلحق إلا من حملت في رحمها نصف المجتمع لتنجب لنفسها صفعات مؤجلة تجعلها تدفع ضريبة حصادها بأبشع الطرق ، "الشرف" لا يصان بإراقة الدماء إلا اذا كنت ناقص شرف ، والرجولة هي عندما جاءت ابنةٌ لعبد الله بن مسعود، وهي جاريةٌ صغيرة؛ فضمَّها إلى نحره، ثم قبَّلها، وقال: "يا مرحبًا، يا سترَ عبدِ الله من النار" .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد